وتيرة ارتفاع البطالة تتحدى إصلاحات سوق العمل الأردنية

جيوش العاطلين عن العمل تصل إلى حوالي 19 بالمئة من الأيدي العاملة في البلاد.
الاثنين 2019/06/03
سوق العمل السوداء هي الملجأ

تجمع الأوساط الاقتصادية الأردنية على أن وتيرة ارتفاع معدلات البطالة المتسارعة بين الأردنيين تثبت أن إصلاحات سوق العمل لم تتمكن من إطفاء الآثار الجانبية لإجراءات التقشف وخفض الإنفاق والدعم الحكومي والأجور والرسوم والضرائب الجديدة التي فرضتها الحكومة لمعالجة الاختلالات في التوازنات المالية.

عمان – تعكس القفزة في معدلات البطالة في الأردن، التي أظهرتها أحدث المؤشرات، أن الحديث عن تنفيذ إجراءات تخفف الأزمة الاقتصادية في البلاد لا يزال مجرد حبر على ورق وأن الجدوى منها لم تتحقق حتى الآن.

وأشارت بيانات نشرتها دائرة الإحصاءات العامة أمس إلى أن نسبة البطالة في سوق العمل المحلية ارتفعت لتصل إلى نحو 19 بالمئة في الربع الأول من العام الجاري، مقارنة مع 18.4 بالمئة في الفترة ذاتها قبل عام.

وهذه النسبة هي الأعلى منذ عام ونصف العام حينما بلغت مستويات البطالة حاجز 15.8 بالمئة في الربع الثالث من عام 2017.

وقالت دائرة الإحصاءات في بيان على موقعها في الإنترنت إن “نسبة البطالة في صفوف الذكور بلغت نحو 16.4 بالمئة، مقابل 28.9 بالمئة للإناث، في الربع الأول من 2019″.

وبلغت نسبة البطالة في صفوف حملة الشهادات الجامعية، وهم الأفراد العاطلون عن العمل ممن يحملون مؤهل بكالوريوس فأعلى، نحو 24.4 بالمئة.

ويؤكد خبراء أن حدة التحديات التي تواجه الاقتصاد الأردني منذ مطلع العام الماضي لم تتراجع حتى اليوم، وهو ما ينذر بالمزيد من المتاعب خلال الفترة المقبلة في بلد يعتمد على المساعدات الدولية بشكل كبير.

البنك الدولي حذر مرارا من تدهور الثقة بين الشباب والحكومة بسبب عدم توفر فرص العمل وتدني نوعية الخدمات

وتعاني البلاد، التي تستورد أكثر من 90 بالمئة من احتياجاتها من الطاقة، ظروفا اقتصادية صعبة وديونا، كما أنها تأثرت كثيرا بالأزمتين المستمرتين في كل من العراق وسوريا ولاسيما أزمة اللاجئين.

ودخلت سوق العمل الأردنية في منافسة قوية مع العمالة السورية، في وقت يبلغ فيه إجمالي عدد السكان بالبلاد 9.531 مليون، منهم 2.9 مليون غير أردني، بينهم 1.3 مليون سوري، والباقون يمثلون جنسيات مصرية وفلسطينية وعراقية ويمنية.

وتعهدت الحكومة السابقة بقيادة هاني الملقي قبل عامين بتوفير حوالي 200 ألف فرصة عمل للاجئين السوريين خلال السنوات المقبلة، لكنها ربطت ذلك بالحصول على منح مالية من الدول الأجنبية.

وقد حذر اقتصاديون مرارا من تبعات عودة أعداد كبيرة من الأردنيين العاملين في دول الخليج مع تضرر أوضاعها المالية والاقتصادية منذ تراجع أسعار النفط بأكثر من ثلثي قيمته منذ منتصف 2014، وهو ما يزيد الضغوط على عمّان.

ويقول قاسم الحموري، أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك، إن الأردن يعتمد بصورة واضحة على حوالات العاملين في الخارج، لذلك فإن وضع الاقتصاد المحاصر من كل الجهات لا يحتمل التضحية بعنصر أساسي في ميزان المدفوعات.

ويبلغ عدد المغتربين الأردنيين نحو مليوني شخص موزعين على حوالي 70 دولة، بحسب الإحصاءات الصادرة عن وزارة الخارجية الأردنية.

وكان البنك الدولي قد حذر في السنوات الأخيرة من تدهور الثقة بين الشباب والحكومة في الأردن، بسبب عدم توفر فرص العمل وتدنّي نوعية الخدمات.

وتلقي هذه الأوضاع الصعبة بظلال قاتمة على حياة المواطنين، الذين يبحثون بدورهم عن حل يوفر لهم كرامة العيش، فيما تحاصرهم ضغوط البطالة والضرائب وارتفاع الأسعار.

وتزايدت ضغوط صندوق النقد الدولي على الأردن للإسراع في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه وخاصة ضريبة الدخل ومعالجة ارتفاع معدل البطالة في السوق المحلية وخفض الدين العام، رغم إشادته بمتانة النظام المالي للبلاد، التي تعاني من اختلالات اقتصادية مزمنة.

نسبة البطالة في صفوف الذكور بلغت نحو 16.4 بالمئة، مقابل 28.9 بالمئة للإناث، في الربع الأول من 2019

وفي ديسمبر الماضي، صادق الأردن بشكل نهائي على قانون ضريبة الدخل المعدل بعد إقراره من البرلمان بغرفتيه.

وأثار مشروع القانون قبل التعديل، في مايو العام الماضي، موجة احتجاجات في البلاد استمرت 8 أيام متتالية على مقربة من مقر الحكومة في العاصمة، دفعت الملقي إلى تقديم استقالته، وتكليف عمر الرزاز، خلفًا له.

ويهدف البرنامج المتفق عليه مع صندوق النقد إلى تعزيز التوحيد المالي لخفض الدين العام تدريجيا وتنفيذ إصلاحات هيكلية تدفع نحو نمو أكثر شمولا.

ويعتبر عجز الموازنة العامة المزمن المصدر الأساسي لنمو الدين العام نسبة وحجما، إذ تلجأ الحكومة إلى سد فجوة العجز في الإيرادات سنويا عن طريق الاقتراض بشقيه الداخلي والخارجي، وهذا بدوره يراكم المديونية عاما بعد آخر.

وتهدف خطة التعزيز المالي للحكومة الأردنية إلى خفض الدين العام إلى نحو 77 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2021 من 95 بالمئة حاليا.

وتظهر الإحصاءات على الموقع الإلكتروني لوزارة المالية أن صافي الدين الداخلي للبلاد بنهاية العام الماضي، بلغ نحو 22 مليار دولار، في حين وصل الدين الخارجي إلى 18 مليار دولار.

وأشاد الصندوق بدور السلطات الأردنية في المحافظة على استقرار الاقتصاد الكلي وتماسك السياسة النقدية وضمان وجود نظام مالي سليم.

لكنه يرى في المقابل، أن إعطاء الأولوية لتدابير تخفيض تكاليف الأعمال وزيادة فرص العمل وتحسين ظروف سوق العمل وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي أمر ضروري من أجل تحقيق النمو الشامل.

11