وزارة التربية في تونس تغلق باب التنازلات أمام نقابة التعليم

تراجع نقابة التعليم الأساسي تحت ضغط الأولياء يظهر مزاجا عاما ضد التصعيد النقابي.
الثلاثاء 2023/09/12
محمد علي البوغديري: التفاوض مع النقابات مستمر

تونس- أعلن وزير التربية التونسي محمد علي البوغديري عدم التراجع عن قرار إعفاء مدراء المدارس الذين امتنعوا عن تسليم نتائج التلاميذ في العام الدراسي الماضي، وكذلك عدم تسليم رواتب المدرسين الذين نفّذوا قرار النقابة، في خطوة تظهر أن الحكومة تدخل السنة الدراسية بقوة، وأنها لا تنوي فتح باب المناورة أمام النقابات لإعادة مشهد السنة الماضية.

ويأتي كلام البوغديري بعد أيام قليلة من تصريحات لكاتب عام نقابة التعليم الأساسي (تتبع للاتحاد التونسي للشغل) نبيل الهواشي بدا فيه حريصا على كسب ودّ وزارة التربية والوزير بالإعلان عن أن مقاطعة العودة المدرسية خط أحمر، وأن النقابة تريد مفاوضات بناءة، وكان الهدف تحصيل تنازلات من الوزارة تحفظ للنقابة ماء الوجه بتثبيت المدراء في مهامهم وإعادة الرواتب للمدرسين المعاقبين.

◙ نبيل الهواشي حرص على كسب ودّ وزارة التربية والوزير بالإعلان عن أن مقاطعة العودة المدرسية خط أحمر
نبيل الهواشي حرص على كسب ودّ وزارة التربية والوزير بالإعلان عن أن مقاطعة العودة المدرسية خط أحمر

ويريد البوغديري  أن يبدو في موقع قوة بعد تراجع النقابة وتقديمها عرض التفاوض، وهو يعرف أنها واقعة تحت ضغوط كثيرة، ولا تريد أن تصطدم بالأولياء، ولا بالحكومة ولا برئيس الجمهورية قيس سعيد، الذي يرفض تحويل التلاميذ إلى رهينة بيد النقابات.

وتعيش النقابة تحت ضغط آخر داخلها في ظل انتقادات واسعة لأدائها وتحميلها مسؤولية التوتر بين المدرسين والأولياء من جهة، وعدم قدرتها على حل أزمة رواتب المدرسين التي تم حجبها، وهم بالأساس المنتسبون للنقابة الذين تمسكوا بقرارها إلى آخر لحظة من دون أن تكون قادرة على حمايتهم.

وقال البوغديري، خلال مؤتمر صحفي الاثنين قبل انطلاق العام الدراسي الجديد إن “التفاوض مع النقابات مستمر” حول مشاكل المعلمين، لكن ليس من بينها مسألة الرواتب.

وقال وزير التربية التونسي “لن نتراجع عن قرار إعفاء المدراء الذين حجبوا أعداد (نتائج) التلاميذ”.

وأشار إلى أنه “لن يتم التراجع أيضا عن حجب جرايات (رواتب) المعلمين الذين لم يمكنوا التلاميذ من أعدادهم (نتائجهم) نهاية السنة الدراسية الماضية (2023 – 2022)”.

ويعتقد مراقبون أن تراجع نقابة التعليم الأساسي تحت ضغط الأولياء يظهر مزاجا عاما ضد التصعيد النقابي، وهو يحمل رسالة إلى اتحاد الشغل، الذي ما تزال قيادته تلوّح بالتصعيد، مفادها أن الدولة لم تعد ضعيفة وقادرة على التصدي لأيّ مزايدات وهي مسنودة شعبيا.

وإذا نفّذ اتحاد الشغل تهديداته بالتصعيد بالتزامن مع العودة المدرسية والجامعية فسيجد نفسه معزولا، خاصة أن ورقته الرئيسية، أي النقابيين، باتت محدودة التأثير في ظل غياب الحماس للتصعيد والمخاوف من أن ترد الدولة الفعل، والأهم أن النقابات صارت منقسمة من الداخل وتشقها الخلافات بسبب القرب من السلطة أو الابتعاد عنها لاختلاف أجندات المجموعات السياسية التي تحركها من وراء الستار.

وفي 23 يوليو الماضي، قررت نقابة التعليم الأساسي في تونس تمكين التلاميذ من نتائجهم بعد حجب استمر طيلة الموسم الدراسي، ما قاد إلى أزمة مع وزارة التعليم وإعفاء 350 مدير مدرسة وحجز رواتب نحو 17 ألف معلم.

وفي 12 يوليو الماضي، قررت نقابة التعليم الأساسي اللجوء إلى القضاء لإلغاء قرارات وزارة التربية بإعفاء 350 مدير مدرسة وحجز رواتب 17 ألف معلم، على خلفية رفضهم الإفصاح عن كشوف نتائج التلاميذ.

◙ البوغديري يريد أن يبدو في موقع قوة بعد تراجع النقابة، وهو يعرف أنها واقعة تحت ضغوط كثيرة مع الحكومة والأولياء

ووفق البوغديري “عديد التلاميذ راجعوا الأطباء النفسيين متأثرين بعدم تسلم أعدادهم وحرموا من فرحة النجاح”.

وأوضح أنه “سيتم تسديد شغور منصب نحو 170 مديرا من الذين تم إعفاؤهم من العمل” دون المزيد من التفاصيل.

وفي سياق متصل، قال البوغديري إن “جلسات التفاوض مع الطرف النقابي ماتزال متواصلة”، مؤكدا على “وجود حلول لكل الإشكاليات مع كل النقابات”.

والجمعة، طالبت نقابة التعليم الأساسي السلطات التونسية بـ”العودة إلى المفاوضات الجدية والمسؤولة”، مطالبة في بيان بـ”الإفراج الفوري عن رواتب المدرسين والمدرسات”، مؤكدة “استعدادها التام للدفاع عن مكتسباتها ومطالبها”.

وتتمثل مطالب المعلمين الأخرى، وفق نقابتهم، بتحسين أوضاع المعلمين المادية بزيادة أجورهم، بما يتناسب مع تراجع القدرة الشرائية، وغلاء الأسعار، مع إيجاد صيغة لتسوية وضعياتهم المهنية.

وبحسب البوغديري “تعود الدراسة في المدارس الابتدائية والإعدادية والمعاهد الثانوية الجمعة المقبل، حيث يتوجه 2 مليون و356 ألفا و630 تلميذا إلى نحو 6 آلاف و139 مدرسة ومعهدا، فيما يكون عدد المعلمين والأساتذة 156 ألفا و234”.

 

اقرأ أيضا:

       • تونس من منظور غربي: الصحيح والخطأ

1