"وثيقة القيم" تستفز الكويتيين قبل التوجه إلى صناديق الاقتراع

الوثيقة المثيرة للجدل تشتمل على 12 بندا تطالب بمنع الاختلاط في الجامعات ومعارضة نوادي السباحة والمهرجانات وتجريم الوشوم الظاهرة على الجسد.
الاثنين 2022/09/12
تشريع ممارسات سياسية مشبوهة والمتاجرة بالدين بعيدا عن مطالب الكويتيين

الكويت - يبدو أنه لم يعد يجدي في الكويت برنامج المرشح للانتخابات، ووعوده دون الإمضاء على ورقة أطلق عليها إسلاميون "وثيقة القيم"، ووصفها مناوئوها بـ"الوثيقة الداعشية"، وهي التي أثارت الجدل والسجال بين الكويتيين.

وتشتمل الوثيقة التي تأتي قبل توجه الكويتيين نحو صناديق الاقتراع في التاسع والعشرين من سبتمبر الجاري، على 12 بندا تطالب المرشحين بالتعهد بالالتزام بها عقب فوزهم، ومع أول خطوة يخطوها البرلماني داخل قاعة عبدالله السالم (البرلمان).

ومن أبرز ما دعت إليه "العمل على تطبيق قانون منع الاختلاط"، و"رفض المهرجانات الهابطة" و"رفض المسابح والنوادي المختلطة"، و"تفعيل قانون اللبس المحتشم" و"العمل على وقف الابتذال الأخلاقي".

وحضت الوثيقة على "تعديل قانون التشبه بالجنس الآخر" و"تطبيق قانون تجريم الوشوم الظاهرة على الجسد"، و"إضافة جريمة سب الصحابة إلى قانون المسيء في حال عدم إلغائه".

ولا ينتهي الأمر بحسب الوثيقة عند التوقيع والإمضاء، إذ ثمة "خط ساخن" مع معديها لإبلاغ النائب المتعهد أولا بأول عما يقع من مخالفات لها، كما جاء فيها.

ويقف وراء الوثيقة عدد من نشطاء "الإسلام السياسي" بالكويت، وقد أطلقها الناشط عبدالرحمن النصار، بتأييد الداعية المثير للجدل عثمان الخميس، وكان أول الموقعين عليها النائب السلفي السابق محمد هايف.

ويقول النصار إن ثمة 800 وتزيد من ديوانيات الكويت أمضت عليها، والديوانية في الكويت المقر الرئيس لكل حزب وقبيلة ومقاطعة.

ورأى مراقبون في الوثيقة ضربا لتوجه الكويت إلى الوحدة والإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، بإثارة الجدل حول قضايا خلافية، تحدث الانقسام داخل المجتمع الكويتي المحافظ بطبيعته.

وانتقدت شخصيات سياسية وفكرية في الكويت هذه الوثيقة ومقدميها، واعتبرت أن الغاية منها "تشريع الممارسات السياسية المشبوهة والمتاجرة بالدين، فهي بعيدة عن مطالب الكويتيين".

ووصف وزير الإعلام الكويتي السابق والأكاديمي سعد بن طفلة العجمي الوثيقة بأنها "داعشية بامتياز"، داعيا "كل حريص على دولة القانون والدستور والحريات العامة والخاصة، أن يرفض هذه الوثيقة بلا تردد".

وقال الأمين العام لـ"المنبر الديمقراطي" عبدالهادي السنافي، وهو من الرافضين للوثيقة، "بها تعد واضح في بعض بنودها على نصوص الحريات العامة والخاصة التي أكدها الدستور".

وشدد السنافي على "التمسك بوثيقة دستور الكويت نصا وروحا باعتباره مرجعية القوانين التي تنظم حياة الناس وتكفل حقوقهم وحرياتهم".

