وزير الاتصال الجزائري يريد إعلاما مؤثرا دون حرية

الجزائر - أكد وزير الاتصال الجزائري محمد لعقاب أن بلاده في حاجة إلى إعلام قوي وفعّال خاصة وأن الإعلام العالمي قوي ومؤثر ويميل نحو التخصص، حيث تفتقر البلاد إلى إعلام قادر على التأثير على الرأي العام في ظل الولاء التام للسلطة وافتقاده للحرية.
وقال لعقاب في كلمته، خلال دورة تكوينية لفائدة أسرة الإعلام تخص تغطية الانتخابات الرئاسية المقبلة، تحت عنوان "الإطار الدستوري والقانوني للانتخابات الرئاسية" بالتعاون مع المحكمة الدستورية، إنه سيتم تنظيم ورشات على مدار ثلاثة أيام حول التغطية الإعلامية المنصفة للانتخابات والأشكال المستحدثة للتعاطي مع الانتخابات، مشددا على أهمية إقامة دورات تكوينية متخصصة لفائدة الصحافيين.
وأشار لعقاب إلى أن قطاعه أصبح يتمتع بحيوية ونشاط، مؤكدا أنه تم وضع اليد في اليد مع المؤسسات الإعلامية العمومية والخاصة لخدمة الوطن، كاشفا عن تنظيم يوم 4 يونيو المقبل، ورشة تكوينية حول الصحافة الاقتصادية لفائدة 60 صحفيا في الصحافة الاقتصادية وتحليل البيانات.
وغالبا ما يقوم المسؤولون الجزائريون بانتقاد الإعلام وكيل الاتهامات له، متجاهلين حقيقة أن السلطة جعلته مقيدا وتابعا لا يملك القدرة على نقل الوقائع والحقائق، حتى أنه بات بوقا للسلطة لمهاجمة جيرانه وفبركة الأخبار الكاذبة والتصريحات المزعومة لخدمة الأجندة السياسية للنظام.
وتفتقد التجربة الإعلامية الجزائرية للنقاش والتقييم سواء تعلق الأمر بتعريف الصحافي ومكانته وحقوقه المادية والمعنوية أو بالمقاييس التي ينبغي أن تتوافر لدى كل من يرغب في تأسيس صحيفة أو مجلة أو قناة تلفزيونية، أو بالأخلاقيات التي ينبغي أن تتصف بها الممارسة الإعلامية ميدانيا.
ولا يسمح القانون الجزائري للخواص بتأسيس الإذاعات ذات الطابع الجهوي أو الوطني أو الدولي، كما أن الجزائر لا تملك طبقة برجوازية تتمتع بثقافة إعلامية تمكنها من تأسيس وإدارة المنابر الإعلامية المستقلة تمويلا وتوجها سياسيا.
وغالبا ما يلجأ بعض رجال الأعمال الأثرياء من أموال الدولة أصلا والذين يفتقدون إلى التكوين الإعلامي الصحيح، إلى تأسيس صحف يومية أو أسبوعية أو قنوات تلفزيونية من أجل الإثراء عن طريق جمع الأموال من الإعلانات التي تحتكر رأسمالها المالي أجهزة الدولة مقابل تنازلات تمس الاستقلالية، ويعتبر هذا من الأسباب الأساسية ضمن أسباب أخرى لغياب حرية التعبير الحقيقية في هذه المنابر. إضافة إلى ذلك يلاحظ أن معظم منابر الإعلام التابعة للقطاع الخاص في الجزائر تتميز بهبوط مستواها الفني والفكري واللغوي على نحو يكرس الرداءة الإعلامية في الغالب.
ويرى الإعلامي والناشط الحقوقي الجزائري وليد كبير أن "الممارسة الإعلامية في الجزائر التي تلَت مصادقة السلطات على قانون جديد للإعلام (رقم 14-23) كرّست حقيقة مفادها أن النظام لا يمتلك نية نحو الانفتاح وتحرير الصحافة والإعلام".
