وزراء ومشرعون إسرائيليون ينضمون لمؤتمر يدعو لإعادة الاستيطان في غزة

القدس - شارك آلاف الإسرائيليين وبينهم وزراء من اليمين المتطرف وحلفاء لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو في مؤتمر بالقدس الأحد للمطالبة بإعادة بناء المستوطنات اليهودية في قطاع غزة، وسط رفض المعارضة وتنديد فلسطيني.
ورفض نتانياهو في تصريحات رسمية سابقة إعادة الاستيطان في غزة حيث تقاتل القوات الإسرائيلية مسلحي حماس، لكن المؤتمر يُظهر أن الموقف الذي كان هامشيا في السابق قد اكتسب زخما داخل حكومته اليمينية المتشددة.
وشارك في المؤتمر الذي عقد تحت عنوان" الاستيطان يجلب أمن وانتصار- نعود لقطاع غزة وشمال السامرة (الضفة الغربية)" 12 وزيرا من حزب ليكود الذي يتزعمه نتنياهو إلى جانب وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش وكلاهما يرأس حزبا يمينيا متطرفا في الائتلاف الحاكم، حضروا المؤتمر.
كما شارك 15 نائبا في البرلمان يمثلون الائتلاف الحكومي الحاكم في إسرائيل، إضافة لعدد كبير من نشطاء اليمين المتطرف ورجال الدين، وفق صحيفة "معاريف" الإسرائيلية.
وقال بن غفير "إذا كنا لا نريد 7 أكتوبر آخر، علينا أن... نسيطر على المنطقة"، في إشارة إلى الهجوم الدامي الذي شنته حماس على إسرائيل وأشعل فتيل حرب دخلت الآن شهرها الرابع.
وأضاف السياسي المثير للجدل أن على إسرائيل أن "تشجع الهجرة الطوعية" للفلسطينيين من غزة، مكررا تصريحات سابقة استدعت توبيخا حادا من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي.
وحمل العديد من المشاركين أسلحة، بينما كان باعة خارج مركز المؤتمرات يبيعون قمصانا كتب عليها "غزة جزء من أرض إسرائيل".
وقال سموتريتش إن عددا كبيرا من الأطفال الذين تم إجلاؤهم من المستوطنات في غزة عادوا كجنود للقتال في الحرب ضد حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، مشيرا إلى أنه وقف ضد قرار الحكومة إخلاء المستوطنات اليهودية في غزة من المستوطنين في الماضي.
وأضاف في كلمته "كنا نعرف ما سيجلبه ذلك وحاولنا منعه... بدون المستوطنات لا يوجد أمن".
فيما علق رئيس المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد في بيان قائلا إن "الحكومة الأكثر ضررا في تاريخ الدولة تنحدر لمستوى جديد. مؤتمر الاستيطان في غزة التابع لحزب عوتسماه يهوديت (عظمة يهودية) بمشاركة عدد كبير من وزراء الليكود أمر مخز لرئيس الوزراء نتنياهو".
وتابع "هذا ضرر دولي ويضر بأي صفقة محتملة ويشكل خطرا على مقاتلي الجيش، وعبارة عن قلة مسؤولية كبيرة. نتنياهو غير مؤهل، وهذه الحكومة غير مؤهلة".
وحض المتحدثون في المؤتمر الذي أقيم في مركز مؤتمرات بالقدس وحضره أعضاء من حزب نتانياهو والعديد من الوزراء الآخرين، رئيس الوزراء على تحويل حلمهم إلى حقيقة.
ودعا بعضهم إلى ترحيل الفلسطينيين من غزة وأعلنوا أن المستوطنات هي السبيل الوحيد لضمان الأمن للإسرائيليين.
وهتف المؤتمرون "اتفاقات أوسلو ماتت، شعب إسرائيل حي"، في إشارة إلى الاتفاقيات الإسرائيلية الفلسطينية التاريخية في التسعينيات التي منحت الفلسطينيين حكما ذاتيا محدودا.
وقالت زعيمة المستوطنين دانييلا فايس إن مؤتمر الأحد يهدف إلى الضغط على الحكومة "للعودة إلى قطاع غزة وإقامة مجتمعات على الفور".
وزعمت أن "العرب لن يبقوا في غزة"، مضيفة "ولا حماس، ولا أنصار حماس. وأولئك الذين لا يدعمون حماس لا يريدون البقاء على أي حال".