واعتبر المرشح لانتخابات مجلس الأمة بالكويت بادر ناصر الحميدي عبر تويتر أن "القيم تُغرس ولا تُفرض والمجتمع الكويتي مجتمع محافظ لا يحتاج إلى الوصاية"، لافتا إلى أن "الكويت دولة مؤسسات يحكمها القانون والدستور".

وفي نفس الاتجاه اعتبر المحامي أسامة السند أن "وثيقة القيم"، "ليست مشروعا سياسيا، بل وصاية دينية أخلاقية على مجتمع لا يتكون من 50 فردا (عدد أعضاء مجلس الأمة)، بل من ملايين الأشخاص ممن يختلفون فكريا وعقائديا على جميع المستويات.. هي وثيقة مرفوضة وأرفض أن أصوت لأي شخص يوقع عليها.. اجعل منها مشروعا دعويا في المساجد، لكن ليس في الدولة".

ووافقه الناشط علي المتوى قائلا "وثيقة القيم هي محاولة يائسة لسيطرة الإسلاميين على المرشحين والناخبين والحكومة معا. الكويت لا تحتاج إلى وثائق أو وصايا أو مستندات لتعريف الناس بالأخلاق والقيم الصحيحة. لدينا دستور وقوانين واضحة المعالم وأعراف جميلة توارثتها الأجيال".

وقالت الأستاذة في جامعة الكويت ملك الرشيد "قرأت ما يسمى بوثيقة القيم، فتبادر إلى ذهني: ما هذا المجتمع الفاسق والمنحلّ أخلاقيا، الذي يحتاج "ممثلوه" إلى إصدار مثل هذه الوثيقة، لانتشاله من الوحل كأولوية قبل التعليم والصحة، والإسكان والفساد والاقتصاد، والثقافة والبنى التحتية؟".

وكتبت ساخرة شيخة الجاسم وهي أكاديمية في جامعة الكويت، "تخيل العالم ينظر إلى الديمقراطية الكويتية ويرى المرشحين يوقعون على وثيقة لتجريم التاتو (الوشم)".

وقال نائب رئيس جمعية المحامين الكويتية عدنان أبل "المجتمع الكويتي لم ولن يحتاج إلى وثيقة تحدد سلوكه وحرياته، في دولة مضى على دستورها 60 عاما، وتعمل في إطار مؤسسي ونصوص تُقرّ من خلال المؤسسة التشريعية، التي يقسم أعضاؤها في أولى جلساتهم على احترام الدستور، وقوانين الدولة، والذود عن الحريات"، وبأن "من لا يؤمن بذلك لا يستحق تمثيل الأمة".

وأعلن عدد من المرشحين الإسلاميين عبر حساباتهم على منصات التواصل الاجتماعي توقيعهم على الوثيقة، كما نشر بعضهم صورا لهم خلال توقيعها، مؤكدين أنها تمثل نهج الدعوة، وترتكز على الثوابت والقيم، وعدّوا توقيعهم دفاعا عن قيم المجتمع الكويتي، ومن أولئك المرشح فهد المهمّل، الذي كتب عبر حسابه على تويتر "إيمانا منا بأن الثوابت الإسلامية هي قاعده تبنى عليها التشريعات والقوانين، وهي القيم والثوابت التي تمثل هويتنا الوطنية.. فمن هذا المنطلق وقعنا على و'ثيقة القيم'، سائلين المولى عز وجل التوفيق والسداد".

ويعتبر مجلس الأمة السلطة التشريعية في الكويت، ويتكون من 50 عضوا منتخبا، بجانب وزراء الحكومة، شرط ألا يزيد عددهم عن ثلث عدد النواب، أي لا يزيد عن 16 وزيرا.

وقد صدر مرسوم أميري في أول شهر سبتمبر الجاري، يقضي بحل مجلس الأمة، وذلك استعدادا لتنظيم انتخابات جديدة في تحرك يهدف إلى حل الأزمة بين الحكومة والبرلمان.