واشنطن غير راضية عن مسار عباس لإصلاح السلطة الفلسطينية

تضغط الولايات المتحدة على الرئيس محمود عباس من أجل القيام بخطوات حقيقية وجدية في مسار إصلاح السلطة الفلسطينية، وعدم الاكتفاء بتشكيل حكومة لا تحوز على إجماع الداخل.
رام الله - عكست تصريحات لوزير الخارجية أنتوني بلينكن، عدم اقتناع أميركي بالتحركات المتخذة حتى الآن من قبل السلطة الفلسطينية في مسار الإصلاح الذي تريده واشنطن.
وترى الإدارة الأميركية بأن الاكتفاء بتشكيل حكومة تكنوقراط تتولى إدارة اليوم التالي من الحرب على غزة غير كاف، لاسيما وأن الخطوة بدورها لا تحوز على توافق فلسطيني.
وقال بلينكن خلال جولة في المنطقة شملت حتى الآن السعودية ومصر وإسرائيل، إنه يجب إصلاح السلطة الفلسطينية بما يمكّنها من التعبير عن طموحات الفلسطينيين سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة.
وأضاف وزير الخارجية الأميركي خلال مؤتمر صحفي مع نظيره المصري سامح شكري عقب مباحثاتهما في القاهرة، مساء الخميس، أنّه إذا التزمت السلطة الفلسطينية بهذه الإصلاحات فإنها ستلقى دعما على هذه الجهود.
ولا ترغب الولايات المتحدة، وكذلك حلفاؤها من العرب والأوروبيين، في أن تتولى حركة حماس أو إسرائيل مسؤولية إدارة القطاع المدمر بمجرد انتهاء الحرب. ولهذا ترى بأن المرشح الأقدر لتولي المهمة هو السلطة الفلسطينية، التي أنشأتها منظمة التحرير الفلسطينية لتكون الجهة التنفيذية خلال اتفاقيات أوسلو للسلام.
ويقتصر حكم السلطة الفلسطينية التي يقودها محمود عباس (88 عاما) على جزء من الضفة الغربية، بعد أن انسحبت من غزة في العام 2006 في أعقاب سيطرة حركة حماس بالقوة على الجيب الفلسطيني.
وفي 14 مارس الجاري، كلف عباس الاقتصادي البارز محمد مصطفى بتشكيل حكومة فلسطينية جديدة بهدف إعادة توحيد المنطقتين سياسيا وإداريا واقتصاديا، والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة المدمر. لكنّ الخطوة لا تبدو كافية كما أن العديد من الفصائل الفلسطينية وبينها حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أبدت رفضا لها.
ولا تلاقي الخطوة أيضا تأييدا في الشارع الفلسطيني الذي يرى أن السلطة الفلسطينية فقدت مقومات بقائها وباتت عنوانا للفشل والعجز، وأنه لا فائدة من أيّ إصلاحات تجريها.
وأظهر استطلاع رأي أجراه “المركز الفلسطيني للدراسات المسحية”، الخميس، بأنّ 84 في المئة من المستطلعين يريدون استقالة رئيس السلطة وأن 65 في المئة يرون أن السلطة تحوّلت إلى عبء على الشعب.
وبحسب الاستطلاع، سيحصل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية على 70 في المئة إذا ترشح ضد عباس الذي سيحصد 22 في المئة من الأصوات في أيّ انتخابات، وأضاف المركز “70 في المئة راضون عن حماس مقابل 27 في المئة لفتح و61 في المئة ليحيى السنوار و14 في المئة عن عباس”.
الرئيس عباس أصبح عبئَا على الفلسطينيين والإسرائيليين، لأنه يؤمن بالسلام بشكل مطلق وهو أمر تعارضه فصائل ترفض التخلي عن فكرة المقاومة
لكن نتيجة الاستطلاع تتغير، عندما يشارك في الاستحقاق الرئاسي القيادي الفتحاوي الأسير مروان البرغوثي، حيث يظهر الاستطلاع تقدمه على كل من عباس وهنية في حال ترشح الثلاثة للرئاسة.
وفي حال شارك في الاستحقاق فقط البرغوثي وهنية، فإن الأول يتقدم على الثاني بـ60 في المئة.
وكشفت الاستطلاع أنّ “71 في المئة من المستطلعين راضون عن قرار حماس شن هجوم السابع من أكتوبر”، موضحًا أنّ “73 في المئة رفضوا الخطة الأميركية – العربية لإصلاح السلطة والعودة للمفاوضات”.
وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس أيمن الرقب إن إصلاح السلطة الفلسطينية أمر مطلوب، لكنه يلقى رفضا فلسطينيا إذا جاء بإملاءات خارجية، وهناك قناعة بأن ما حدث في السابق مع ياسر عرفات حينما جرى الضغط عليه في العام 2003 لإصلاح السلطة وعيّن محمود عباس رئيسا للوزراء أمر يتم تكراره في الوقت الحالي، وما يدعم حالة الرفض من أن المؤسسات الأمنية في الضفة الغربية التي تم إعادة هيكلتها تقدم خدمات عديدة لإسرائيل لأنها تمت بإشرافها ولا تحظى برضاء الفلسطينيين في الوقت الحالي.
وأوضح الرقب في تصريح لـ”العرب” أن الولايات المتحدة تهرب من أزمتها بشأن عدم قدرتها على الضغط على إسرائيل لوقف الحرب في غزة باتجاه الحديث عن إصلاح السلطة الفلسطينية، خاصة أن مفاوضات وقف إطلاق النار والوصول إلى هدنة مازالت تراوح مكانها دون تطور، ما يشير إلى فشل الجهود الأميركية التي عوّلت عليها كثيراً لتجهيز البيئة السياسية الملائمة للوصول إلى حل الدولتين وهو هدف يتحدث عنه دائما الرئيس الأميركي جو بايدن.
ولفت إلى أن الرئيس عباس أصبح عبئَا على الفلسطينيين والإسرائيليين، لأنه يؤمن بالسلام بشكل مطلق وهو أمر تعارضه فصائل ترفض التخلي عن فكرة المقاومة، في حين أنه لا يجد في إسرائيل من يتحمّس للسلام في هذا التوقيت، وبالتالي فهناك رغبة أميركية – إسرائيلية لإنهاء دوره، موضحًا في الوقت ذاته أن حماس مازالت موجودة في المعادلة السياسية الفلسطينية وضعف قوتها العسكرية لا يعني تراجع شعبيتها.