واحتلت إسرائيل قطاع غزة عام 1967 خلال حرب الأيام الستة التي شهدت أيضا الاستيلاء على الضفة الغربية والقدس الشرقية.
ويعيش الآن أكثر من 400 ألف إسرائيلي في مستوطنات في الضفة الغربية المحتلة التي تعتبر غير شرعية بموجب القانون الدولي، إلى جانب نحو ثلاثة ملايين فلسطيني.
وسحبت إسرائيل قواتها ومستوطنيها من قطاع غزة عام 2005.
ويعيش في المنطقة التي تسيطر عليها حماس حوالي 2.4 مليون فلسطيني، نزحت الغالبية العظمى منهم بسبب الهجوم الجوي والبري والبحري الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر.
وأدّى الهجوم المباغت الذي شنّته حركة حماس على الأراضي الإسرائيلية في السابع من أكتوبر إلى مقتل أكثر من 1140 شخصاً في إسرائيل، معظمهم مدنيّون، حسب تعداد لوكالة الصحافة الفرنسية يستند إلى أرقام إسرائيليّة رسميّة.
ورداً على ذلك، تعهّدت إسرائيل "القضاء" على حماس وباشرت عمليّة عسكريّة واسعة خلّفت 26422 قتيلا غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب أحدث حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحركة حماس الأحد.
ويسعى الفلسطينيون إلى إقامة دولة مستقلة مستقبلية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية التي ضمتها إسرائيل.
ونددت فلسطين، الأحد، بالاجتماع الإسرائيلي، وقالت إنه يعكس توجهات اليمين الإسرائيلي "لتفجير المنطقة"، وذلك في بيان لوزارة الخارجية والمغتربين.
وأضافت الخارجية الفلسطينية أن "الاجتماع الاستعماري بالقدس تحدٍ سافر لقرار (محكمة) العدل الدولية، وتحريض علني بتهجير الفلسطينيين بالقوة".
وفي 26 يناير الجاري، أمرت المحكمة، وهي أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، إسرائيل باتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية" بحق الفلسطينيين، وتحسين الوضع الإنساني في غزة.
وأدانت فلسطين "بأشد العبارات الاجتماع الاستيطاني" كما أدانت "المواقف والشعارات التي طُرحت في هذا الاجتماع من قبل الوزراء المتطرفين والمستوطنين وقادتهم مثل: الترانسفير فقط يأتي بالسلام".
واعتبرت الخارجية الفلسطينية أن الاجتماع ومضمونه "يكشف مجدداً الوجه الحقيقي اليميني الإسرائيلي الحاكم ومعاداته للسلام، وتمسكه بالاحتلال والاستيطان، بهدف إشعال ساحة الصراع وتفجيرها برمتها".
وحملت الحكومة الإسرائيلية "المسؤولية الكاملة والمباشرة عن مثل هذه الدعوات التحريضية التي تعتبرها عناصر الإرهاب اليهودي تعليمات لتعيث خراباً وفساداً ضد الشعب الفلسطيني".
وتابعت أن تلك الدعوات "تعكس نوايا حكام تل أبيب الحقيقية في استكمال حرب الإبادة على شعبنا في قطاع غزة وفرض الهجرة بالقوة عليه".
وطالبت المجتمع الدولي والإدارة الأميركية "بممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو للجم هذه الممارسات الاستفزازية، وفرض عقوبات رادعة على المستوطنين وقادتهم ومن يقف خلفهم من المستوى السياسي".
وفي وقت سابق من شهر يناير، قال نتانياهو إنه "لن يتنازل عن السيطرة الأمنية الإسرائيلية الكاملة على كل الأراضي الواقعة غرب (نهر) الأردن"، وهذا ما يتعارض مع قيام دولة فلسطينية.
لكنه أضاف أن إعادة الاستيطان الإسرائيلي في غزة "ليس هدفا واقعيا".
وأعطت حكومة نتانياهو الأكثر تديُّنا وتطرفا في تاريخ إسرائيل الأولوية للتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية منذ توليها السلطة أواخر عام 2022.
ويدعو شركاء مع نتانياهو في الائتلاف الحكومي بشكل متزايد إلى تجديد الاستيطان الإسرائيلي في غزة، في تحد لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية في أوائل يناير "غزة أرض فلسطينية وستبقى أرضا فلسطينية".