"ورثة الصمت" حكايات مهاجرين سوريين يبحثون عن هوية أخرى

بيروت- تهتم رواية “ورثة الصمت” للكاتبة والمخرجة السورية عبير داغر إسبر بالأسئلة الحارقة التي تؤرقنا الآن، إذ تبحث في سؤال الهوية وتقدم رؤية متطرفة قليلا قد لا تعجب كل من يخلط سؤال الهوية بالسؤال الحقوقي وسؤال الاضطهاد واستلاب التاريخ والأرض بمعناه الإنساني الشامل.
تحاول الرواية، الصادرة عن دار هاشيت أنطوان/نوفل، أن تسرد حكاية أشخاص ومن خلفهم عائلات سورية في المهجر، حيث لا مجال للعودة إلى البلاد التي لم تفارقهم، بينما تطرح أمامهم أزمة الهوية فردا فردا، كشفا لمناطق مجهولة من ظاهرة الهجرة خاصة حين تكون في إطار اللجوء الذي لا تعقبه عودة.
وتذكر الكاتبة أنه “في الرحيل، تتناسل الأمكنة، تفرد المرافئ والمطارات أذرعها وتبتلع الراحلين قبل أن تلفظهم في صقيع المدن.
عائلة قدسي السورية تأقلمت مع ثلج مونتريال، لكن شمس حمص لا تزال تسكن صدور أفرادها كلغمٍ مؤجل، أو كحلمٍ عنيد.
نانا فجرت اللغم بيديها وأنهت باكرا صفقتها مع المنفى. حسن ندهته الشمس فلبى مسرنما. أما سامي، فقد نجح في خسارة كل حقائبه. إلا ذلك التاريخ الذي يفتك بنساء عائلته كشريان مسموم، فلم يهرب منه إلا ليعود إليه، يوم حمل جانو بين يديه طفلة هزمتها الحياة قبل أن تخوضها حتى. فأي خلاص في مناف تبدو أقرب إلى عطب داخلي منها إلى هجرة جغرافيّة؟”.
ويذكر الناقد فيصل دراج أن “سقوط حر” هي رواية تكسر الإنسان واندحار القيم وغربة الروح الطليقة في زمن الحرب في سوريا، بلغة قطعت مع القاموس التقليدي، واستضاءت بموهبة داخليّة.
وربما استفادت الكاتبة من تجربتها الذاتية في استلهام أجواء الرواية إذ هي أيضا مقيمة في كندا، وهي أيضا سورية، مثل شخصيات روايتها، التي تكاشف قراءها دون خجل أو مواربة بما في نفوس شخصياتها.
ويذكر أن عبير داغر إسبر حاصلة على العديد من المنح والجوائز الأدبيّة، كتبت للصحافة مقالات نقديّة في الأدب والسينما، كما أخرجت العديد من الأفلام الوثائقيّة والروائيّة. صدرت لها روايات “لولو” التي نالت المرتبة الأولى في جائزة حنّا مينه للرواية في سوريا عام 2003، و”منازل الغياب” التي حصلت على الجائزة الأولى في احتفاليّة دمشق عاصمةً للثقافة العربيّة عام 2008، و”قصقص ورق” (2009)، و”ورثة الصمت” هي روايتها الثانية الصادرة عن دار نوفل، بعد “سقوط حرّ” (2019).