واشنطن وبغداد بصدد بحث إنهاء الوجود العسكري الأميركي بالعراق

توقعات بأن تستغرق المحادثات عدة أشهر إن لم يكن أكثر، كما أن نتيجتها ليست واضحة، وأن انسحاب القوات الأميركية ليس وشيكا.
الخميس 2024/01/25
واشنطن لم تكن ترغب في سحب قواتها من العراق رغم تعرضها للضغوط

بغداد - أفادت أربعة مصادر لرويترز الأربعاء بأن الولايات المتحدة والعراق بصدد بدء محادثات تهدف لإنهاء مهمة التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق، وهي خطوة في عملية تعثرت بسبب الحرب في قطاع غزة.

وقالت ثلاثة مصادر إن الولايات المتحدة نقلت استعدادها لبدء المحادثات إلى الحكومة العراقية في رسالة سلمتها السفيرة الأميركية بالعراق آلينا رومانوسكي لوزير الخارجية العراقي فؤاد حسين الأربعاء.

وأشارت المصادر الثلاثة إلى أن الولايات المتحدة أسقطت بهذه الخطوة شروطا مسبقة بأن توقف فصائل عراقية مسلحة مدعومة من إيران الهجمات عليها أولا.

وذكرت الخارجية العراقية أنه جرى تسلم رسالة مهمة وأن رئيس الوزراء سيدرسها بعناية، من دون الخوض في تفاصيل.

ومن المتوقع أن تستغرق المحادثات عدة أشهر، إن لم يكن أكثر، غير أن نتيجتها ليست واضحة كما أن انسحاب القوات الأميركية ليس وشيكا.

والولايات المتحدة والعراق اتفقا، الصيف الماضي، على تشكيل لجنة عسكرية عليا للبحث في الأمر، بحسب ما ذكره البنتاغون.

وأشار البنتاغون حينها إلى أن النقاشات بين المسؤولين الأميركيين والعراقيين، ستكون على غرار مجموعة عمل وستركز على المرحلة التالية من التحالف المناهض لتنظيم داعش بقيادة الولايات المتحدة.

وفي 10 يناير، أعلن مكتب رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أنه سيبدأ قريبا عملية "إنهاء وجود قوات التحالف الدولي في العراق بشكل دائم".

والثلاثاء، عقب أحدث الضربات التي وجهتها واشنطن ضد الميليشيات المدعومة من إيران في العراق، قال متحدث باسم رئيس الوزراء في بيان إن الضربات "تقوض الاتفاقيات ومختلف قطاعات التعاون الأمني المشترك" حيث يعمل البلدان على "إعادة تشكيل العلاقة المستقبلية".

وأصبحت المحادثات حول مستقبل الوجود العسكري الأميركي الآن أكثر إلحاحا وسط عدم الاستقرار الإقليمي على نطاق أوسع، ووسط الدعوات العامة المتزايدة من قبل الحكومة العراقية للولايات المتحدة لسحب قواتها من البلاد.

وجاءت هذه الدعوات ردا على شن الولايات المتحدة غارات جوية داخل العراق استهدفت المسلحين المدعومين من إيران الذين كانوا يهاجمون الأفراد الأميركيين الموجودين هناك.

وتنشر الولايات المتحدة 2500 عسكري في العراق لتقديم المشورة والمساعدة للقوات العراقية لمنع عودة تنظيم الدولة الإسلامية مجددا بعدما سيطر على مساحات شاسعة من العراق وسوريا في 2014 قبل هزيمته لاحقا.

ويوجد أيضا مئات العسكريين من دول أخرى أغلبها أوروبية في العراق في إطار التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والذي تأسس لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية.

ويتعرض وجود تلك المهمة في العراق لضغوط متزايدة.

ويشهد العراق، وهو من الدول القليلة التي تعد حليفة لكل من طهران وواشنطن، تصاعدا في الهجمات المتبادلة بين فصائل مسلحة والقوات الأميركية منذ اندلاع الحرب في غزة، إذ تسعى الفصائل إلى الضغط على الولايات المتحدة بسبب دعمها لإسرائيل.

وتعرضت القوات الأميركية في سوريا والعراق لنحو 150 هجوما شنتها فصائل متحالفة مع إيران، وشنت الولايات المتحدة سلسلة من الهجمات للرد على ما تتعرض له وكان آخرها يوم الثلاثاء.

وحمل العنف المتصاعد رئيس الوزراء العراقي للدعوة إلى سرعة خروج قوات التحالف الذي تقوده واشنطن عبر المفاوضات، وهي عملية كانت على وشك الانطلاق العام الماضي لكن الحرب في غزة أدت إلى تعثرها.

ولم تكن واشنطن ترغب في التفاوض على انسحاب محتمل بينما تتعرض لهجمات، إذ تخشى من أن يبدو أي تغيير في المهمة وكأنه يحدث تحت ضغط، الأمر الذي من شأنه أن يعطي جرأة لمنافسين إقليميين من بينهم إيران.

وقال مصدران لرويترز إن الحسابات تغيرت وسط إدراك أن الهجمات لن تتوقف على الأرجح وأن الوضع الراهن يؤدي إلى تصعيد مطّرد.

وذكر مسؤول أميركي أن "الولايات المتحدة والعراق قريبان من الاتفاق على بدء حوار اللجنة العسكرية العليا الذي أُعلن في أغسطس".

وأضاف أن اللجنة ستسمح بالتقييم المشترك لقدرة قوات الأمن العراقية على قتال تنظيم الدولة الإسلامية "وتحديد طبيعة العلاقة الأمنية الثنائية".

وتابع المسؤول "نجري مناقشات منذ أشهر. التوقيت لا يتعلق بالهجمات التي حدثت مؤخرا. ستحتفظ الولايات المتحدة بكامل حقها في الدفاع عن النفس خلال المحادثات".

وتنفذ الهجمات بقيادة فصائل مسلحة عراقية تربطها صلات وثيقة بإيران وأغلبها غير ممثلة في البرلمان أو الحكومة لكنها تتمتع بتأثير على عملية صنع القرار.

ويأمل مسؤولون عراقيون وأميركيون أن يسهم بدء المحادثات رسميا في تخفيف الضغط السياسي على حكومة السوداني وربما تقليل الهجمات على القوات الأمريكية.