وزارة الإعلام السورية تحذر من الأخبار الزائفة

دمشق – اكتفت وزارة الإعلام السورية بإصدار البيانات للتحذير والتنبيه بخصوص تداول الأخبار الكاذبة والمنشورات المضللة التي تجتاح الشبكات الاجتماعي، بينما مازال الإعلام الرسمي غائبا ويبحث السوريون عن المعلومة في الإعلام العربي والأجنبي الذي خصص مساحة واسعة لما يجري في البلاد.
وأكدت وزارة الإعلام السورية في بيان لها السبت على أهمية الحذر عند نقل أو تداول أي معلومات بين المواطنين. وجاء في بيان الوزارة “اعتماد المصادر الرسمية للحصول على الأخبار الدقيقة ودعم الاستقرار الاجتماعي مسؤولية الجميع”.
وأضاف “أنه في ظل تداول العديد من الشائعات والمقاطع المزوّرة التي تهدف إلى إثارة الفتن والتشويش على الرأي العام، نُجدّد التأكيد على أهمية الحذر والوعي عند نقل أو تداول أي معلومات غير موثوقة”.
وتابع “نهيب بجميع المواطنين الاعتماد على المصادر الرسمية للحصول على الأخبار الدقيقة والمعلومات الصحيحة، وتجنب الانسياق وراء الأخبار المغلوطة التي قد تُلحق ضررا بالمصلحة العامة”.
ارتباك واضح في الإعلام السوري المحلي رغم حساسية المرحلة الراهنة، وحاجة الجمهور المحلي إلى أخبار موثوقة
وأكدت الوزارة أن المسؤولية تقع على عاتق الجميع في دعم الاستقرار الاجتماعي، وذلك من خلال التحقق قبل النشر أو المشاركة، والتصدي لمحاولات نشر الفوضى التي تعرض السلم المجتمعي للخطر.
ورصد متابعون الارتباك في الإعلام المحلي رغم حساسية المرحلة الراهنة، وحاجة الجمهور المحلي إلى أخبار موثوقة، في حين أن مصدرهم الرئيسي بات مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام الأجنبي الذي يرتبط أحيانا بسياسات وتوجهات الجهات التي يمثلها.
وإثر وصول فصائل المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام إلى دمشق في الثامن من ديمسبر وإعلانها إطاحة نظام بشار الأسد، توقفت وكالة الأنباء السورية “سانا” عن النشر لأكثر من 24 ساعة. ولم يواكب التلفزيون الرسمي الأحداث الميدانية المتسارعة، مكتفيا ببث مقاطع مسجلة من الأرشيف.
في اليوم اللاحق، نشرت الوكالة صورة جديدة لحسابها على تلغرام، يغلبُ عليها اللون الأخضر ونجماته الثلاث إعلانا للبداية الجديدة. ثم استأنفت نشر الأخبار نقلا عن إدارة العمليات العسكرية والوزارات.
واعتبر المتابعون أن قائد العمليات العسكرية أحمد الشرع المعروف بأبي محمد الجولاني، استطاع حجز مساحة واسعة على مستوى الإعلام العربي والغربي، غير أنه لم ينتبه إلى ضرورة وجود الإعلام المحلي في المشهد، ما تسبب بسيل من الأخبار المضللة داخليا.
ورغم أن الانطلاق الرسمي للقنوات السورية الرسمية لم يبدأ بعد، إلا أن محمد يعقوب العمر وزير الإعلام السوري، في الحكومة المؤقتة برئاسة محمد البشير، تعهد بصيانة الحريات وقال إن الوزارة ستعيد بناء مؤسسات الإعلام الرسمي وتدعم وتوفر بيئة ملائمة لحرية الصحافة.
وشدد في الوقت عينه على أن الأولوية حاليا لإعادة الأمن في البلاد، بعد سنوات من حكم الرئيس السابق بشار الأسد. كما كشف في مقابلة مع قناة العربية الخميس الماضي أن السلطات الجديدة في البلاد، ستحاكم الإعلاميين الذين اشتركوا في جرائم النظام السابق وتحيلهم إلى القضاء. وأوضح أن الإعلام السوري كان منحازا لخدمة النظام السابق، معربا عن تفاجئه بتراجع القطاع الإعلامي في البلاد من ناحية الإمكانيات والخبرات.
