وزارة الصحة تنقذ التشكيلة الحكومية اللبنانية

بيروت- أعلن لبنان تشكيل حكومة جديدة السبت تضم 24 وزيرا. واللافت أن وزارة الصحة هي التي أنقذت التشكيلة الحكومية الجديدة بمنحها للمقرب من حزب الله، وليس عضوا فيه، وهو ركان ناصرالدين.
ووزارة الصحة وزارة حيوية لحزب الله الذي يحتاج إلى معالجة 25 ألف جريح حرب من أعضائه وأنصاره، وهو أمر لا يتأتي إلا بحقيبة الصحة.
وستزيل ترضية حزب الله بوزارة الصحة التعطيلات التي كان الحزب يخطط لوضعها أمام التشكيل الوزاري الجديد. كما تستجيب الخطوة للاءات واشنطن بشأن منع أيّ عضو من حزب الله من استلام حقيبة في وزارة نواف سلام.
◄ ترضية حزب الله بوزارة الصحة تزيل العراقيل التي سيضعها أمام التشكيل الوزاري، وتستجيب لخطوط واشنطن الحمراء
وبهذا فإن الشيعة لن يحسوا بأنهم مستبعدون حتى لو كانوا من حاضنة حزب الله خاصة مع الحقائب التي حصل عليها رئيس حركة أمل، ورئيس البرلمان، نبيه بري.
وقال رئيس الوزراء اللبناني للصحافيين من داخل القصر الرئاسي إن الحكومة، التي تضم 24 وزيرا، ستعطي الأولوية للإصلاحات المالية وإعادة الإعمار، وتنفيذ قرار للأمم المتحدة يعتبر حجر الزاوية لاستقرار الوضع على الحدود اللبنانية مع إسرائيل.
وأضاف في كلمته “أما وقد أعلنا الحكومة التي أتمنى أن تكون حكومة الإصلاح والإنقاذ.. يهمني أن أؤكد.. أن الإصلاح هو الطريق الوحيد إلى الإنقاذ الحقيقي”.
وجاء الإعلان بعد محادثات استمرت أكثر من ثلاثة أسابيع مع الأحزاب السياسية في لبنان حيث تُوزع المناصب الحكومية بنظام المحاصصة الطائفية.
وكانت حالة من الجمود قد سادت خلال الأيام الماضية بشأن الوزراء الشيعة، الذين عادة ما يعيّنهم حزب الله المدعوم من إيران وحليفته حركة أمل.
لكن واشنطن عارضت تدخل حزب الله في الحكومة الجديدة.
وقالت نائبة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط مورجان أورتاجوس الجمعة إن الولايات المتحدة تعتبر انضمام جماعة حزب الله إلى الحكومة اللبنانية المقبلة “خطا أحمر”، وشكرت إسرائيل على توجيه ضربات مدمرة للجماعة، في تصريحات أثارت احتجاجات في لبنان.
لكن سُمح لحركة أمل، التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، في النهاية باختيار أربعة وزراء منهم وزير المالية ياسين جابر، مع أن الوزير مستقل، إلى جانب الموافقة على وزير خامس.
ومن شأن هذه الخطوة أن تمنع جماعة حزب الله وحلفاءها من الحصول على “الثلث المعطِّل” في الحكومة، حيث يتطلب تمرير بعض القرارات أغلبية الثلثين.
ورحبت السفارة الأميركية في لبنان بتشكيل الحكومة الجديدة معبرة عن أملها في أن تنفذ الحكومة الإصلاحات اللازمة وتعيد بناء مؤسسات الدولة.
وتضم التشكيلة الحكومية خمس وزيرات منهن الأمينة العامة للمجلس الوطني للبحوث العلمية تمارا الزين (وزيرة للبيئة)، والخبيرة السابقة في البنك الدولي حنين السيد (وزيرة الشؤون الاجتماعية). كما تضم أسماء معروفة أبرزها غسان سلامة المبعوث السابق للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، العائد إلى وزارة الثقافة.
واختار حزب القوات اللبنانية المسيحي، الذي يعارض حزب الله بشدة، أربعة وزراء في الحكومة الجديدة من بينهم وزير الخارجية يوسف رجي ووزير الطاقة جوزيف الصدي. ولم يشارك الحزب في تشكيل أيّ حكومة منذ أكثر من خمس سنوات.
وقال سلام “أعلم أن أيّ تشكيلة حكومية يصعب أن ترضي الجميع في وقت واحد لكن هذه التشكيلة ستكون فريقا يعمل بالتجانس بين جميع أعضائه”.

◄ركان ناصرالدين مقرب من حزب الله وليس عضوا فيه
وأضاف “ستسعى هذه الحكومة إلى إعادة الثقة بين المواطنين والدولة وبين لبنان ومحيطه العربي وبين لبنان والمجتمع الدولي والأهم ستسعى إلى وصل ما انقطع بين الدولة وطموحات الشابات والشباب”.
وتعرض لبنان لضربات قاسية خلال السنوات الخمس الماضية شملت انهيارا ماليا أدى إلى إفقار جزء كبير من السكان وانفجارا كارثيا في مرفأ بيروت وحربا استمرت لأكثر من عام بين إسرائيل وحزب الله دمرت مناطق كثيرة من البلاد.
وتشكيل الحكومة هو إحدى الخطوات اللازمة لتنفيذ إصلاحات قد تفتح المجال أمام خطة تمويل من صندوق النقد الدولي والحصول على دعم من دول الخليج للمساعدة في إعادة إعمار المناطق المدمرة.
وقالت الأمم المتحدة إن تشكيل الحكومة “يبشر بفصل جديد وأكثر إشراقا للبنان،” وعبّرت عن أملها في التعاون مع الحكومة لتنفيذ الإصلاحات وتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701 الذي ينص على حظر وجود أيّ قوات أو سلاح بخلاف قوات وسلاح الجيش اللبناني في المنطقة بين نهر الليطاني وحدود إسرائيل ولبنان.
وقال سلام إن الحكومة ستعمل على “تأمين الأمن والاستقرار في لبنان عبر استكمال تنفيذ القرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار”.
وينص الاتفاق على انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان وسحب حزب الله مقاتليه وأسلحته على أن تنتشر قوات الجيش اللبناني في المنطقة بحلول 18 فبراير.
والحكومة مكلفة الآن بصياغة بيان للسياسات سيحدد نهج الحكومة المقبلة وأولوياتها، وسوف تحتاج بعد ذلك إلى تصويت بالثقة من جانب مجلس النواب من أجل أن تتمتع بصلاحيات كاملة.
وانتخب الرئيس اللبناني جوزيف عون، الذي كان يحظى بدعم الولايات المتحدة عندما كان قائدا للجيش، رئيسا في التاسع من يناير ورشح سلام لتشكيل حكومة جديدة بعد أيام من تنصيبه.
وكان سلام يشغل منصب رئيس محكمة العدل الدولية.
وكان ترشيح سلام هو أحدث علامة على تحول جذري في ميزان القوى في لبنان، في أعقاب الضربات المدمرة التي وجهتها إسرائيل لحزب الله والإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد في ديسمبر وانتخاب عون الشهر الماضي.