وتيرة متسارعة لتطوير البنية التحتية لصناعة الغاز في المغرب

المغرب يشهد حاليا تسارعا في تطوير بنية تحتية لصناعة الغاز الطبيعي، وهو جزء من إستراتيجياته لتنويع مصادر الطاقة وتعزيز استقلاليته في مجال الطاقة. وهذا التطور يأتي في وقت يشهد فيه العالم تحولا نحو مصادر طاقة أكثر استدامة، ولكنه أيضا يهدف إلى تلبية احتياجات السوق المحلية.
هيوستن (الولايات المتحدة) - يعكف المغرب على تسريع خطواته نحو تنمية صناعة الغاز بعد تنامي اهتمام المسؤولين بتعزيز قدرات البلد وأن يجعل من ذلك المورد مساهما رئيسيا في التنمية الشاملة مستقبلا عبر خطط مرحلية مدروسة.
وكشفت ليلى بنعلي وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة خلال مشاركتها في المؤتمر العالمي (أسبوع سيرا للطاقة) المقام حاليا في هيوستن الأميركية أن بلدها يستعد لطرح مناقصة لتطوير البنية التحتية للغاز خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وقالت إن “معظم الاستثمارات المرتقبة البالغة 6 مليارات دولار ستأتي من القطاع الخاص، ويشمل ذلك توفير نقاط دخول الغاز الطبيعي المسال إلى المغرب، وعدد من خطوط الأنابيب لإيصال الغاز إلى مراكز الطلب.”
وأكدت أن الغاز في صلب “إستراتيجية الطاقة الخاصة بالمملكة،” والتي تقوم على ثلاث ركائز، هي زيادة الاستثمار في الطاقة المتجددة لبلوغ إنتاجها 52 في المئة من مزيج الطاقة بحلول نهاية 2030، ثم كفاءة الطاقة، إضافة إلى الاستثمار في البنية التحتية.
ومسألة تطوير البنية التحتية لهذا المجال هي أحد المحاور الإستراتيجية التي تم الإعلان عنها قبل ثلاث سنوات، وتتضمن كذلك إنشاء سوق منظمة للغاز الطبيعي وقدرة المستهلكين من أفراد وصناعيين على الوصول إلى الإمدادات في سياق تعزيز القدرة التنافسية.
كما ترى الرباط أن الغاز المسال مصدر نظيف للحصول على الطاقة، ويناسب أهداف البلاد المتعلقة بخفض انبعاثات الكربون.
ومنذ أن توقفت الجزائر عن إمداد المغرب بالغاز في الأول من شهر نوفمبر 2021، تعمل الحكومة على تنفيذ إستراتيجية بعيدة المدى لتوفير مصادر بديلة والاستفادة من المكامن غير المكتشفة مع الحرص على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الإمدادات.
ولترجمة تطلعات البلد نحو وضع أسس لقطاع الغاز لتلبية الاحتياجات الصناعية وتعزيز دوره في الاقتصاد في مرحلة لاحقة لتلبية الطلب المحلي في توليد الكهرباء، أبرمت مطلع 2024 أربع وزارات وخمس مؤسسات بروتوكولا بهدف إنجاز هذا البرنامج.
ويهدف البروتوكول، الذي يضم أيضا وكالة الموانئ ومكتب الكهرباء والماء ومكتب للهيدروكاربورات والمعادن وشركة الناظور غرب المتوسط وشركة للطرق البرية، إلى تعزيز التنسيق بين الوزارات لإنجاز برنامج تطوير بنية تحتية للغاز.
وفي الوقت الحالي ينتج المغرب أقل من 100 مليون متر مكعب سنوياً من الغاز من حقول صغيرة غرب البلاد، لكن احتياطياتها شارفت على النفاد، بحسب ما تشير إليه التقديرات.
وتستورد البلاد باقي احتياجاتها المُقدرة بنحو مليار متر مكعب سنويا من الأسواق الدولية، حيث ترتبط بخط أنابيب مع إسبانيا يُسهل عليها استيراد الغاز المسال من السوق الدولية.
والهدف الطموح بفضل الاهتمام بهذا المجال هو زيادة إنتاج الغاز بنحو 300 في المئة إلى 400 مليون متر مكعب سنويا في الأعوام القليلة المقبلة، بما يوفر 40 في المئة من الاستهلاك المحلي.
وتتوقع مديرية الطاقة والمعادن أن يصل إجمالي الطلب على الغاز في السوق المحلية إلى أكثر من 3 مليارات متر مكعب سنويا في العام 2040، وهو سبب كاف لأن تتجه السلطات إلى تنمية هذا القطاع.
ولتحقيق الأهداف يخطط المغرب لبناء خطوط أنابيب لنقل الإنتاج المحلي المرتقب من الغاز في حقلي تندرارا البري وأنشوا البحري، بحسب خارطة طريق للوزارة عرضت على المشرعين في يناير الماضي.
وعلاوة على ذلك سيتم تطوير ثلاث محطات استيراد في ثلاثة موانئ، في إطار تنفيذ مشروع خط أنبوب الغاز المغرب – نيجيريا الذي سيتم إنشاؤه على امتداد آلاف الكيلومترات.
ويقترب البلد من الإنتاج التجاري من الغاز للمرة الأولى في تاريخه بنهاية 2025، مع دخول شركة ساوند إنيرجي البريطانية المراحل النهائية من بناء محطة لتسييل هذا المورد المستخرج من امتياز حقل تندرارا الذي تديره شرق البلاد.
إستراتيجية الطاقة
- تنمية مشاريع الطاقة المتجددة
- العمل على تعزيز كفاءة الطاقة
- زيادة الاستثمار في البنية التحتية
ومن المقرر أن تبدأ تجارب الإنتاج في المحطة الصيف المقبل على أن يتم الشروع في الإنتاج التجاري بقدرة تناهز 10 ملايين قدم مكعب يوميا بنهاية الخريف.
وتستهدف الخطط فيما بعد زيادة القدرة الإنتاجية إلى 40 مليون قدم مكعب مع وجود حقول أخرى قيد التطوير، بحسب ما ذكره غراهام ليون، الرئيس التنفيذي للشركة البريطانية في مقابلة سابقة مع بلومبيرغ الشرق.
وتندرارا يعد أكبر حقل غاز بري وأكبر حقل قيد التطوير في المغرب بحسب ليون، مشيرا إلى أن بدء الإنتاج سيمكّن المغرب من خفض واردات الغاز، والذي تعتمد عليه بالأساس لإنتاج الكهرباء، وتجفيف الفوسفات إضافة إلى صناعة السيراميك والحديد.
ومن المنتظر أن يتم بيع الغاز من وحدة التحويل في تندرارا إلى أفريقيا غاز، وهي إحدى أكبر الشركات العاملة في قطاع توزيع الوقود في البلاد، وهي تابعة لمجموعة أكوا المغربية، التي تستثمر في مجالات الطاقة والعقارات والسياحة والمتاجر.
وإلى جانب تطوير الحقل الغازي، تعمل ساوند إنيرجي ومناجم على تشييد خط أنبوب باستثمار 400 مليون دولار على مسافة تصل إلى 120 كيلومترا. وسيتم ربطه مع خط أنبوب الغاز المغاربي – الأوروبي.
وفي يونيو 2023 دخل المغرب في شراكة مع مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي، لتنظيم شراكة بين القطاعين العام والخاص لتطوير بنية تحتية مستدامة لقطاع الغاز في إطار خارطة طريق الحكومة لتنمية هذا المورد.