واعتبر أن “الإعلام كان يتكتم أيضا على جرائم نظام الأسد.” وتابع “المؤسسات الإعلامية السورية ملك للشعب وسيعاد بناؤها من جديد، بعدما أضحت متهالكة.” وقال “سنعمل على إعادة تقييم الخبرات والكفاءات على أساس مهني.”
ورأى أن “أي منتج إعلامي يجب أن يراعي ويحافظ على تنوع النسيج الاجتماعي للشعب السوري بكافة طوائفه.” كذلك أوضح أن أكثر من 700 وفد صحافي دخلوا البلاد بعد سقوط نظام الأسد، مضيفا “عملنا على تأمين المعلومات اللازمة لهم خلال تغطياتهم.”
وأصدرت وزارة الإعلام في سوريا مساء الجمعة بيانا يخص الإعلاميين الحربيين في زمن حكم بشار الأسد. وقالت الوزارة في بيان نشر على تطبيق تلغرام، “نؤكد أن جميع الإعلاميين الحربيين الذين كانوا جزءا من آلة الحرب والدعاية لنظام الأسد الساقط وساهموا بشكل مباشر أو غير مباشر في الترويج لجرائمه ومجازره ضد الشعب السوري سيخضعون للمحاكمة العادلة ضمن إطار العدالة الانتقالية”.
وأكدت أن المحاكمة تهدف إلى تحقيق الإنصاف ومحاسبة كل من تورط في انتهاكات جسيمة بحق أبناء الشعب السوري. غير أن توجه السلطات الجديدة يثير مخاوف الصحافيين الذين شكل عملهم لسنوات طويلة في وسائل إعلام محسوبة على النظام مصدر رزق لهم.
سوريا تحتل بحسب منظمة "مراسلون بلا حدود"، المرتبة ما قبل الأخيرة في تصنيفها لحرية الصحافة لعام 2024
وقال مدير مكتب دمشق لرابطة الصحافيين السوريين (المعارضة) بسام سفر “لا يمكن محاسبة أي إعلامي إلا إذا ثبت أنه مشارك في الدم، وهذه قضية لا يمكن غفرانها وهو مطلوب للعدالة.” وأضاف “علينا أن نسعى إلى مصالحة الإعلاميين باتجاه تأسيس حالة إعلامية جديدة تعتمد على الحرية وشرعة حقوق الإنسان.”
كما بادرت صحيفة الوطن الخاصة القريبة من السلطات والتي تمتعت بهامش نقد نسبي مقارنة بوسائل الإعلام الأخرى منذ تأسيسها عام 2006، صبيحة سقوط النظام، إلى الإعلان عن أن “الإعلام السوري والإعلاميين لا ذنب لهم.”
ونقلت عن ناشرها ورئيس تحريرها وضاح عبد ربه أن الصحيفة التي تصدر عبر الإنترنت، كانت تنفّذ “التعليمات فقط كنا ننشر الأخبار التي يرسلونها لنا وسرعان ما تبيّن الآن أنها كاذبة.” ومذّاك، تنقل الصحيفة الأخبار الصادرة عن الإدارة السياسية الجديدة في البلاد.
وعاودت منصات ومواقع محلية النشر عبر منصاتها المختلفة تدريجيا، وبعضها لا يزال “يتحضر ويستعد للانطلاقة مرة أخرى” مثل قناة سما الخاصة التي كانت ممولة من رجل الأعمال السوري والنائب في البرلمان محمّد حمشو. ومنذ الثامن من ديسمبر الحالي، تصدرت سوريا التي غرقت على مدى أكثر من 13 عاما في حرب دامية المنصات الإعلامية في المنطقة.
كما سلطت وسائل الإعلام الأضواء على “الحكام الجدد” كما وصفوا، في إشارة إلى “إدارة العمليات العسكرية” التي تضم “هيئة تحرير الشام” بزعامة الشرع فضلا عن فصائل مسلحة أخرى متحالفة معها.
وخلال عقود، قيّد حزب البعث ومن خلفه عائلة الأسد، الحريات كافة في البلاد، بينها حرية الإعلام والتعبير. وخلال سنوات النزاع، حوّل النظام الإعلام إلى أداة لترويج سردياته، وفرض قيودا على عمل الصحافيين المستقلين وحدّ من دخول الصحافيين الأجانب. ومنذ العام 2020 توقف إصدار الصحف الورقية تماما في البلاد. وتحتل سوريا بحسب منظمة “مراسلون بلا حدود”، المرتبة ما قبل الأخيرة في تصنيفها لحرية الصحافة لعام 2024.