وزارة للذكاء الاصطناعي في لبنان تثير الجدل

ناشطون يتساءلون ماذا ستقدم الوزارة الجديدة في بلد "عليه أن يستخدم ذكاءه الطبيعي أولا".
الثلاثاء 2025/02/11
حاجة إلى كل أنواع الذكاء

تباينت ردود الفعل في لبنان بشأن إنشاء وزارة للذكاء الاصطناعي بينما تعاني البلاد من تأخر في كل شيء، وتدهور اقتصادي حاد يجعل مهمة الوزارة شديدة الصعوبة.

بيروت - مع إعلان تشكيل الحكومة اللبنانية برئاسة القاضي نواف سلام، لفت الانتباه إنشاء وزارة الدولة لشؤون تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، وأثار ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي وتساؤلات حول مدى جدوى هذه الوزارة وقدرتها على تحقيق تحول رقمي حقيقي في قطاع الاتصالات المتهالك.

ويتولى الوزارة المحدثة وزير المهجرين كمال شحادة وجرى الحديث عنها في وسائل الإعلام باعتبارها علامة فارقة في تاريخ لبنان الحديث. فاستحداث هذه الوزارة يأتي استجابةً للتطور السريع في مجال الذكاء الاصطناعي، لاسيما مع صعود تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي التي أحدثت ثورة في مختلف القطاعات حول العالم.

واعتبر ناشطون أن إطلاق وزارة متخصصة بالذكاء الاصطناعي خطوة مهمة لكن نجاحها يعتمد على تطبيق خطة إستراتيجية واضحة، ودعم البنية التحتية الرقمية، وتطوير مهارات الشباب اللبنانيين في هذا المجال. فإذا تم استغلال الذكاء الاصطناعي بالشكل الصحيح، قد تكون للبنان فرصة حقيقية للتحول إلى مركز إقليمي للتكنولوجيا والابتكار، رغم كل التحديات التي يواجهها.

وتباينت ردود الفعل على الشبكات الاجتماعية بين المشكك في جدوى إنشاء وزارة في بلد متهالك اقتصاديا ويفتقر للبنية التحتية، وبين من أبدى تفاؤله بمسيرة التطوير والتحديث، وقرر آخرون التهكم والسخرية، وقال أحدهم:

وجاء في تعليق:

وتساءل ناشط ماذا ستقدم الوزارة الجديدة وسط تأخر الإدارات في البلاد ومنظومة الاتصالات كاملة:

وكتب ناشط:

وأبدى البعض تفاؤلهم بالخطوة الجريئة:

ويقول متابعون إن التحديات المرتبطة بتلك الوزارة كثيرة جدا، كما أن المجهود المطلوب منها كبير جدا. ويتساءلون ما هي فرص النجاح في بلد مثل لبنان؟ وماذا عن مستقبل احتمالات التعثُّر التكنولوجي المحلّي على “طريق الفِيَلَة” بين الولايات المتحدة الأميركية من جهة، والصين من جهة أخرى، بين أطراف محلية قد تدفع باتّجاه محاولة حصر التعامل مع شركات التكنولوجيا الصينية، وبين أخرى ستدفع إلى التعاطي مع الشركات الأميركية أكثر، وإلى الاستفادة من المميّزات الأميركية في هذا المجال؟

ويرى الأكثر تفاؤلا أن لبنان الذي يعاني من أزمات اقتصادية وسياسية مزمنة، يمكنه استغلال الذكاء الاصطناعي كوسيلة لتعزيز اقتصاده وتحقيق قفزة نوعية في قطاعاته الحيوية. على سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم في تحسين الإدارة الحكومية من خلال رقمنة المعاملات وتبسيط الإجراءات البيروقراطية، مما يقلل الفساد ويزيد من كفاءة الخدمات العامة. كما يمكن للذكاء الاصطناعي دعم قطاع التعليم عبر تطوير مناهج تعليمية ذكية تعتمد على تقنيات التعلم التكيفي، مما يساعد الطلاب على تلقي تعليم مخصص وفقا لقدراتهم.

أما في المجال الاقتصادي، فيمكن للبنان الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاعات التكنولوجيا المالية، وتعزيز الاقتصاد الرقمي، وجذب الاستثمارات الأجنبية في مجالات البرمجة والروبوتات. كذلك، يمكن أن يلعب الذكاء الاصطناعي دورا مهما في تحسين الخدمات الطبية، من خلال تقنيات التشخيص المبكر وتحليل البيانات الصحية لتقديم رعاية أكثر كفاءة.

هذا مع العلم أن الواقع يُفيد باستحالة حصول لبنان على أي نوع من تكنولوجيا متطورة، أو فائقة التطور، من دون التغيير السياسي والأمني والعسكري والاقتصادي، الواجب تحقيقه في البلد.

من المستحيل حصول لبنان على أي نوع من التكنولوجيا المتطورة، دون التغيير السياسي والأمني والعسكري والاقتصادي

ورأى الخبير في الأمن السيبراني والتحوّل الرقمي رولان أبي نجم أن “من دون التغيير السياسي والأمني المطلوب، فإن لبنان لن يتمكن بطبيعة الحال من تحقيق قفزة تكنولوجية نوعية.”

ولفت في حديث لوكالة “أخبار اليوم” إلى أن “وزارة شؤون تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي هي من أهمّ الوزارات، وهي المرة الأولى التي تكون للبنان فيها حقيبة من هذا النوع. ولكن الحَوْكَمَة هي العامل الأساسي لأي تحوّل رقمي وأمن سيبراني وذكاء اصطناعي، لأنها هي التي ستضع المعايير لكل ذلك، وهي التي ستديره.”

وعن أول ما يجب أن يحصل الآن، بالمقدّرات الموجودة في البلد حاليا، أكد أبي نجم “ضرورة التعاطي مع مستقبل التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في لبنان من أُطُر عدة. فأولا، وعلى غرار وجوب حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، يجب حصر كل ما له علاقة بالتكنولوجيا والاتصالات بيد الدولة، وأن لا يُسمَح بأي إنترنت غير شرعي، ولا بأي شبكة اتصالات غير شرعية. وبَدْء تطبيق ذلك يحتاج إلى أن تكون لدينا الإرادة السياسية اللازمة.”

وأضاف “الأمر الآخر هو وجوب إصلاح وتحسين البنى التحتية التي لدينا، على مستوى الكهرباء والإنترنت والاتصالات مثلا، وهو ما يمهّد الطريق لتحقيق التحوّل الرقمي. فمن دون بنية تحتية، لا يمكن القيام بشيء. هذا طبعا إلى جانب ضرورة تطوير العامل البشري لتحقيق الأهداف أيضا. فالكل يدرك أن موظفي الدولة لا يدركون شيئا على مستوى التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وأن معظمهم ليسوا مؤهَّلين، وأن أكثريتهم موجودة في الوظيفة العامة بالواسطة، ولا يُداومون أصلا. وبالتالي، العامل البشري بحاجة إلى إعادة تأهيل، وإلى صرف من يجب صرفهم من الخدمة، وتوظيف غيرهم يمتلكون الكفاءات اللازمة، وذلك كمقدمة للقول إننا بدأنا بمشوار التحوّل الرقمي.”

وتابع “هناك مسألة القوانين أيضا. فلا يمكن إجراء أي تحوُّل رقمي، ولا تحقيق أي خطوة في عالم الذكاء الاصطناعي، من دون قوانين مرتبطة بذلك. وبالتالي، هذه الأمور من البديهيات والأساسيات.”

5