وجوه نسائية تتناغم في التعبير والانفعال عبر معرض "هي" الأردني

المعرض يسلّط الضوء على انفعالات الوجوه ومشاعر المرأة في جميع تمظهراتها التي تشي بالحزن حينا والأمل غالبا.
الجمعة 2021/10/15
لوحات تعكس المشاعر المتشابهة والمختلفة

عمّان – يستمرّ حتى الخامس من نوفمبر القادم بـ غاليري رؤى 32 للفنون بالعاصمة الأردنية عمّان معرض “هي” متضمنا ثلاثة وأربعين عملا فنيا لعشرين فنانا وفنانة من الأردن وسوريا وفلسطين والعراق ومصر وإسبانيا.

وتعكس أعمال المعرض اتجاهات وأساليب الفنانين المشاركين من واقعية وتعبيرية، حيث حرص كل فنان مشارك أن يُبرز على مسطح لوحاته رؤاه التي ظهرت جلية في الوجوه التي تتناغم فيها تعبيراتها سواء من حيث الإيحاءات أو الانفعالات من بهجة وفرح وحزن وألم وأمل، وهذه الانفعالات تصدر عن جزء مهم من جسم الإنسان هو الأسمى والأرقى روحيا وحسيا.

وتحضر الانفعالات والتعبيرات من خلال لوحات البورتريه التي اختارها الغاليري بعناية لعرضها على الجمهور، من أجل تحقيق المتعة البصرية والتعرّف عن كثب على ما تضمنته رؤى تلك الأعمال التي تعكس المشاعر والأحاسيس المتشابهة والمختلفة من لوحة إلى أخرى.

ويُبرزُ “هي” التباينات الأسلوبية والرؤى الخاصة بكل فنان، وكأن الوجه البشري الأنثوي بات مادة خاما تتناول أحاسيسهم ورؤاهم وهواجسهم ودواخلهم وهم يرسمون هذه الوجوه.

اتجاهات وأساليب فنية مختلفة

ويطرح المعرض تساؤلات عن خلفياتهم ومرجعياتهم البيئية والثقافية والنفسية، كما يدعو المتلقي إلى التأمل في أساليبهم وتقنياتهم أثناء تعاملهم مع الوجوه النسائية، وكأن الموضوع هو ما خلف اللوحة وليس اللوحة ذاتها.

وفي الوجوه المعروضة تتكثّف خلفيات الفنانين والفنانات وبيئاتهم وثقافتهم ومزاجهم النفسي، وتمتزج في عجينة واحدة مع أسلوبهم الفني وتقنياتهم وخاماتهم، لتنتج عن ذلك قراءة مكثفة للطبيعة الإنسانية بما تنطوي عليها من اختلاف وتعدّد.

ويشارك في المعرض من الأردن كل من إياد المصري ورائد قطناني وسهاد الخطيب وعلي العامري وغازي إنعيم وغالية برغوثي وفتحي عارف ومحمود صادق ويزن مصاروة، بينما يحضر من العراق كل من أسامة حسن وإيمان علي وزينة سليم، ومن فلسطين كل من أيمن عيسى وعبدالحي مسلم وناصر السومي، ومن سوريا حمود شنتوت وعلي حسين، ومن مصر رضا عبدالرحمن وشلبية إبراهيم، ومن إسبانيا سيرجيو لونا.

وسيرجيو لونا فنان إسباني من مواليد العام 1979، وهو خريج فنون جميلة من جامعة فالنسيا، حاصل على العديد من الجوائز والأوسمة في إسبانيا. وأعماله مقتناة في المتاحف وحول العالم.

ويستخدم الفنان الإسباني في أعماله ألوان الأكريليك على القماش والشاش، حيث تتداخل الوجوه المشوّهة أو الصور المكرّرة فوق بعضها بأسلوبه الخاص به، حيث تبرز الحركة المضطربة للفرشاة والألوان في سكون هادئ يُحيل إلى ما نفّذه بعض المصوّرين الأميركان في خمسينات القرن الماضي.

