واشنطن وباريس ستتحركان سوية للضغط على معرقلي التسوية في لبنان

كشفت تصريحات وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان عن توافق بين باريس وواشنطن لزيادة الضغوط على الأطراف المعرقلة للتسوية في لبنان، وترافق ذلك مع إبداء الولايات المتحدة مرونة حيال طبيعة الحكومة اللبنانية المقبلة.
بيروت - أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الجمعة أن باريس وواشنطن “ستتحركان معاً للضغط” على معرقلي التسوية الحكومية في لبنان.
ويشهد لبنان منذ نحو 10 أشهر أزمة حكومية اتخذت في الفترة الأخيرة أبعادا أخطر متمثلة في تفجر حرب صلاحيات بين رئاستي الحكومة والجمهورية.
وتثير هذه الأزمة قلق المجموعة الدولية لاسيما وأنها تترافق مع انهيار مالي واقتصادي غير مسبوق، حتى أن البنك الدولي صنفه ضمن أبرز الانهيارات التي شهدها العالم منذ العام 1850.
وقال لودريان في مؤتمر صحافي مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن في باريس “نلاحظ معاً المأساة التي يمكن أن تحصل في حال تفتّت هذا البلد أو زال”، وأضاف “قررنا أن نتحرك معاً للضغط على المسؤولين. نحن نعرف من هم”.
وأشار وزير الخارجية الفرنسي إلى أنه وبلينكن لديهما “التقييم نفسه للوضع” بشأن “الانهيار المأساوي لهذا البلد”، منتقداً القادة السياسيين اللبنانيين و”عجزهم عن مواجهة أدنى تحدٍّ أو الشروع بأدنى عمل للنهوض بالبلد”.
وتوجَّه الاتهامات إلى الرئيس ميشال عون وظهيره السياسي التيار الوطني الحر في عرقلة جهود تشكيل الحكومة من خلال التمسك بالثلث المعطل وفرض رؤيتهما بشأن اختيار الوزراء المسيحيين.
وسبق وأن أعلنت باريس عن اضطرارها لأخذ إجراءات عقابية أحادية بحق عدد من المسؤولين والذين يعتقد أن من بينهم رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.
وتقود باريس منذ أشهر ضغوطا دولية لتشكيل حكومة اختصاصيين لم تثمر بسبب الانقسامات السياسية والخلافات على الحصص، وكانت باريس أبدت تململا حيال موقف باقي الحلفاء الغربيين الذين بدا تعاطيهم مع الأزمة في لبنان غير كاف.
ويرى مراقبون أن تصريحات لودريان تعكس وجود توجه فرنسي – أميركي للتنسيق أكثر بشأن لبنان، الأمر الذي يضع المسؤولين اللبنانيين المتهمين بالعرقلة في موقف صعب.
وقالت السفيرة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا الجمعة إنها زارت واشنطن منذ أسبوع تقريبًا والتقت كبار المسؤولين الذين يحرصون على هذا البلد بشدّة، ولاحظت في كلامهم مدى خطورة الوضع أكثر ممّا تلاحظه في بيروت.
وأكدت أنها مع الرؤية التي عبّر عنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عندما قال إنّ ما يحتاجه لبنان فعلاً هو حكومة مَهمّة. وأضافت “حكومة المَهمّة التي تحدث عنها ماكرون في ذلك الوقت تركّز على معالجة تداعيات الانفجار (انفجار مرفإ بيروت) والتصدي لوباء كورونا والبدء بتنفيذ بعض الإصلاحات الرئيسية الضرورية لإحداث استقرار اقتصادي واستئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي”.

ورأت أن “الحكومة المتمكّنة أيًّا كانت يجب أن تبدأ بالتحضير للانتخابات المقرّر إجراؤها في غضون أقل من سنة”. وبدا من خلال كلام شيا أن هناك تراجعا بشأن تشكيل حكومة اختصاصيين وأن المفيد أن تكون هذه الحكومة ذات أهداف محددة بينها وضع لبنان على طريق التعافي والتحضير للانتخابات.
وكانت الولايات المتحدة تمسكت في السابق بضرورة تشكيل حكومة اختصاصيين تتولى الإصلاحات المطلوبة، لكن تعنت فريق رئيس الجمهورية دفع واشنطن على ما يبدو لإظهار مرونة، مع الحرص في الآن ذاته على موقفها لجهة عدم حصول أي طرف على ثلث معطل يمكنه من السيطرة على الحكومة المقبلة.
وقالت شيا “لا أعلم ما هو الدافع وراء الثلث المعطل وقد سمعت إداعاءات بأن لا أحد يسعى له، وإن كان ذلك صحيحًا فهو رائع، لكن حين أقوم بالحسابات غالبًا ما أتوصّل إلى هذا ‘الرقم السحري'”، ولفتت إلى أن الثلث المعطل يتعارض مع حكومة المَهمّة ومع الرؤية التي عبر عنها الرئيس ماكرون.
وأوضحت أن “الولايات المتحدة تنظر إلى أي محاولة لتعطيل الحكومة على أنها معارضة لنوع الحكومة التي يحتاجها لبنان خلال هذه الأزمة”.
وأدت الأزمة التي تعصف بلبنان بنحو نصف الشعب اللبناني إلى ما تحت خط الفقر، وسط مخاوف من اتساع هذه الحلقة في ظل توجه لرفع الدعم عن المواد الأساسية تحت عنوان “الترشيد”.