وزير جزائري يسخّر الدين لخدمة الأجندة السياسية

وزير الشؤون الدينية يثير الغضب بتفسير حديث نبوي لمصلحة الجزائر ضد المغرب.
الخميس 2024/08/22
خرجة على المقاس

أثار وزير الشؤون الدينية الجزائري ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي بعد تفسيره حديثا نبويا على أنه إشادة بالجزائر، غير أن محاولاته الدعائية قوبلت باستنكار وسخرية قلبت الدعاية إلى هجوم على السلطات وانتقادها.

الجزائر - تسبب وزير الشؤون الدينية الجزائري يوسف بلمهدي في استياء واسع على مواقع التواصل الاجتماعي بعد استخدامه حديثا نبويا فسّره على هواه للإشادة بالجزائر والترويج للسلطة بطريقة خارجة على المنطق لا تستند إلى دليل أو برهان، في سياق ما أسماه “تاريخ الجزائر الحافل بالبطولات”.

وانتشر مقطع الفيديو الذي يفسر فيه الوزير الجزائري حديثا نبويا على الشبكات الاجتماعية، في ما أجمعت التعليقات على استنكار المحاولة الواضحة لاستغلال العاطفة الدينية لدى الشعب الجزائري من أجل خدمة أجندات سياسية ضيقة.

وأكد ناشطون أن الوزير يستخدم خطابًا شعبويا يحاول من خلاله تزييف الوعي وتضليل الرأي العام، وهو أسلوب اعتاده النظام الجزائري في التعامل مع قضايا مصيرية تتطلّب المصداقية والموضوعية.

وقال ناشط:

NawafMisferIl@

صدق أو لا تصدق

وزير الشؤون الدينية الجزائري

يقول إن النبي مدح الجزائر

“اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس ثم اكذب.. ثم اكذب حتى تصدق نفسك”.

واعتبر آخرون أن كلام الوزير محاولة لتشتيت الانتباه عن حديث الرئيس عبدالمجيد تبون الذي قال فيه إنه يعتزم إرسال الجيش إلى غزة وأثار ضجة واسعة بعد أن تنصلت وسائل الإعلام محلية منه، وقال أحدهم:

FILLALI_DC@

هذه الخرجة مدروسة لتغيير البوصلة من خطاب الرئيس تبون الأخير إلى هذا الوزير.

وعلق مغرد:

ChawkiBenzehra@

“رسول الله ﷺ مدح #الجزائر وانتقد تطبيع #المغرب” هذا التصريح الفضيحة صدر صباح اليوم من وزير الشؤون الدينية الجزائري ساعات بعد مطالبة الرئيس الجزائري المعين #تبون مصر بفتح الحدود ليحرر #الجيش_الجزائري غزة، الهوس بالجارة الغربية #المغرب حالة مرضية كما أقول دائما بالنسبة إلى النظام الذي جعل بلدنا أكبر مسخرة فوق وجه الكرة الأرضية.. مع العلم أن فرنسا وضعت لأول مرة تسمية الجزائر سنة 1839 أي 12 قرنا بعد وفاة النبي محمد.

وسخر ناشط:

ouamoussi@

وزير الشؤون الدينية في الجزائر لديه مصادر دينية تعود إلى حقبة ما قبل الهجرة بثلاث عشرة سنة، فقد اكتشف أن “رسول الله ﷺ كان يمدح الجزائر وينتقد تطبيع المغرب مع إسرائيل“!

سامحنا يا رسول الله، فيبدو أن الوزير الجزائري للشؤون الدينية قد تخطى الزمن بمراحل، ليصبح وزير شؤون دينية لعصره… ولعصر غزوة بدر أيضاً.

وكتب مغرد:

IssamElazizi@

وزير الشؤون الدينية #الجزائري يحرّف حديث النبي (ص) فقط ليقحم اسم الجزائر بدل المغرب

أصبحنا نستمتع في المغرب بأوجاعكم.

وقال آخر:

mastafayoussef@

المتأمل في حال الإعلام الجزائري يظهر له بما لا يدع المجال للشك هو جنون العظمة والدعاية الاشتراكية لسنوات الستينات وحال هذا البلد يشبه كثيرا حال مصر قبل هزيمة 67 وكان إعلامها يتغنى بتصنيع الصواريخ والطائرات الفنكوشية.

وحاول الوزير بلمهدي إصباغ صفة الوطنية والقومية على دور الأئمة خلال إشرافه على لقاء جمعه بأئمة وإطارات قطاعه في إطار الاحتفاء باليوم الوطني للمجاهد المرتبط بالحدثين التاريخيين الموافقين ليوم 20 أغسطس لسنتي 1955 (هجومات الشمال القسنطيني) و1956 (مؤتمر الصومام)، وقال إن الأئمة والعلماء “يلعبون دورا كبيرا في غرس الوعي في نفوس الأجيال للحفاظ على وطنهم والاعتزاز بمكتسباته وقيمه التاريخية”.

وتبدو الزيارة غير بعيدة عن الدعاية والغايات الانتخابية مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقررة في السابع من سبتمبر القادم، حيث كان بلمهدي يرافق مستشار رئيس الجمهورية المكلف بالشؤون الدينية والزوايا والمدارس القرآنية محمد حسوني، حيث أشاد بدور علماء الجزائر “إبان الاستعمار الفرنسي في الذود والدفاع عن الوطن والمساهمة بشكل كبير في الحفاظ على الهوية الوطنية والمرجعية الدينية التي لم يحيدوا عليها”.

