وزير الدفاع الكويتي يواجه سحب الثقة بسبب إلحاق المرأة بالجيش وصفقة "يوروفايتر"

الكويت- يواجه نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع الكويتي الشيخ حمد جابر العلي الصباح إمكانية سحب الثقة منه، من قبل نواب مجلس الأمة، على خلفية جملة من الملفات تتعلق بقرار إلحاق المرأة بالجيش وصفقة “يوروفايتر”، وقضايا تحتوي على شبهات فساد أخرى في علاقة بالتفريط في أراضي الدولة، والتعيينات.
وأعلن رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم الثلاثاء أن عشرة نواب تقدموا بطلب للتصويت على حجب الثقة عن الشيخ حمد جابر العلي الصباح، بعد استجوابه من النائب حمدان العازمي. ونقل الحساب الرسمي لمجلس الأمة على تويتر قول مرزوق الغانم إن التصويت سيتم في جلسة الأربعاء الموافق للسادس والعشرين من شهر يناير الجاري.
وشهد مجلس الأمة في جلسته العادية الثلاثاء استجواب النائب حمدان العازمي لنائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، المكون من خمسة محاور تتعلق بإقحام المرأة في السلك العسكري، وتجاهل توصيات ديوان المحاسبة حول صفقة “يوروفايتر”، وعدم التعاون مع الأجهزة الرقابية، وتجاهل الرد على الأسئلة البرلمانية، وعدم إصدار اللوائح التنفيذية لبعض القوانين والتفريط في أراضي الدولة وعدم الالتزام بقرارات مجلس الوزراء والخدمة المدنية بشأن أولوية التعيين وتطبيق سياسة الإحلال.
◙ رغم حرص وزير الدفاع على تفنيد الاتهامات الموجهة له والرد على جميع الاستفسارات بشأن المحاور الخمسة، بيد أن ذلك لم يحل دون طلب سحب الثقة منه
ويرى مراقبون أن طرح نواب سحب الثقة من وزير الدفاع لا يخلو من خلفيات سياسية في علاقة بسعي عدة أطراف لحشر الوزير في الزاوية والدفع باتجاه إقالته، حيث إن هناك كثيرين كانوا يتحفظون على إعادة تسميته في الحكومة الجديدة.
ويشير المراقبون إلى أن نواب المعارضة يحاولون استغلال الضجة التي أحدثها قرار الوزير بشأن إلحاق المرأة بالعمل العسكري، والذي أثار حفيظة القوى المحافظة المتنفذة داخل الإمارة، للدفع باتجاه تنحيته.
وكان الشيخ جابر العلي اضطر، على وقع الضغوط المتصاعدة ضده، إلى التراجع عن موقفه المتحمس لإشراك المرأة في الجيش، وأجّل الدورة التدريبية للدفعة الأولى من النساء بانتظار صدور فتوى شرعية، لكن ذلك لم يشفع له.
وأكد النائب، الذي تقدم بالاستجواب في عرضه للمحور الأول، أن قرار دخول المرأة في السلك العسكري غير شرعي، بوجود الكثير من الفتاوى المعتبرة والصادرة من كبار العلماء التي تؤكد ذلك. ورأى أن “لجوء وزير الدفاع إلى استشراف آراء علماء الدين، وتصريحه بأنه ينتظر الرأي الشرعي بعد اتخاذ القرار أمر معيب، وكان الأجدر به أن يستطلع الرأي الشرعي قبل اتخاذه أي قرار بهذا الخصوص”.
واعتبر النائب أن “عمل المرأة في الجيش يتنافى مع فطرتها، وأنه وفقا للدراسات الغربية توجد مشاكل في الدول الغربية التي تسمح بانضمام المرأة إلى الجيش، من تحرشات واعتداءات وغيرها من المشاكل الأخرى، كما أن دخولها ميدان القتال يعرضها للأسر”.
وقال إنه سبق أن وجه أسئلة إلى وزير الدفاع بشأن هذا المحور ولم يرد على أسئلته، فضلا عن حديثه المباشر مع الوزير بأن إقحام المرأة في السلك العسكري لا يجوز عرفا وغير مقبول من الناحية الشرعية.
ورد وزير الدفاع على استجواب النائب بالقول إن قرار إلحاق المرأة بالجيش سيقتصر على “هيئة الخدمات الطبية والهندسية والفنية وباقي التخصصات الفنية التي تعمل بها المرأة في الوقت الراهن”، لافتا إلى أن المرأة الكويتية أثبتت كفاءتها وتحليها بالانضباط خلال عملها في حرس مجلس الأمة ووزارة الداخلية.
