وزير الخارجية التونسي: لن نقبل بالتوطين المبطن للمهاجرين

نبيل عمار يؤكد أن تونس تتعامل مع مسألة الهجرة غير النظامية بكل مسؤولية في حدود إمكانياتها.
الاثنين 2023/09/25
موقف صارم

تونس - أكد وزير الخارجية التونسي نبيل عمار رفض بلاده ما أسماه بـ"التوطين المبطن للمهاجرين غير النظاميين"، مشدّدا على ضرورة اعتماد مقاربة شاملة لمعالجة الهجرة غير النظامية تقوم على القضاء على أسبابها العميقة لا على معالجة نتائجها فقط. وقال نبيل عمار إن ظاهرة الهجرة غير النظامية احتدّت في المنطقة بسبب ضعف مستويات التنمية في العديد من دول القارة الأفريقية وطول أمد النزاعات وآثار التغيرات المناخية.

وتحولت تونس في الفترة الأخيرة، مع تنامي موجات الهجرة من سواحلها، إلى وجهة للمسؤولين الأوروبيين، بينما تقود إيطاليا جهودا لدفع الأوروبيين إلى تقديم دعم للبلاد التي تواجه ماليتها العامة اضطرابات شديدة. وأضاف عمّار، أمام المناقشة العامة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، أن تفاقم هذه الظاهرة يعود أيضا إلى أن الشبكات الإجرامية تستغل هشاشة وضع الآلاف من الأشخاص الباحثين عن فرص حياة أفضل للمتاجرة بهم.

◙ تونس تسعى من خلال رفض التوطين لتحسين شروط التفاوض مع الطرف الأوروبي ومن ثمة الاستفادة من دعم مالي أوروبي أكبر من العرض

كما شدد على ضرورة تحمل كافة الأطراف من بلدان المصدر والعبور والمقصد والمنظمات الإقليمية والدولية لمسؤولياتها في هذا الشأن، مدينا ما وصفه بالاستغلال السياسي أو الإعلامي لمعاناة ضحايا الهجرة غير النظامية من أجل خدمة الأجندات السياسية. وقال وزير خارجية تونس إن بلاده تتعامل مع مسألة الهجرة غير النظامية بكل مسؤولية في حدود ما يتوفر لها من إمكانيات، وذلك انطلاقا من تمسكها بمنظومة حقوق الإنسان واحترامها لالتزاماتها الدولية.

وأكد نبيل عمار “المضي بكل ثبات على مسار الإصلاح وتكريس الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد من أجل تصحيح وتعزيز تجربتنا الديمقراطية وأداء مؤسسات الدولة ووضع حد للتعاطي السياسي اللامسؤول لما يزيد عن عقد من الزمن”، لافتا إلى أن “ذلك يأتي استجابة لتطلعات الشعب التونسي التي عبر عنها عام 2021”. كما تطرق في خطابه إلى الحديث عن المرحلة الدقيقة التي يمر بها العالم، في ظل تزايد الحروب والصراعات وتعمق الانقسامات الجيوسياسية واستمرار أزمة مديونية الدول النامية وانتشار الفقر والجوع واتساع الهوة بين دول الشمال والجنوب وأزمة المناخ.

وتسعى تونس من خلال رفض التوطين لتحسين شروط التفاوض مع الطرف الأوروبي، ومن ثمة استفادتها من دعم مالي أوروبي أكبر من العرض السابق يساعدها على تخطي الصعوبات المالية والاقتصادية. وفي يونيو الماضي أكد الرئيس التونسي قيس سعيد خلال لقاء بوزيري الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان والألمانية نانسي فايز رفضه القاطع لتوطين اللاجئين في تونس، مجددا موقفه المتمثل في أن بلاده لن تكون حارسة لحدود أي دولة أخرى.

وشدّد قيس سعيّد على ضرورة اعتماد مقاربة جديدة بخصوص ظاهرة الهجرة غير النظامية تقوم على القضاء على الأسباب لا على محاولة معالجة النتائج، داعيا إلى تكاتف الجهود لوضع حدّ لهذه الظاهرة غير الطبيعية وغير الإنسانية. وشهدت مدينة صفاقس (جنوب شرق) تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين من دول أفريقيا جنوب الصحراء على أمل اجتياز البحر المتوسط باتجاه أوروبا، وبحثا عن حياة أفضل في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية التي تمر بها بلدانهم.

وعرفت المدينة توتراً على خلفية مواجهات بين مهاجرين غير نظاميين وسكان من المدينة، وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُظهر ضرب بعض السكان للمهاجرين، قبل أن تعمل السلطات التونسية على ترحيل بعضهم. وقال الرئيس سعيد خلال لقاء مع وزير الداخلية كمال الفقي وقيادات أمنية إن “شبكات إجرامية” مسؤولة عن عمليات الهجرة غير النظامية إلى صفاقس.

 وسبق أن ناقش الأوروبيون مقترح توطين المهاجرين غير النظاميين في عهد الرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي، كما طُرحت فكرة إقامة مركز لإيواء المهاجرين في ليبيا المجاورة، وهي أيضا نقطة عبور بحري إلى أوروبا. وأسفر العبور المحفوف بالمخاطر في قوارب مكتظة بالمهاجرين ومتداعية عن حصيلة ضخمة من الغرقى وزيادة كبيرة في عدد المهاجرين غير النظاميين الذين وصلوا إلى سواحل إيطاليا هذا العام، مما تسبب في اضطرابات سياسية في أوروبا.

4