وقال بلمهدي إن الأئمة اليوم مدعوون أكثر من أيّ وقت مضى للتصدي لحملات التشكيك التي تطال الجزائر خاصة عند كل موعد أو استحقاق هام، وهي “محاولات تهدف للتقليل من المكانة الكبيرة التي صنعتها الجزائر بنفسها وبفضل أبنائها من المجاهدين والشهداء”.

وأضاف الوزير في معرض حديثه أمام الحضور في هذا الملتقى من أئمة وشيوخ زوايا، أن “الجزائر لها تاريخ يجب أن نفتخر به وحضور دولي في عدة قضايا ناضلت من أجل إنصافها على غرار القضية الفلسطينية، ولها من المكاسب ما يجعلها محل حسد وعداء يجب أن نقابله بوعي كبير من أجل حماية تربة الوطن الطاهرة المسقية بدماء الشهداء”.

الدعاية الجزائرية بدأت في التغلغل داخل مواقع التواصل، بما فيها يوتيوب، وذلك من خلال بروز قنوات تروّج بشكل واضح للخطوط العريضة للسياسية الخارجية

وأعرب رواد مواقع التواصل الاجتماعي أن خطاب الوزير لا يخرج عن التصريحات الشعبوية المكررة للمسؤولين في البلاد كل من موقعه، لكن الخطير أن يتم استغلال الدين بهذه الطّريقة الفجّة لأغراض سياسية والمفارقة أنها مكشوفة لا تنطلي على أحد وهو ما يعد استخفافا بعقول الشعب الجزائري الذي بات يدرك جيدا محاولات النظام للتلاعب به. وأضافوا أنّ ما يحتاجه الشّعب الجزائري في هذه المرحلة هو خطابٌ سياسي رشيد يرتكز على المصارحة والمكاشفة بعيدا عن أساليب التّضليل والكذب والافتراء.

ويؤكد متابعون أن الدعاية الجزائرية على مواقع التواصل الاجتماعي لا تكتفي بتمجيد السلطة والترويج لـ”إنجازاتها” المفترضة و”مواقفها الوطنية والقومية البطولية”، إذ أن أزمتها الأساسية تكمن في مهاجمة المغرب وفبركة الأخبار واصطياد المناسبات لتوجيه الاتهامات يمينا ويسارا كما حدث مع وزير الشؤون الدينية الذي أقحم المغرب في مناسبة لا تمت له بصلة لا من قريب ولا من بعيد.

وسبق أن كشف تقرير لمعهد بحوث إعلام الشرق الأوسط “ميمري” أن “الجزائر تسمح بشكل عادي للتصيد والحديث عن المغرب مع تسليط الضوء على رؤيتها للمجد الإقليمي والبراعة في الجوانب العسكرية، في وقت يجري فيه تقييد حرية الصحافة، خصوصا في الفترة التي تلت الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في وقت سابق”.

وأوضح تقرير المعهد الأميركي أن “الدعاية الجزائرية بدأت في التغلغل داخل مواقع التواصل الاجتماعي، بما فيها موقع يوتيوب، وذلك من خلال بروز قنوات تروّج بشكل واضح للخطوط العريضة للسياسية الخارجية، حيث يتضح أن هذه القنوات تعادي المغرب بشكل خاص، إلى جانب كل من فرنسا وإسرائيل”.

وبيّن التقرير أن “هذه القنوات تشترك في كونها تمزج بين المواضيع الرياضية والسياسية، حيث برزت بشكل كبير عند حديثها عن الزلزال الذي ضرب المغرب في شهر سبتمبر الماضي، على اعتبار أنها ركزت بشكل سلبي على الحكومة المغربية وقدمت ادعاءات جامحة ضد الرباط وسلطاتها، في وقت حققت فيه هذه القنوات، بما فيها ‘قناة ابن الدولة الجزائرية’ التي يبلغ عدد مقاطع الفيديو بها 1200 مقطع، حوالي 280 مليون مشاهدة”.

وبين ألبرتو فيرنانديز، مؤلف التقرير، أن “النهج الأكثر شعبوية وفظاظة يوجد لدى قناة ‘ميديا دزاير’ التي حققت حوالي 243 مليون مشاهدة من خلال تمجيد الجيش والسلطة الجزائرية ومهاجمة المغرب، كما أن هذه القناة تحاول دائما التعامل مع الرموز المغربية بنوع من الهزل والسخرية”.

وأضاف فيرنانديز أنه “من الواضح أن الجمهور الرئيسي لهذه القنوات هم الجزائريون أنفسهم، خصوصا فئة الشباب أقل من 25 سنة الذين تسجل لديهم مستويات مرتفعة من البطالة، في وقت لم تنجح فيه مكاسب الطاقة في إيجاد حل لهم”، معتبرا أن هذه المنافذ الرقمية “تقدم خدمة حاسمة للدولة الجزائرية في إعداد الجماهير للحرب وإغرائهم بالأوهام السياسية الملفقة، حيث تبقى هذه الدعاية غير مكلفة لها”.

5