وثائق بريطانية تكشف خلفية ملاحقة الأمير متعب بن عبدالله في قضايا فساد في السعودية

تقرير يكشف تورط مسؤولين وساسة ودبلوماسيين بريطانيين في "فساد عميق" بتقديم رشاوى لمسؤولين سعوديين بارزين من بينهم الأمير متعب.
الثلاثاء 2023/11/28
الأمير متعب غرق في "فساد عميق"

لندن- كشفت وثائق بريطانية لأول مرة أسباب القرار الذي اتخذه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بتوقيف وزير الحرس الوطني السابق الأمير متعب بن عبدالله سنة 2017، والضغط عليه لإعادة أموال اتهم بالحصول عليها كعمولات من شركات أسلحة ومعدات أجنبية.

وكان الأمير محمّد قد شنّ أكبر حملة لمحاربة الفساد في المملكة طالت أثرياء ورجال أعمال كبارا ولم تستثن أفرادا من الأسرة الحاكمة.

وقال محاميان يمثلان موظفا حكوميا بريطانيا سابقا متهما بالفساد، الاثنين، إن الحكومة البريطانية سهلت مدفوعات بملايين الجنيهات الإسترلينية لمسؤولين سعوديين كبار على مدى سنوات طويلة للحصول على عقود مربحة واستمرارها.

ويواجه جيفري كوك المدير السابق لشركة جي.بي.تي سبيشال بروجيكت مانجمنت التابعة لشركة أيرباص، الاتهام بدفع نحو 9.7 مليون جنيه إسترليني (12.2 مليون دولار) لوسطاء للفوز بعقود من الحرس الوطني السعودي.

◙ مسؤولون بريطانيون كبار كانوا على علم بدفع رشاوى لمسؤولين سعوديين بارزين لتسهيل عقد الصفقات

ويواجه كوك، وهو موظف سابق في وزارة الدفاع البريطانية، اتهاما واحدا بالفساد بين عامي 2007 و2012 إلى جانب جون ميسون.

وينفي الرجلان الاتهام، وقال توم ألين محامي كوك أمام هيئة المحلفين في محكمة ساوثوارك الملكية إن المدفوعات ذهبت لوسطاء منذ أواخر السبعينات “بإشراف وموافقة وبتشجيع من حكومتنا”.

وقال المدعي مارك هايوود الأسبوع الماضي إن كوك وميسون تورطا في “فساد عميق” بتقديم رشاوى لمسؤولين سعوديين بارزين، من بينهم الأمير متعب بن عبدالله ابن العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز.

وقال ألين، الاثنين، إنه لا شك في دفع 9.7 مليون جنيه إسترليني لكن تصرفات كوك لا تشكل فسادا.

وأضاف للمحكمة أن مسؤولين وساسة ودبلوماسيين بريطانيين كبارا كانوا على علم وأقروا مثل هذه المدفوعات التي بلغ مجموعها نحو 60 مليون جنيه إسترليني منذ عام 1978 وأن سفيرا سابقا لدى السعودية وصفها بأنها “تلاعب يمكن إنكاره”.

وتركز القضية على شركة جي.بي.تي التي كان عملها الوحيد هو توفير أنظمة الاتصالات للحرس الوطني السعودي بموجب عقد مع وزارة الدفاع البريطانية.

وقال ألين لهيئة المحلفين إن القضية الأساسية في المحاكمة هي “من يرقص، وكيف، على الأنغام السعودية”.

وأضاف “بريطانيا لا تحاول أبدا إزعاج السعوديين لأن هناك مصالح كثيرة”، بما في ذلك أهمية العلاقات السياسية والدبلوماسية بين البلدين.

وقال ألين إن المدفوعات طلبها الحرس الوطني السعودي صراحة، لأن الموقف السعودي هو “إذا كنتم تريدون التعامل معنا، أي الحرس الوطني السعودي، في بلادنا، فعليكم الدفع”.

◙ الأمير محمّد شنّ أكبر حملة لمحاربة الفساد في المملكة طالت أثرياء ورجال أعمال كبارا ولم تستثن أفرادا من الأسرة الحاكمة
الأمير محمّد شنّ أكبر حملة لمحاربة الفساد في المملكة طالت أثرياء ورجال أعمال كبارا ولم تستثن أفرادا من الأسرة الحاكمة

وقال غراهام برودي محامي ميسون إن وزارة الدفاع وافقت على المدفوعات لأنها “تخدم المصالح المالية، وربما الأهم بالنسبة إلى الحكومة أنها تخدم المصالح الإستراتيجية للمملكة المتحدة”.

ومازالت المحاكمة التي ستنتهي العام المقبل مستمرة.

وتعيد القضية إلى الذاكرة ما بات يعرف بصفقة اليمامة المتعلقة بفساد في مبيعات أسلحة من بريطانيا إلى السعودية بدأت منذ أواسط عقد الثمانينات من القرن الماضي وتلقت لندن مقابلها ما يصل إلى ستمئة ألف برميل من النفط السعودي الخام يوميا.

وبلغت قيمة صفقة الأسلحة التي أبرمتها آنذاك شركة بي.أي.إي سيستمز البريطانية مع الحكومة السعودية 43 مليار جنيه إسترليني، حوالي 56 مليار دولار أميركي.

ووقع وزير الدفاع البريطاني الأسبق مايكل هيزلتاين ونظيره السعودي الأمير سلطان بن عبدالعزيز المرحلة الأولى من صفقة اليمامة التي نصت على تزويد السعودية بأكثر من مئة طائرة حربية بالإضافة إلى مجموعة كاملة من الأسلحة وأجهزة الرادار وقطع الغيار، وبرنامج تدريب للطيارين.

وأحيطت الصفقة بسرية تامة من قبل الجانبين البريطاني والسعودي لكن وثائق رسمية نشرت لاحقا في بريطانيا كشفت أن رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت ثاتشر أجرت محادثات سرية مع الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز بشأن الصفقة الأضخم من نوعها.

وجاء في التفاصيل أن الصفقة تمت بمساعدة حساب مصرفي سري كان بمثابة القناة التي تم عبرها دفع رشاوى لأجل إتمام الصفقة.

وكشف تحقيق أجرته هيئة الإذاعة البريطانية بي.بي.سي أن صفقة اليمامة تضمنت عمولة بلغت أكثر من ملياري دولار دفعت على مدى عقد من الزمن مقابل إبرام الصفقة المذكورة، موضّحا أن وزارة الدفاع البريطانية وافقت على المدفوعات السرية. 

3