أما الفنانة المصرية شلبية إبراهيم فتستحضر مواضيع لوحاتها من عالمها الخاص المُستلهم من خزان الذاكرة الحبلى بالرموز المصرية والسورية، فهي ابنة قرية في المنوفية المصرية التي شكلت ذاكرة طفولتها الأولى بكل ما فيها من سحر الريف ونقائه، وهي ابنة دمشق التي تقاسمت فيها مع زوجها الفنان الراحل نذير نبعة عطر ياسمينها وحبات رمانها، حيث تبدو الورود متناثرة على جنبات لوحاتها، ما يوحي بالتفاؤل والأمل، في تجسيد فطري للفرح وبهجة النفس والروح القادرة على الفرح وكل ما يبهج النفس.

وذلك لأنها تعتبر أن الفن في رسالته السامية لا يمكن إلاّ أن يحمل هذه الصفات، وهو أيضا فعل تأكيد على استمرار الحياة ودفقها نحو الحق والخير والجمال.

وفي مشاركتها في معرض “هي” تركّز الفنانة السورية غالية برغوثي على النساء والصبار، وكل تفصيلة باللوحة تعكس الإحساس بالقوة والجمال والحياة والبدايات الجديدة الواعدة. أما الصبار فهو يعني لها القوة والصبر والجمال والحياة بعد الموت ويعني الحب رغم المصاعب، وهي في ذلك تستخدم أكثر من لون وتقنية في اللوحة الواحدة، لتنتج لوحات مدهشة محتفية بالمرأة وجمالها ودلالها.

ودرست برغوثي الفنون البصرية في الجامعة الأردنية وتخصّصت بالحفر والطباعة، وهي تتقن تصميم المطبوعات والرسم والنحت وتتفنّن في تصميم الدمى وجمعها، وتهتم برسم النساء وتعبّر عنهنّ بأكثر من أسلوب، حيثُ تنظر في دواخلهنّ، ويأتيها الإيحاء من الحياة اليومية المعيشة.

Thumbnail

ويستعرض الفنان الفلسطيني ناصر السومي في لوحاته المعروضة في غاليري رؤى 32 عصارة تجربته المديدة التي جمعت بين التجهيز والنحت والرسم، وحتى المسرح والرقص والكتابة، وهو المشبع بتقنيات عالم الفنون الجميلة مع هواجس علاقة الإنسان في المكان، ومع حقيقة الإيقاعات النابضة بالإيقاع المستمر، حيث يعشق حقيقة دمج كينونة الإنسان في عوالم كشوفاته الفنية الأخرى، مستفيدا من قيمة حسه الشاعري، ومحفورات عشقه لأعماق إنسانية الإنسان الذي يريده في منجزه الفني.

يقدّم السومي كعادته عبر لوحاته حقائق جماليات ساحرة تدعو المتلقي إلى إشراكه كعنصر في تكوين عمله الفني، حيث التيه في نداءات الجسد المتعب عبر تقاسيم كل ما هو مرئي وسرمدي يريده حالة صوفية دائمة.

ويعتبر السومي المولود في العام 1948 من أوائل الفنانين العرب الذين عملوا في التجهيز الفني، وهو الذي اشتهر بتطويعه للمواد العضوية في تشكيل أعماله المفاهيمية.

واختارت الفنانة العراقية إيمان علي خالد موضوع الحب والهمسات الداخلية للنفس البشرية كرسالة من رسائل الحرية المكتومة لتجسّدها عميقة بالدلالات والرموز في لوحات المعرض، مقيمة خلطا متعمّدا لوجوه منفعلة تارة، ومستسلمة تارة أخرى، لتبدو وجوهها مفعمة بأحاسيس الحب والألم والغضب والحلم والسعادة، بل بكل ما تكتنزه دواخل الروح البشرية.

ويؤمن الفنان الأردني يزن مصاروة أن تفاصيل الوجوه الإنسانية وخاصة النسائية فيها الكثير من القصص والحكايات المخفية في خطوطها العميقة، لذلك هو يهتم بسرد تلك القصص من خلال لوحاته ورسوماته التي تعبّر عن الحياة اليومية لشخوصها، وهو ما ظهر في أعماله الأخيرة المعروضة حاليا في غاليري رؤى 32، ليكون واحدا من بين العشرين المحتفين بـ”هي” في جميع تمظهراتها وانفعالاتها التي تشي بالحزن حينا والأمل غالبا.

Thumbnail
14