وأضاف كبير خلال مداخلة له تحت عنوان “انحسار وتراجع فضاءات الحرية في الجزائر بعد الحراك وأزمة كورونا” خلال الجلسة الثانية من الندوة المغاربية حول موضوع: “إعادة التفكير في وسائل الإعلام المغاربية: من التحدي التكنولوجي إلى الاستقلال الاقتصادي والتحريري”، إن “المتأمل في قانون الإعلام الجديد بالجزائر يخرج بخلاصة بارزة مفادها أنه لم يأتِ بنَفَس انفتاحي كبير لمختلف وسائل الإعلام".
وأضاف "كلّنا تابعنا ولاحظنا أنه قانون جديد ينظم الإعلام – كما سُمّي - غير أنه تضمَّن غرامات وعقوبات من أجل تقويض حرية عمل الصحافي، ونقطة هامة مثيرة متعلقة بمنع الجزائريين مزدوجي الجنسية من إنشاء مقاولة صحفية” مبرزا أن ذلك "يجعل سلطات الجزائر تسقُط في تناقض صريح مع المادة 35 من الدستور الجزائري المستفتى عليه في نوفمبر 2020، الذي نص على مبدأ المساواة بين المواطنين والمواطنات في الحقوق كما الواجبات".
وبدلا من توسيع هامش الحريات، تراهن السلطات على إنشاء المدينة الإعلامية "دزاير ميديا سيتي" لتحسين صورة الجزائر والتأثير على الرأي العام. ويضم المشروع منطقة لوسائل الإعلام وأستوديوهات للتصوير وقرية للفنانين وفضاء للتعليم والبحث ومنطقة متعددة الخدمات.
ويتربع مشروع المدينة الإعلامية الجديدة، التي أشرف تبون على وضع حجر الأساس بها في يوليو 2023، برفقة تغطية إعلامية مكثفة للدعاية على مساحة تقدر ب74 هكتارا. ويضم المشروع منطقة لوسائل الإعلام واستوديوهات للتصوير وقرية للفنانين وفضاء للتعليم والبحث ومنطقة متعددة الخدمات.
◙ بدلا من توسيع هامش الحريات، تراهن السلطات على إنشاء المدينة الإعلامية "دزاير ميديا سيتي" لتحسين صورة الجزائر والتأثير على الرأي العام
كما تتشكل المنطقة المخصصة لوسائل الإعلام من مقرات المؤسسات الإعلامية الوطنية، وهي المؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري، وكالة الأنباء الجزائرية (وأج)، مؤسسة البث الإذاعي والتلفزي، المؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار، الإذاعة الجزائرية، وقناة الجزائر الدولية "ال24"، في مسعى لتطوير هذه المنابر بالتقنيات الحديثة وتكون على استعداد لمواكبة الخطاب الرسمي والترويج لرواية السلطة.
وأمر تبون بتسريع وتيرة إنجاز المشروع الذي حددت مدة إنجازه بـ27 شهرا، وسيضم مقرات المؤسسات الإعلامية الوطنية على غرار التلفزيون الجزائري والإذاعة الوطنية للبث الإذاعي والتلفزي ووكالات الأنباء الجزائرية وقناة الجزائر الدولية، بالإضافة إلى المؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار.
وقال الوزير بلعقاب أنه سيتم إطلاق جائزة أحسن إعلامي سياحي في 25 يونيو بمناسبة اليوم العالمي للسياحة إضافة إلى تأسيس منتدى الإعلام الاقتصادي أواخر جوان ومطلع جويلية، كاشفا أن الجزائر بصدد رعاية منتدى حول المواقع الإلكترونية الأفريقية.
وتصدر في الجزائر نحو 200 صحيفة ورقية، فضلا عن العشرات من المواقع الإلكترونية، إضافة إلى أربعين قناة تلفزيونية، لكن كل ذلك الزخم لم يستطع صناعة وتوجيه الرأي العام المحلي الذي لا يزال مرتبطا بالإعلام الأجنبي الغربي والعربي، بسبب افتقاد الإعلام المحلي للموضوعية والمصداقية، فهو يكتفي بأداء دور المروّج لخطاب السلطة، بينما يغيب عنه صوت الشارع والرأي المخالف، نظرا لهيمنة السلطة على القرار الإعلامي وتحكّمها في مصادر التمويل، لاسيما الإعلان الحكومي.