وزير الاتصال الجزائري ينفي وجود تضييق على الحريات الصحفية والحقائق تكذّبه

الجزائر - قرر وزير الاتصال الجزائري محمد لعقاب الرد على الانتقادات التي تطال الحكومة بشأن الرقابة والتضييق على الصحافيين رافضا إياها جملة وتفصيلا، رغم كل التقارير المحلية والدولية وشهادات الصحافيين بشأنها، حتى أنه ذهب أبعد من ذلك بلوم الصحافيين على ممارسة الرقابة الذاتية طمعا بالإعلانات، على حد وصفه.
وقال لعقاب، مساء الثلاثاء، في لقاء مع مديري وسائل الإعلام العمومية والخاصة ومثقفين، عقد بمقر الوزارة بالعاصمة، إنه سأل “العديد من الصحافيين إن كان أي أحد (من المسؤولين) طلب منهم عدم الكتابة أو الاشتغال بأي موضوع، فكان ردهم أن لا أحد منعهم من ذلك".
وأضاف "حاولت التوقف عند أسباب تراجع الحريات… في الواقع، السبب غير مرتبط بالأوضاع السياسية، بل بالنشاط الاقتصادي غير المتطور بالشكل اللازم. وعندما يزدهر فستتحرر المؤسسة الإعلامية من الإعلانات الحكومية”. مشيراً إلى أن الإعلانات “تدفع الصحافيين إلى الرقابة الذاتية علهم يظفرون بها، أما اتهام الحكومة أو رئاسة الجمهورية (بالتضييق عليهم)، فهذا لم يحدث".
ويبدو حديث الوزير متناقضا من حيث اعترافه أن الأوضاع الاقتصادية للمؤسسات الإعلامية تدفعها إلى عدم تخطي الخطوط الحمراء، لعدم قطع الإعلانات عنها التي تمنحها “وكالة النشر والإشهار” الحكومية لوسائل الإعلام، وذلك في ظل انقطاع الإعلانات الخاصة في السنوات الأخيرة، بسبب ركود يعيشه اقتصاد البلاد المعتمد بشكل كبير على مداخيل بيع النفط والغاز.
ويوجد أكثر من 180 صحيفة، و30 قناة تلفزيونية عامة وخاصة، وعدد كبير من المواقع الإلكترونية، تعيش حصرياً على الإعلانات التي تمنحها الحكومة عن طريق جهازها. وذكر العديد من الصحافيين ومالكي المؤسسات الإعلامية أن “الوكالة” وسيلة في يد الحكومة لـ”مكافأة المؤسسات الإعلامية الموالية بإغداق أموال الإشهار عليها، ولتأديب المعارضين لسياساتها بحرمانهم منها”.
وتناول لعقاب قضية التضييق على الصحافة، بمناسبة إضراب في قطاع التعليم يومي 27 و28 أبريل الماضي؛ حيث تداول صحافيون في مجموعات على منصة واتساب، أن وزارة الاتصال وجهت بعدم إيلاء أي أهمية للإضراب.
وعلق الوزير على هذه المعلومات بالقول “لم أسمع بهذا الإضراب، لكن عندما سئلت عنه قلت إن الأمر يتعلق بالقانون الأساسي للمعلم الذي يوجد قيد التحضير. ورئيس الجمهورية نفسه أكد أهمية أن يكون للمعلم قانون خاص به. وقد رفض النسخة الخاصة بالقانون ثلاث مرات، وأعادها إلى وزارة التربية لمراجعتها، فهل بعد هذا يذهبون (نقابات التعليم) إلى الإضراب؟”.
كما أكد الوزير أنه عندما عبر عن موقفه من الإضراب “كنت أقصد أن الرئيس حريص على هذا الأمر (مطالب المضربين)، وأنه لا ينبغي أن يعطي الصحافيون أهمية للإضراب، لكن لم أسد توجيهات بعدم تغطيته… فكل واحد حرّ، ولا أحد من الوزارة منع الصحافيين من التعاطي مهنياً مع الإضراب".
وبخصوص اتهام بوجود توجه لعسكرة قطاع الإعلام في البلاد، نفى الوزير بشدة “وجود إرادة لعسكرة الإعلام”، لكنه لم يخف أن الوزارة طلبت من الصحافة “عدم إيلاء أهمية للإضراب". وقال "لو أرادت منعهم من ذلك، لأصدرت أوامر واضحة بهذا الخصوص".
◙ لعقاب تناول قضية التضييق على الصحافة بمناسبة إضراب في قطاع التعليم حيث تداول صحافيون أن وزارة الاتصال وجهت بعدم إيلاء أي أهمية للإضراب
وتناول لعقاب جدلا وقع في رمضان الماضي، عندما جمع مديري أكثر من 20 قناة تلفزيونية عمومية وخاصة، من أجل إبلاغهم بأن الحكومة ضاقت ذرعاً بمحتويات المسلسلات الدرامية، بحجة أنها “تحمل جرعة زائدة من العنف، والمس بأخلاق المجتمع والذوق العام”. وأوضح بهذا الخصوص أن السلطات “لم تقم محاكم تفتيش، وإنما لفتت انتباه الإخوة في القنوات الخاصة بكل محبة، إلى أن المحتوى الذي تبثه مؤسساتهم لا يلائم المجتمع”. وقال موضحاً “هذا ردي على مجموعات تقول إن الوزير يراقب، والحكومة تراقب وسائل الإعلام”. عادّاً الصحافيين "يشتغلون في بيئة صعبة، وهذا يؤثر على حريتهم ومهنيتهم".
وحلت الجزائر في المركز 142 في تقرير منظمة مراسلون بلا حدود حول حرية الصحافة لعام 2023. وهو تصنيف عدته الحكومة "جائراً في حقها ولا يعكس الواقع". ويأتي ذلك بعد أيام على الإعلان عن الانتهاء من إعداد مشروع صندوق دعم الصحافة وهو في مرحلة الإثراء النهائي ليعرض على الرئيس عبدالمجيد تبون.
وذكر الوزير في تصريح صحفي في ختام زيارته التفقدية لعدد من المؤسسات الإعلامية التابعة لقطاعه بوهران أن "إعادة إطلاق هذا الصندوق من بين التوجيهات التي قدمها رئيس الجمهورية حيث أنهينا إعداد المشروع وأرسلنا نسخا لبعض المؤسسات الإعلامية لإثرائه”. وأضاف أن "الصندوق قد جمد لعدة سنوات وسنعمل لاسترجاع الأموال التي كانت فيه ووضعها في الصندوق الجديد حتى وإن كنا قد وجدنا مصادر جديدة لتمويله غير الخزينة العمومية".
وعلى صعيد آخر أشار إلى مشروع إنشاء مجلس لآداب وأخلاقيات المهنة أنه “في الوقت الحالي أنهينا المرسوم التنفيذي الخاص بهذا المجلس في انتظار صدوره في الجريدة الرسمية". وينص المرسوم على أن هذا المجلس هو الذي يقوم بإعداد ميثاق أخلاقيات المهنة، وأضاف لعقاب موضحا "ربحا للوقت بادرت الوزارة بإعداد هذا الميثاق وسنسلم مسودة لمجلس أخلاقيات المهنة عند تنصيبه لإثرائه ومن الممكن أيضا أن يتم عرضه على الصحفيين ومسؤولي المؤسسات الإعلامية لتقديم اقتراحات وأفكار حتى يكون ميثاقا محترما يلتزم الصحفيون بتطبيقه وذلك ترسيخا لمبدأ التشاور".