واقع قاس أمام النازحين العراقيين العائدين.. لا شيء سوى الأنقاض

منظمات حقوقية دولية ومحلية تنتقد إغلاق السلطات العراقية العشرات من مخيمات النزوح دون وضع خطة شاملة لتأمينهم مما يعرض حياة الآلاف منهم للخطر.
الثلاثاء 2021/06/15
عودة قسرية دون تأمين للخدمات

بغداد - اتخذت السلطات العراقية خطى متسارعة لإغلاق العشرات من مخيمات النزوح المنتشرة في أنحاء البلاد، من دون وضع استراتيجية شاملة لإعادة الإعمار، في خطة قوبلت بالرفض من قبل منظمات حقوقية دولية ومحلية.

وقضت الخطة التي اعتمدتها وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، بإغلاق كامل المخيمات في المحافظات خلال عام 2021، ثم تدريجيا المخيمات المنتشرة في إقليم كردستان والبالغ عددها 26 مخيما.

واعتبرت مفوضية حقوق الإنسان العراقية أن "العودة القسرية للنازحين تعرض حياة الآلاف للخطر".

وأجبرت أم وسام، وهي نازحة من قضاء "الشرقاط" شمالي محافظة صلاح الدين، على العودة إلى قريتها المسماة "شيالة الأمام" في القضاء، من دون توفير مستلزمات العيش الأساسية، كالمنزل ومتطلبات الحياة اليومية.

تقول أم وسام إن "النازحين كانوا متواجدين في مخيم حسن شام الذي تشرف عليه وزارة الهجرة العراقية (يقع بأطراف أربيل)، بعضهم قرروا العودة، والآخرون أجبروا من قبل المسؤولين في المخيم على العودة إلى مناطقهم وأنا منهم".

وتضيف "رجعت إلى قريتي التي تعرضت للدمار، ولم أجد منزلي كونه أيضا تعرض للدمار، فاضطررت إلى اللجوء إلى هيكل مركبة متروكة في القرية لإيواء عائلتي المكونة من 5 فتيات، ولم نتلق وقتها أي مساعدات من قبل الحكومة".

وأفادت بأنه "في المخيم كانت الأوضاع أكثر انسيابية بالنسبة لنا، المساعدات الغذائية والطبية متوفرة، أما الآن فمن الصعوبة توفيرها، وكنا نأمل ألا نترك هكذا في العراء من دون أي مساعدات رغم أنني أرملة ولا معيل لي".

أما أبووليد، فقد نزح من قرية "الكولات" بقضاء سنجار إلى مخيم "دبيكة" شرقي مدينة الموصل (شمال)، وأجبر أيضا على العودة إلى قريته التي تعرضت للدمار الكامل في المعارك بين مسلحي "داعش" والقوات الحكومية بين عامي 2014 - 2017.

وذكر أبووليد "عند عودتنا من رحلة النزوح الطويلة إلى قريتي، للأسف لم أجد منزلي، كان عبارة عن أنقاض، لجأت إلى هيكل منزل قريب واستقريت فيه مع عائلي"، موضحا أن "جميع النازحين العائدين إلى القرية لا يملكون الأموال كي يباشروا بإعادة بناء منازلهم".

وأضاف أن "الخدمات المقدمة لنا في القرية متواضعة جدا، خصوصا العلاج"، لافتا إلى أن "الحكومة لم تقدم لنا أي مساعدات بعد عودتنا من المخيم".

وكما هو الحال بمخيمات النزوح شمالي البلاد، أغلقت وزارة الهجرة العراقية مخيمات النزوح المحدودة التي افتتحت في محافظات الجنوب عام 2014، لاستقبال نازحي مناطق الشمال، لكن وضع تلك العائلات كان أفضل من نظيراتها في الشمال.

وقال محمد جميل، وهو نازح من محافظة نينوى إلى محافظة كربلاء، إن "الاستقرار الأمني في كربلاء وتوفر فرص العمل جعلا جميع النازحين يعتمدون على أنفسهم في توفير قوت يومهم، والغالبية منهم تمكنوا من إيجاد منازل للإيجار أو حتى شرائها".

وأوضح جميل أن "المشكلة ليست في النازح، بل في إدارة ملف النزوح، ففي المحافظات الشمالية التي شهدت نزوحا، لو كانت هناك خطط حكومية لإعادة الاستقرار فيها وتوفير جزء بسيط من الخدمات الأساسية، لفضل الآلاف من النازحين العودة إلى مناطقهم بشكل أسرع".

ولا يزال الكثير من النازحين القاطنين بمخيمات النزوح في إقليم كردستان غير قادرين على العودة إلى مناطقهم الأصلية نتيجة تدمير منازلهم خلال الحرب، فضلا عن عدم توفر البنى التحتية الأساسية للخدمات وعدم استقرار الوضع الأمني.

واضطر الملايين من العراقيين إلى النزوح وترك منازلهم في محافظات نينوى وكركوك وصلاح الدين والأنبار وديالى وأطراف بغداد وأجزاء من محافظة بابل بعد منتصف عام 2014، عقب توسع سيطرة مسلحي "داعش" على مناطق البلاد المختلفة، بحسب وزارة الهجرة العراقية.

واستعادت القوات العراقية مدينة الموصل بصورة كاملة من سيطرة "داعش" في 10 يوليو 2017، فيما أعلنت بغداد نهاية عام 2017 طرد مسلحي التنظيم من جميع المحافظات التي سيطروا عليها.

ورغم الإقرار الرسمي بعدم توفير جميع المتطلبات في مناطق النزوح لإعادة العائلات إليها، إلا أن وزارة الهجرة العراقية تسعى لإغلاق آخر مخيمين للنازحين بمحافظتي نينوى والأنبار.

وأشار المتحدث باسم وزارة الهجرة العراقية علي جهانكير إلى أن "الخدمات عادت تدريجيا إلى المناطق التي شهدت نزوحا، لكن بطبيعة الحال لا توجد هناك خدمات مثالية، فغالبية المدن العراقية تعاني من نقص الخدمات، فهي مشكلة عامة وليست مقتصرة على المناطق التي شهدت عمليات نزوح".