ورقة نقدية جديدة في الجزائر والجدل في فرنسا

تسبب إصدار الجزائر لعملة جديد لا تحمل كتابة باللغة الفرنسية موجة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بين الإعلاميين والسياسيين الفرنسيين الذين اعتبروا الأمر فشلا لسياسييهم، وبين الجزائريين الذين اعتبروا الأمر بطولة وطنية.
الجزائر - أثار إصدار الجزائر لعملة نقدية جديدة بمناسبة الاحتفال بالذكرى الستين لاستقلالها، فضلاً عن انعقاد قمة جامعة الدول العربية في العاصمة الجزائرية جدلا فرنسيا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتضمنت الورقة النقدية من فئة ألفي دينار (14.24 دولار) التي دخلت حيز التداول ابتداء من يوم الأربعاء كتابة باللغتين العربية والإنجليزية، وبهذا تكون أول ورقة نقدية جزائرية تستبدل فيها اللغة الفرنسية بالإنجليزية الأمر الذي أثار حفيظة سياسيين فرنسيين على مواقع التواصل الاجتماعي وعُدّ مناكفة من الجزائر للمستعمر القديم.
وعبّر السياسي الفرنسي البارز جان لوك ميلونشون رئيس حزب “فرنسا الأبية” عن حزنه، ونشر على تويتر صورة للعملة مرفقة بتغريدة اعتبر فيها أن:
وتعرضت رئيسة الوزراء الفرنسية مؤخرا لانتقادات بسبب فشلها في إبرام اتفاقية هامة مع الجزائر لتوريد كميات إضافية من الغاز الطبيعي، رغم أن مسؤولين فرنسيين صرّحوا بأن زيارة بورن لم تهدف إلى طلب كميات إضافية من الغاز. وقالت بورن إن الجزائر تُعتبر الشريك المفضّل لفرنسا.
لكن تعليقات المسؤولين الفرنسيين أصرت على اعتبار الأمر إخفاقا فرنسيا، وقال الصحافي الفرنسي جورج مالبرونو:
وتساءل فيليب دافيد الصحافي في “راديو سيد” (Radio Sud) “متى سيرد القادة الفرنسيون على الخطوة، ومتى سيتوقفون عن الخضوع لنظرائهم في الجزائر؟”.
لكن المؤرخ الفرنسي سيدريك ماس اعتبر أن الأمر يجب ألّا يقلق الفرنسيين، وكتب على تويتر:
CedricMas@
الحزن هو أن نرى أنه في عام 2022 ما زلنا غير قادرين على قبول سيادة دولة مستعمرة سابقة.
وقال رئيس منظمة محامين بلا حدود:
وكانت الجزائر قد غيّرت بوصلتها من فرنسا نحو إيطاليا التي أضحت شريكها الإستراتيجي الأوروبي الأول.
وجاءت أغلب تعليقات المواطنين حول العملة الجديدة مرحّبة، معتبرين أنّ صور شهداء الثورة على العملة الوطنية لفتة إيجابية.
وركّزت تعليقات الجزائريين على الكتابة باللغة الإنجليزية، إذ قالت مغردة بسخرية:
وفي هذا الإطار اعتبر أستاذ الاقتصاد بجامعة تيبازة كمال ديب أنّ النقود هي عبارة عن وسيلة تبادل تعبر عن مقومات الأمة والدولة، وتبرز مستوى التطوّر الذي وصله الشعب، أما في الجانب التاريخي فالعملة لديها قيمة تاريخية تحمل عدة رموز.
ودخلت وسائل إعلام فرنسية على خط الجدل القائم، لتكشف المجلة الفرنسية “ماريان” في عددها الصادر الأربعاء أن الأوراق النقدية الجزائرية لم تتضمن إشارات باللغة الفرنسية منذ عقود.
وقالت المجلة إن الواقع يبدو أكثر تعقيدا، موضحة أن اللغة الفرنسية كانت حاضرة على العملة النقدية من فئة ألفي دينار جزائري حتى منتصف السبعينات.
وبيّنت أن مرسوما صادرا عن وزارة الاقتصاد الوطني الجزائرية سنة 1964 أوضح أن العبارات المكتوبة بالفرنسية على ظهر العملات النقدية الجزائرية والتي تتضمن القيمة الرمزية بالحروف والأرقام هي عبارة “بنك الجزائر المركزي” (Banque Centrale d’Algérie) والتوقيع.
وأضافت “لم تعد الأوراق النقدية للدينار الجزائري المتداولة حاليًا تتضمن أي عبارات بالفرنسية”، وأضافت في المقابل “إنها المرة الأولى التي تكتب فيها الجزائر باللغة الإنجليزية على أوراقها النقدية”.
وعلق ناشطون جزائريون أنه من الأفضل لو أن الجزائر تعتمد إصلاحات اقتصادية بدلا من الدخول في مناكفات مع فرنسا أو غيرها، فما يهم المواطن أولا وأخيرا هو تحسين ظروفه المعيشية، وقال أحدهم:
وحلّ الدينار الجزائري الذي تصدّر القائمة، وكذلك الدرهم المغربي، والراند الجنوب أفريقي، والجنيه المصري وحتى المتكال الموزمبيقي خارج تصنيف أقوى 20 عملة نقدية أفريقية لعام 2022، محتلاً المرتبة 23 أفريقياً من مجموع 54 عملة وبعيدًا عن الدينار التونسي.
ويرجع ضعف قيمة الدينار الجزائري مقارنة بالعملات الرئيسية كالدولار واليورو، وحتى مع العملات النقدية العربية والأفريقية، إلى عدة اعتبارات تتعلق بقوة ومرونة الاقتصاد الوطني، وواقع التدفقات الاستثمارية، والسياسة النقدية، إلى جانب التجارة الخارجية والتصدير ومؤشرات اقتصادية أخرى.
ورغم تكذيب الحكومات المتعاقبة لعملية تعويم قيمة الدينار الجزائري، يخفض بنك الجزائر قيمة الدينار عبر آلية “التعويم الموجّه”، وهذا منذ تراجع أسعار المحروقات.
فمنذ سنة 2014 يشهد الدينار الجزائري تراجعًا ملحوظًا مقابل الدولار، حيث انخفض إلى 93.23 دينار لكل دولار واحد سنة 2015، ليصل إلى 123 دينارا لكل دولار واحد سنة 2020، و143.33 دينار سنة 2022.
وقال مغرد:
في المقابل نظر مغردون إلى الورقة النقدية الجديدة بطريقة أخرى. وكتب سياسي جزائري: