وزير الخارجية السوري يزور بغداد لتدشين مرحلة جديدة في العلاقات

تحفظات بعض القوى السياسية الشيعية الولائية تقف وراء عدم تحديد موعد زيارة الشيباني للعراق رغم تلقيه دعوة رسمية.
السبت 2025/02/22
زيارة ستحدد العلاقة الدبلوماسية بين بغداد ودمشق للمرحلة المقبلة

بغداد/دمشق - تترقب العاصمة العراقية بغداد الزيارة الأولى لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، الذي تلقى دعوة رسمية من الحكومة العراقية، في خطوة قد تكون بداية لصفحة جديدة من العلاقات المشتركة بين البلدين، في وقت لم يحدد بعد موعد رسمي لإجرائها.

وتأتي هذه الزيارة في ظل تطورات إقليمية هامة، وتعتبر خطوة نحو تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.

ومن المنتظر أن يبحث الشيباني مع المسؤولين العراقيين خلال الزيارة العلاقات الثنائية بين البلدين وتطويرها في مختلف المجالات، ومناقشة التطورات الأمنية والسياسية الإقليمية، خاصةً الوضع في سوريا، فضلا عن التعاون في مكافحة الإرهاب وضبط الحدود المشتركة.

وتأتي الزيارة المرتقبة في ظل عدم انفتاح عراقي واضح تجاه الإدارة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، الذي لم يتلق تهنئة رسمية من العراق بشأن تسلّمه منصب رئيس سوريا للمرحلة الانتقالية، وقد تعود أسباب عدم الانفتاح العراقي لتحفظ قوى متنفذة حليفة لإيران داخل تحالف "الإطار التنسيقي" الحاكم في العراق بشأن ذلك.

وفي وقت متأخر من ليل الجمعة، أصدرت وزارة الخارجية العراقية توضيحا بشأن الزيارة المقررة للوزير السوري، مشيرة إلى أن الشيباني كان قد تلقى في وقت سابق دعوة رسمية من نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية فؤاد حسين لزيارة العراق، وأبدى الوزير الشيباني رغبته في تلبية الدعوة، مبينة أن "الدعوة تأتي في إطار بحث العلاقات الثنائية بين البلدين ومناقشة التطورات الأمنية والسياسية الإقليمية".

وأضافت الخارجية العراقية أنه "من المقرر أن يتم تحديد موعد الزيارة بعد استكمال التنسيق اللازم بين الجانبين، بما يخدم المصالح المشتركة".

وأفادت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) في وقت سابق الجمعة بأن وزير الخارجية السوري تلقى دعوة رسمية لزيارة جمهورية العراق لمناقشة عدد من القضايا المشتركة وفتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين

ويمكن إرجاع عدم تحديد موعد زيارة الشيباني إلى بغداد إلى عدة عوامل، من أبرزها التنسيق والتخطيط، حيث تتطلب الزيارات الرسمية رفيعة المستوى تنسيقًا دقيقًا بين الدولتين، بما في ذلك تحديد جدول الأعمال والقضايا التي سيتم مناقشتها، بالإضافة إلى الترتيبات اللوجستية والأمنية. قد يستغرق هذا التنسيق وقتا، خاصة في ظل الظروف الإقليمية المعقدة.

ويشهد الشرق الأوسط تغيرات وتطورات مستمرة، مما قد يؤثر على توقيت الزيارات الرسمية. قد تؤثر الأحداث الإقليمية على أولويات الدول، مما يؤدي إلى تأجيل أو تغيير مواعيد الزيارات.

بعد سقوط نظام بشار الاسد في سوريا هناك تحفظات داخل بعض القوى السياسية في العراق على طبيعة العلاقة مع سوريا، وتفضل الحكومة العراقية التريث من اجل تبديد مخاوف بعض الدول العربية.

وأشارت وزارة الخارجية السورية إلى أن تحديد موعد الزيارة سيتم بعد "استكمال جدول الأعمال وإجراء المشاورات التقنية اللازمة لتحديد التوقيت المناسب".

يُشير هذا إلى أن هناك قضايا تحتاج إلى مزيد من التنسيق والتحضير قبل تحديد موعد الزيارة.

ويعكس تأخير تحديد موعد الزيارة حرص الدولتين على ضمان نجاحها وتحقيق أهدافها في ظل الظروف الإقليمية الراهنة.

وكان الشيباني قد أكد، الأسبوع الماضي، تلقيه دعوة رسمية لزيارة العراق وأنه "سيكون في بغداد قريبا".

ومن جانبه، أكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، قبل أيام خلال مقابلة مع قناة "فرانس 24"، أنه "وجه دعوة رسمية لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني لزيارة بغداد، وسيكون في العاصمة العراقية قريبا جدً"، مشيراً إلى أن "القمة التي سيحتضنها العراق في مايو المقبل، ستشهد توجيه الدعوة لجميع قادة الدول العربية بمن فيهم الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع".

ومنذ سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، دخلت العلاقات الرسمية بين بغداد ودمشق في حالة من الجمود، فلم تُسجّل أي لقاءات أو زيارات رفيعة المستوى بين الجانبين على الصعيد الدبلوماسي أو السياسي، وحدها زيارة رئيس جهاز المخابرات العراقي، حميد الشطري، إلى دمشق مثّلت الاستثناء البارز.

ويغيب الموقف العراقي الرسمي من التحوّل السياسي في سوريا بشكل كامل، ورغم إعلان تنصيب أحمد الشرع رئيسا للمرحلة الانتقالية، لم يتفاعل العراق حتى اللحظة مع ذلك، حيث تُعلِّل بغداد الأمر بمراقبة الوضع عن كثب واتخاذ قرار لاحق بهذا الخصوص.

وتحولت دعوة الشرع إلى القمة العربية في بغداد، إلى معضلة سياسية شائكة، حيث تنقسم الأطراف الداخلية بين معارض لاعتبارات سابقة، أبرزها ارتباطه بتنظيمات مسلحة، ما يجعل حضوره مثار خلاف داخلي، وبين مؤيد تحت بند تجاوز الماضي والتركيز على إنجاح القمة.

وكان رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني، قال إنه لا يرغب في قدوم الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع إلى بغداد حتى لا يثير غضب أحد مكونات المجتمع العراقي.

إلى ذلك، وصف مصدر في الإطار التنسيقي، في تصريح لوكالة "شفق نيوز"، ما يروج له البعض من وجود حراك داخل الإطار التنسيقي، لرفض خطوات الحكومة إزاء دعوة رئيس سوريا الانتقالي أحمد الشرع لحضور القمة العربية في بغداد، بأنه "أمر غير صحيح، وما هي سوى محاولات للتشويش على الإطار التنسيقي إلى جانب إرباك عمل الحكومة".

واستجابت الجامعة العربية لطلب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بعقد القمة العربية المقبلة في بغداد، والذي تقدم به خلال قمة الرياض في مايو عام 2023.

وأعلن السوداني، أن بغداد ستستضيف القمة العربية الـ34 في 2025، بعد موافقة الجامعة العربية وتنازل سوريا عن استضافة الدورة المقبلة لصالح العراق.

وتشهد سوريا تحركات دبلوماسية نشطة بعد سقوط نظام بشار الأسد، مع تدفق الوفود العربية والأجنبية إلى دمشق، والاتصالات التي يجريها مسؤولوها مع المحيط العربي.