وشدد الشيخ جابر العلي “أؤمن بدور المرأة، ورغم تأكدي من قرارنا إلا أنني أجلت انطلاق دورة التحاق المرأة الكويتية حتى ورود الآراء والضوابط الشرعية من قبل هيئة الفتوى بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية”، مشيرا إلى أن القرار لم يغير من طبيعة عمل المرأة، إذ لم يتطرق القانون إلى حمل السلاح وملاحقة الأعداء، بل كان القرار واضحا محددا في ما يخص تلك التفاصيل.
وإلى جانب قرار إلحاق المرأة بالجيش، فقد تطرق النائب في استجوابه إلى صفقة “يوروفايتر” الإيطالية، وقال العازمي إن “الوزير تجاهل توصيات ديوان المحاسبة بشأن محاسبة المتورطين في الصفقة”، مشيرا إلى أن “لجنة التحقيق بدأت عملها منذ أكثر من ثلاث سنوات وإلى الآن لم تنته من عملها”.
واعتبر أن “صفقة يوروفايتر من كبرى الصفقات العسكرية التي تحوم حولها الشبهات في التاريخ”، لافتا إلى أن عدد الطائرات المتعاقد عليها 28 طائرة، قيمتها 9 مليارات دولار، تم استلام طائرتين منها فقط. وأشار إلى أنه بالمقارنة مع المملكة السعودية التي اشترت 72 طائرة بـ9 مليارات، فيما اشترت قطر 24 طائرة بـ5 مليارات إسترليني وسلطنة عمان 24 طائرة بمبلغ 2.24 مليار دولار، فإن كلفة هذه الصفقة الكويتية كانت باهظة.

حمدان العازمي: عمل المرأة في الجيش يتنافى مع فطرتها
وتساءل العازمي “لماذا تم تسلم الصفقة في ظل تشكيل لجنة تحقيق وعدم وجود موافقات من الجهات الرقابية”، معتبرا أن هذا مساس مباشر بحرمة الأموال العامة. وأشار إلى وجود لغط كبير في الشارع الكويتي عن مبلغ العمولة التي سيحصل عليها الوسطاء، والذي وصل إلى 450 مليون دينار.
إلى جانب ذلك، اتهم النائب المعارض وزير الدفاع بعدم التعاون مع الأجهزة الرقابية وتجاهل الرد على الأسئلة البرلمانية وعدم إصدار اللوائح التنفيذية لبعض القوانين، مشيرا إلى أن خمسة وتسعين في المئة من المخالفات الواردة من ديوان المحاسبة لم يتم الرد عليها من وزارته.
واعتبر أن وزير الدفاع لا يعلم شيئا عن الأراضي المملوكة لوزارته، ولم يطبق تعميم وزارة المالية الخاص بضرورة حصر الأراضي التابعة لوزارته. ووأضح في ما يتعلق بالمحور الخامس، أن الوزير لم يلتزم بقرارات مجلس الوزراء والخدمة المدنية بشأن أولوية التعيين وتطبيق سياسة الإحلال، حيث إن هناك 3976 وافدا يعملون في وزارة الدفاع مقابل 2600 كويتي.
ودافع الشيخ جابر العلي عن موقفه في ما يتعلق بصفقة يوروفايتر، مؤكدا أنه أحال جميع التوصيات والملاحظات التي أوردتها لجنة التحقيق التي تشكلت في عهد وزير الدفاع الأسبق الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح، إلى الهيئة العامة لمكافحة الفساد “نزاهة”، مشيرا إلى أن الاتهامات الواردة بشأن التفريط في أراضي الدولة غير صحيحة، حيث “لا يحق للوزارة أو الوزير التنازل عنها لأفراد”.
ورغم حرص وزير الدفاع على تفنيد الاتهامات الموجهة له والرد على جميع الاستفسارات بشأن المحاور الخمسة، بيد أن ذلك لم يحل دون طلب سحب الثقة منه، وسط استبعاد أن يتمكن النواب من ذلك في ظل رجوح الكفة النيابية لصالح الحكومة.
ويتطلب سحب الثقة أن يصوت ضد الوزير أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس ما عدا الوزراء، حيث لا يشترك الوزراء في التصويت على الثقة بزميلهم، رغم أنهم جميعا يعتبرون نوابا في البرلمان.