وزراء شيعة أكثر في البحرين وخوالد أقل

المنامة – قال مصدر بحريني إن الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد ورئيس الوزراء نفذ أكبر تعديل وزاري في تاريخ البحرين بسرعة خاطفة وفتح المجال لتعيين وزراء بحرينيين شيعة أكثر على حساب تراجع حصة الخوالد، وهم الفرع المتشدد في الأسرة الحاكمة.
ونقلت نشرة “عرب دايجست” الخاصة عن المصدر البحريني الرفيع إن الأمر كان مفاجئا، حيث أنه انطلق في سرية قبل أن يُكشف عنه.
وكان ولي العهد قد ترأس الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء وقال إنه سيرحب قريبا بأعضاء جدد سيطرحون أفكارا جديدة لمواصلة النهوض بالقطاع العام من أجل مصلحة الوطن والمواطنين، قبل أن يصدر العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى مرسوما بتعديل وزاري شمل تغيير 17 وزيرا من بين 22.
وشمل المرسوم إقالة وزير النفط ووزير العدل مما يعني أن العنصر المتشدد في الأسرة الحاكمة، فرع الخوالد، قد فقد مساحة سياسية كبيرة بينما عزز ولي العهد نفوذه على حسابه.
ولي العهد البحريني يدرك أن الشيعة بحاجة إلى معاملة عادلة وأنه ينبغي إدراجهم واستيعابهم وليس استبعادهم
ويشغل وزير العدل المقال الشيخ خالد بن علي آل خليفة منصبه منذ 2008، وتتهمه جمعيات شيعية بالمساهمة في حظر الجمعيات السياسية، واعتماد المحاكم لإغلاق وسائل الإعلام المستقلة، وإسكات الانتقادات عبر الإنترنت باستخدام قوانين مكافحة الإرهاب، واستمرار اعتقال المتظاهرين واحتجازهم وإصدار الأحكام بحقهم في تهم يُزعم أنهم اعترفوا بارتكابها تحت التعذيب.
وعُيّن أمين عام ديوان المظالم السابق بوزارة الداخلية نواف بن محمد المعاودة وزيرا للعدل.
وجاء إنشاء منصب أمين ديوان المظالم ضمن تحقيق مستقل حول كيفية تعامل النظام مع احتجاجات سنة 2011. وأصدرت اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق تقريرا دامغا في نوفمبر 2011، عدّدت فيه تفاصيل الانتهاكات الواسعة التي ارتكبتها الشرطة وقوات الأمن ضد المتظاهرين السلميين.
وأشارت “عرب دايجست” أن مصدرها أكد أن ولي العهد حريص على إطلاق سراح “السجناء القصّر”. أما بالنسبة إلى السجناء البارزين مثل عبدالهادي الخواجة وعلي سلمان فقد اعتبر أن هذا “لا يزال صعبا من الناحية السياسية”.
وذكر، في إشارة إلى أن الخوالد لا يزالون قوة قوية داخل الأسرة الحاكمة رغم التعديل الوزاري، وأن الأمير سلمان لا يمكن أن يتخذ بعض القرارات بسهولة.
واستبعد التعديل الوزاري متشددا آخرا هو وزير النفط محمد بن خليفة بن أحمد آل خليفة، ابن القائد القوي لقوة دفاع البحرين. وأكد المصدر أن بديله محمد بن مبارك بن دينة من منتسبي ديوان ولي العهد.
كما عُوّض شاغل منصب نائب رئيس الوزراء علي بن خليفة آل خليفة، ابن رئيس الوزراء السابق الشيخ خليفة.
وكان والد علي وقت وفاته سنة 2020 أطول رؤساء الوزراء خدمة في العالم. وعندما اعتلى الشيخ حمد، وهو ابن شقيق خليفة، العرش في 1999، أطلق مشروعا إصلاحيا، كان المستفيد الرئيسي منه هو الأمير سلمان.

وعانى رئيس الوزراء الراحل الشيخ خليفة من تراجع صلاحياته لكنه أعاد تأكيد سلطته عند اندلاع الربيع العربي بالتحالف مع الخوالد.
وحافظ الأمير سلمان، حتى أثناء وجود الشيخ خليفة في رأس الوزارة، على علاقاته مع الشيعة، وعيّن منهم في التعديل الوزاري تسعة أعضاء، وهو عدد يعدّ الأكبر في تاريخ المملكة. ومع ذلك، أشار المصدر إلى أن الوزارات التسع ليست الأبرز. لكن ولي العهد “يدرك أن الشيعة في حاجة إلى معاملة عادلة وأنه ينبغي إدراجهم وليس استبعادهم”.
ولم يكن من الممكن اتخاذ هذه الخطوة الكبيرة دون موافقة من صديقي البحرين القويين في دول مجلس التعاون الخليجي: المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وأكّد المصدر استشارة رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قبل التعديل الوزاري، “وخاصة الشيخ محمد بن زايد الذي تربطه علاقات وثيقة بالعائلة الحاكمة”. وليس من المستغرب أن ينصبّ تركيز الأمير سلمان على إعادة تشكيل الحكومة لتحقيق مكاسب اقتصادية واجتماعية مع الابتعاد عن أيّ إصلاحات سياسية جادة والحفاظ على مجتمع مراقب رقابة صارمة.
وقضى ولي العهد فترة طويلة في الظل قبل أن يتخذ خطوته الجريئة بدعم كامل من والده الملك وبدعم من الشيخ محمد بن زايد والأمير محمد بن سلمان.
وأكد المصدر أن الخوالد “يشعرون بالتوتر والعزلة بالتأكيد. حيث فقدوا وظيفتين رئيسيتين ولم يُعيّن أفراد من فرعهم في مناصب جديدة، لكنهم يبقون قوة سياسية وسيحاولون تأخير وتعطيل قضايا مثل إطلاق سراح السجناء السياسيين”.
يُذكر أن اثنين من الفرع العائلي يواصلان شغل منصبي رئيس قوة دفاع البحرين ووزير الديوان الملكي.
وقال المصدر إن هناك تهديدا محتملا آخر يتمثل في الحرس الثوري الإيراني الذي يتمتع “بنفوذ خبيث” في البحرين. حيث “لا يريد الحرس الثوري الإيراني أن يرى الاستقرار، بل يريد أن يتسبب في المشاكل حيثما أمكنه ذلك”.
