وزير الاتصال الجزائري ينفي غلق القنوات التلفزيونية في وجه المعارضة

الجزائر - نفى وزير الاتصال الجزائري محمد لعقاب ممارسة ضغوطات على القنوات التلفزيونية المستقلة لمنع المعارضة من الظهور على شاشاتها.
وقال لعقاب خلال رده على انتقادات حادة وجّهها نواب كتلة أحزاب معارضة تتهم السلطة بالضغط على القنوات لمنع استضافتها قادة ومسؤولي أحزاب المعارضة لمناقشة قضايا سياسية خاصة تلك التي ترتبط بالحريات، إن “فضاء التعبير مفتوح للجميع وفقاً للضوابط المهنية”.
وأضاف وزير الاتصال الجزائري خلال تفاعله مع أسئلة النواب أثناء مناقشة مشروع القانون المتعلق بالصحافة المكتوبة والإلكترونية “ليس هناك أي قرار من رئيس الجمهورية بمنع مرور أحزاب المعارضة في وسائل الإعلام، بل العكس هو دعم الانفتاح على كل القوى”.
يأتي ذلك في وقت يتهم سياسيون وسائل إعلام بـ”مقاطعة” أحزاب المعارضة و”الامتناع” عن تغطية أنشطتها.
وفي هذا الصدد، قال رئيس حزب “التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية” (معارض) عثمان معزوز إن “وسائل الإعلام مغلقة أمام كافة نشاطات الحزب وباقي المعارضة منذ فترة طويلة”.
وتابع معزوز أن حزبه “يراسل كافة القنوات والمنصات الإعلامية العمومية والخاصة، داعيا إياها لتغطية نشاطاته على مدار السنة، إلا أن الحضور يقتصر على مؤسسات تعد على الأصابع فيما يظل غياب الآخرين دون مبرر”. وخلافا لذلك يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر محمد هدير أن “الحراك الشعبي الذي ظهر في فبراير 2019 ألغى الأحزاب السياسية ودورها في الحياة العامة بالجزائر”، مضيفا أن “الذين خرجوا للتظاهر اعتبروا الأحزاب السياسية شريكة للسلطة التي حكمتهم خلال عشرين سنة ولذلك طالبوا بحل عدد من تلك التشكيلات”.
وتبعا لذلك فإن الأمر “لا يتعلق بحالات منع بقدر ما يتعلق بعجز سياسي لدى معظم الأحزاب عن مواكبة التحولات التي يعرفها المجتمع” كما يقول هدير مستدلا على ذلك بنتائج الانتخابات التشريعية والبلدية التي “صعدت فيها أسهم الأحرار، وسجلت فيها أحزاب المعارضة نتائج جد متواضعة”.
وبينما يتهم البعض السلطات بـ”منع” المعارضة من الظهور في وسائل الإعلام، يرى هدير أنها “خطوة مستبعدة خاصة أن الرئيس يستقبل قادة تلك الأحزاب”.
وسبق أن وجه عبدالعزيز رحابي الوزير السابق وأحد المعارضين في فترة الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة نقدا لاذعا للسياسة الإعلامية المنتهجة حاليا من قبل السلطة، والتي تقوم، وفق قوله، على تكميم أفواه الأصوات المعارضة، معتبرا أن ذلك يصب في خانة دعم ما وصفها بـ”المعارضة المستترة في الخارج في النص العربي و’أوف شور’ في النص الفرنسي”.
الوزير لم يخف أن هناك نقائص في القنوات الخاصة لكن لا ينبغي أن نحكم عليها بالإعدام
وكتب رحابي في تدوينة له على فيسبوك أن “حرمان أي صحافي أو ناشط سياسي من الحرية إجراء تتخذه الدول بكيفية قصوى واستثنائية”. وأبرز أنه “من خلال انتهاج هذا الأسلوب في التعامل مع حرية الرأي، فإن السلطة السياسية تقوم بتعزيز المعارضة المستترة في الخارج وتعطي صورة سيئة عن بلد يتمتع شعبه بسمعة قوة تمسكه بكرامته وحريته”.
ويرى وزير الإعلام السابق “لسنا بحاجة إلى الموافقة على تصريحات بعضنا البعض لدعم حق الغير في التعبير عن آرائهم في إطار نقاش منظم ومسؤول، وإن كانت الآراء فيه متناقضةً، فقد أظهرت تجربة الجزائر أن الحوار ممكن”. وأضاف “كما أنّ الرغبة الرسمية في إضفاء الأخلاق على الحياة الاجتماعية والسياسية ومحاربة الفساد عن طريق تكميم أفواه الأصوات المضادة في الإعلام وإهمال المجتمع المدني الحقيقي ليست سوى درب من دروب الوهم”.
ويتسم المناخ السياسي في الجزائر بالتوتر الشديد، لاسيما منذ انتخاب الرئيس عبدالمجيد تبون في ديسمبر 2019. ويتعرض الصحافيون ووسائل الإعلام لضغوط عديدة، خاصة من رئاسة الجمهورية والأحزاب والأجهزة الأمنية والسلطات المحلية. ومن الصعب جدا على المراسلين القيام بعملهم بطريقة حرة ومستقلة عندما يكون للسلطة السياسية تأثير مباشر على تعيين وإقالة مدراء وسائل الإعلام والهيئات التنظيمية للقطاع.
من جانب آخر، قال وزير الاتصال إنه من مؤيدي القنوات الخاصة، مؤكدا أنها نجحت في استرجاع المشاهد الذي جذبته القنوات الأجنبية.
ولم يخف الوزير أن هناك نقائص في القنوات الخاصة “لكن لا ينبغي أن نحكم عليها بالإعدام”.
وأشار لعقاب إلى أن المؤسسة الإعلامية العمومية مازالت تصنع الرأي العام، وما يزال لديها تأثير، وأن كل دول العالم تنفق على الإعلام العمومي وهذا ليس من دون سبب.