وزير الدفاع اللبناني يتحدى: لن أؤجل تسريح قائد الجيش

بيروت - أعلن موريس سليم، وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، من بكركي عن رفضه تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جوزيف عون، على الرغم من الظرف الحساس الذي يمر به لبنان نتيجة تجدد المواجهات بين حزب الله وإسرائيل على الحدود، وسط مخاوف من اتساع نطاقها.
وحملت تصريحات سليم، الذي ينتمي إلى التيار الوطني الحر بزعامة جبران باسيل، نبرة تحدّ سواء كان للأطراف الداخلية الراغبة في التمديد لقائد الجيش لتفادي الفراغ في المؤسسة العسكرية أو للمجموعة الخماسية المتمثلة في الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر.
وجاءت تصريحات وزير الدفاع بعد لقاء جمعه بالبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الذي سبق وأن هاجم بشكل غير مباشر موقف التيار الوطني الحر، لجهة معارضته للتمديد لعون.
وقال الوزير اللبناني “إنني أكّدت للبطريرك الماروني أنّ التعيين في موقع قيادة الجيش الحساس لا ينتقص من دور رئيس الجمهورية العتيد”، مشيرًا إلى أنّ صلاحيات رئيس الجمهورية تخول له تعديل هذا الأمر لاحقًا.
وأوضح أنّ “الراعي يفضل أن يكون هناك رئيس للجمهورية حين يتم تعيين قائد للجيش”، مشددًا على أنّه “في إطار صلاحياتي لا يسمح لي بتأخير تسريح أي عسكري وخصوصًا قائد الجيش”. وأشار إلى أنّ “مجلس النواب لا يمدد لقائد الجيش بل يعدل المادة التي تحدد سن التقاعد”.
وذكر سليم “لا أريد أن أترك المؤسسة العسكرية بأي حالة من حالات الشغور ولكنّ التمديد لقائد الجيش لا يسمح به قانون الدفاع والأمر يحتاج إلى تعديل القانون وهذا غير متوفر حاليًا”، لافتا إلى أنّ “التقاعد حكمي في قيادة الجيش بموجب ما ينص عليه قانون الدفاع الوطني والحالات الخاصة التي ينص عليها القانون لا تنطبق على الاستحقاق الحالي ومن المستحيل تخطيها مهما كانت المبررات”.
وقال “سعيت مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لملء الشواغر في المجلس العسكري، ومصير قيادة الجيش يتوقف على خطوات الحكومة ومجلس النواب، وقمت بكل ما في وسعي ضمن إطار قانون الدفاع وصلاحياتي”.
من جهته أشار الراعي، خلال لقائه وزير الدفاع، إلى أنّ “هناك أرزة كبيرة في الديمان انكسر رأسها وكل غصن فيها يحاول أن يكون هو الرأس، وهكذا نحن في لبنان”، فيما يعكس واقع أن كل طرف سياسي يحاول أن يفرض سلطته ويحتكر القرار في البلاد.
ويرى متابعون أن الموقف الذي عبر عنه وزير الدفاع من التمديد لعون يعكس في واقع الأمر موقف باسيل الذي كان له قبل يوم لقاء عاصف مع المبعوث الفرنسي للبنان جان إيف لدوريان، حيث رفض رئيس التيار الوطني الحر رسالة نقلها المسؤول الفرنسي من الخماسية الدولية وتؤكد على ضرورة التمديد لقائد الجيش.
وتقترب ولاية قائد الجيش العماد جوزيف عون من نهايتها، ومن المفترض أن تكون في العاشر من يناير المقبل، وسط مخاوف داخلية وخارجية من فراغ في قيادة الجيش في ظل وضع أمني ملتهب في المنطقة ولا يمكن التكهن بمآلاته جراء ما يحدث في الأراضي الفلسطينية.
