"وراء الجبل" رسالة فنتازية للتحرر من الواقع

فيلم تونسي يحلق بعيدا عن الأوضاع المتأزمة نحو عالم مغاير.
الاثنين 2024/01/15
انعتاق من الحياة الروتينية

تونس - بين الفنتازيا والمغامرات يأتي فيلم “وراء الجبل” للمخرج التونسي محمد بن عطية حاملا رسالة للتحرر من قيود الواقع، إذ تدور أحداث الفيلم حول قصة رجل يُدعى رفيق يتحرر بعنف من بيئته الرتيبة، فيسعى لتخليص نفسه من المجتمع بمبادئه وقوانينه ومؤسساته.

وبعد أن قضّى أربع سنوات في السجن لم تكن لدى رفيق (مجد مستورة) سوى خطة واحدة، وهي أن يأخذ ابنه خلف الجبال ويريه اكتشافه المذهل وهو الطيران.

وقال مخرج العمل محمد بن عطية في تصريحات صحفية سابقة إن “الفكرة الأساسية للعمل نابعة من الطيران بعيدا عن الأوضاع المتأزمة، والتحليق نحو عالم مغاير، إذ أن حلم الطيران رغبة تطارد الإنسان منذ القدم”.

ويصور المخرج شخصية رفيق على أنه رجل من العامة، فهو ليس مثقفا ولا يحمل أية أيديولوجيا فكرية أو سياسية أو دينية، كما لا يستطيع التعبير عن رؤيته للعالم بالكلمات، فهو  كثير الصمت وتنبع أفعاله من دافع عاطفي وحشي، فهو يرفض واقع مجتمعه بشدة ويحاول إحداث تغيير عبر الانفجار الكامن في داخله، والرغبة العارمة التي تحدوه للفرار من الواقع الممل والعالم اليومي الكئيب ذي التفكير الأحادي.

ولتوضيح الغاية من فيلمه خلق محمد بن عطية شخصية عجائبية مذهلة وغير مألوفة، شبيهة إلى حد ما بشخصية الرجل الخارق “سوبر مان” حيث جعل بطل الفيلم قادرا على الطيران والتحليق عاليا بين الجبال.

محمد بن عطية: فكرة الفيلم نابعة من الطيران بعيدا عن الأوضاع المتأزمة
محمد بن عطية: فكرة الفيلم نابعة من الطيران بعيدا عن الأوضاع المتأزمة

ولدفع الأحداث جعل المخرج الطفل البالغ من العمر عشر سنوات يرافق والده في مغامراته، إلى جانب شخصيات أخرى صورها بشكل عادي لكنه جعلها تؤمن بقدرات الرجل الخارق وتساعده في الهرب من كل الصعوبات التي تواجهه.

والمخرج التونسي الشاب اعتاد البحث في المسلمات ونقد الحياة الروتينية في تجاربه السينمائية، فكما كانت الحياة الروتينية في فيلمه السابق “ولدي” دافعا بالنسبة إليه لالتحاق شباب تونس بالجماعات الإرهابية المسلحة في سوريا بعد 2011، فإن الواقع الروتيني والممل، وفق رؤيته، كالدراسة والعمل والزواج والإنجاب، ثم الموت دون أي فرصة للشك أو التفكير في كل ما يخص الحياة، دفع المخرج إلى الثورة على الواقع من أجل حياة مختلفة.

يشارك في بطولة الفيلم كل من مجد مستورة وحلمي الدريدي ووليد بوشيحاوي وسلمى الزغيدي ووسيم بالغارق والفلسطيني سامر بشارات.

وتم تقديم العرض العالمي الأول للفيلم في الدورة الـ80 من مهرجان فينيسيا السينمائي ضمن قسم آفاق، في حين قدم عرضه العربي الأول ضمن فعاليات النسخة الثالثة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي التي انتظمت مؤخرا في مدينة جدة السعودية.

وسيكون الفيلم التونسي الذي يدوم تسعين دقيقة مُتاحا في قاعات السينما التونسية بداية من يوم 17 يناير الحالي، بعد أن سجّل الفيلم مشاركته في عدد من المهرجانات الدولية.

هذا العمل “وراء الجبل” هو الفيلم الروائي الطويل الثالث في رصيد المخرج محمد بن عطية بعد “نحبك هادي” (2016) و”ولدي” (2018)، وهو من إنتاج شركة نوماديس لصاحبتها درّة بوشوشة بدعم من وزارة الشؤون الثقافية وعدد من المانحين العرب والأجانب مثل صندوق البحر الأحمر ومؤسسة الدوحة للأفلام وشركاء آخرين من فرنسا وإيطاليا وبلجيكا.

ونال الفيلم جائزة الصحافة في ختام الدورة الـ34 من مهرجان الفيلم العربي بمنطقة فاماك فال دا فانش (شمال فرنسا)، وتنافس “ما رواء الجبل” في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة بالمهرجان الذي أقيم من 5 إلى 15 أكتوبر الماضي، إلى جانب 10 أفلام من المغرب والأردن وسوريا والسودان واليمن وفرنسا وبلجيكا.

14