ويستغل باسيل صلاحيات وزير الدفاع الذي ينتمي إلى تياره من أجل الحيلولة دون التمديد لعون لحسابات سياسية في علاقة بإسقاط أي احتمال لوصول الأخير إلى قصر بعبدا، حينما تسمح الظروف بحسم قضية رئاسة الجمهورية.
كما يريد باسيل أن تكون له اليد الطولى بالنسبة إلى التعيينات الأمنية والعسكرية، ويبدو وفق المتابعين أنه مستعد لأخذ المؤسسة العسكرية إلى الفراغ كما هو حاصل حاليا بالنسبة إلى رئاسة الجمهورية في حال لم ينجح في ضغوطه.
وكشفت مصادر لبنانية أن اللقاء الذي عقد الخميس بين لودريان وباسيل كان متوترا ولم يستمر سوى عشر دقائق، غادر بعدها الضيف الفرنسي وهو غاضب.
ونقلت صحيفة “الأخبار” اللبنانية عن المصادر قولها إن الموفد الفرنسي وخلال الحيز الزمني القصير من اللقاء كان سريعاً في الانتقال من بحث الملف الرئاسي، الذي يُفترض أنه أساس مهمته، إلى موضوع التمديد للعماد عون. فعاجل باسيل بسؤاله عن موقفه من التمديد، وبأنه الوحيد الذي يعارض الأمر، مع “كلام غير مقبول دبلوماسيا” فُهم منه أنه إشارة إلى تداعيات غير جيدة لهذا الموقف.
وشدّد لودريان على أن الفراغ في قيادة الجيش “يمسّ بأمن لبنان وبأمن فرنسا وأوروبا”.
باسيل يريد أن تكون له اليد الطولى بالنسبة إلى التعيينات الأمنية والعسكرية، ويبدو وفق المتابعين أنه مستعد لأخذ المؤسسة العسكرية إلى الفراغ
وذكرت الصحيفة القريبة من حزب الله أن باسيل استغرب تدخل فرنسا في تعيين قائد للجيش في لبنان، وسأل الضيف الفرنسي عن “المنطق الذي تدعوننا وفْقَه إلى مخالفة القانون والدستور، في وقت تقولون فيه إنكم تريدون منّا إجراء إصلاحات وإقامة دولة قانون”.
وتحدث عن أن موقف التيار من التمديد لعون لا علاقة له بشخص قائد الجيش، “وهذا كان موقفنا من التمديد للنواب عام 2009 ومن التمديد للمدير العام للأمن العام السابق اللواء عباس إبراهيم”.
وأضاف باسيل “ربما كان لنا كلام آخر لو لم تكن هناك مخارج قانونية. ولكن في ظل وجود هذه المخارج، فإنّ أحداً لن يجبرنا على تغيير موقفنا حتى لو بقينا وحدنا. وإذا كنا فعلاً وحدنا، فاذهبوا ومدّدوا له ولا تنتظرونا”.
وبحسب مصادر مطّلعة، فإن لودريان كان ناقلا لموقف دول اللقاء الخماسي، وليس ممثّلاً لموقف بلاده، خصوصا وأن باريس باتت أقل تأثيرا بعد فشلها في التعامل مع الملف اللبناني منذ عام 2020، وبعد انحيازها إلى جانب إسرائيل في الحرب على غزة، فضلاً عن “انفراط عقد خليّة الإليزيه التي كانت مكلفة بمتابعة الملف اللبناني بعد تعيين باتريك دوريل سفيراً لبلاده في العراق، ما يعني خروجه من الخلية، وكفّ يد برنار إيمييه عن الملف بعد خلافات كبيرة بين أعضاء الخلية”.
ويرى مراقبون أنه أمام تصلب باسيل فإن الحل المتاح هو اللجوء إلى مجلس النواب لتعديل قانوني يسمح بالتمديد لقائد الجيش، مشيرين إلى أن هذا الأمر لا يخلو من تعقيدات لاسيما بالنسبة إلى حزب الله الذي يحرص على ألا يستفز حليفه العنيد التيار الوطني الحر.