واشنطن توازن في ملف العقوبات بين مصلحة بغداد وإبقاء الضغط على طهران

إعفاء ظرفي للعراق لمدة تسعين يوما من الالتزام بتنفيذ العقوبات على إيران.
الخميس 2019/03/21
شكرا على التمديد

تمديد الولايات المتحدة لفترة إعفاء العراق من الالتزام بالعقوبات على إيران، إذ يشكّل متنفّسا ظرفيا لحكومة عادل عبدالمهدي، فإنّه لا يخلو من إنذار مبطّن لها بأنها لن تمنح صكّا على بياض وأن عليها أن تبحث عن بدائل لسدّ حاجة مواطنيها من الطاقة الكهربائية إن عاجلا أم آجلا.

واشنطن - تحاول الولايات المتحدة الأميركية أن توازن بين مراعاة ظروف الحكومة العراقية المصنّفة ضمن حلفاء واشنطن في المنطقة، وبين الإبقاء على الضغوط الشديدة التي تسلّطها على إيران سعيا لتحجيم دورها في الإقليم وثنيها على سياسة التدخل في شؤون بلدانه.

واضطرت واشنطن لتمديد فترة إعفاء العراق من تطبيق العقوبات والسماح له باستيراد الطاقة من إيران، وذلك في ظلّ انعدام البدائل الجاهزة لتعويض النقص الكبير في توليد الطاقة الكهربائية، في حال توقّف عن استيراد الغاز الإيراني بموجب العقوبات الأميركية.

وتغطّي فترة الإعفاء الجديدة جزءا من موسم الصيف الذي يرتفع فيه الطلب على الكهرباء في العراق حيث تبلغ الحرارة ذروتها.

ولن يكون من السهل على حكومة بغداد مواجهة التداعيات التي ستنجم عن العجز في تلبية احتياجات مواطنيها من الطاقة الكهربائية، بعد أن تحوّل ملف الكهرباء إلى سبب مباشر في تفجير الاحتجاجات بالشارع.

وقال مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية، الأربعاء، لوكالة رويترز طالبا عدم ذكر اسمه إن الولايات المتحدة منحت العراق إعفاء من العقوبات مدته 90 يوما لشراء واردات الطاقة من إيران، في أحدث تمديد يسمح لبغداد بمواصلة استيراد الغاز الإيراني الضروري لإنتاج الكهرباء.

وكان آخر إعفاء من العقوبات منحته واشنطن للعراق في 21 ديسمبر الماضي، وذلك بعد أن أعادت إدارة ترامب فرض عقوبات على صادرات الطاقة الإيرانية في نوفمبر الماضي، بسبب ما تعتبره تلك الإدارة عدم شفافية في برنامج طهران النووي وتطويرها برنامجا خطرا للصواريخ الباليستية، وأيضا بسبب تدخلها في الشرق الأوسط، لكن واشنطن منحت إعفاءات لعدد من المشترين لتلبية احتياجات المستهلكين للطاقة.

ويعتمد العراق بشكل كبير على الغاز الإيراني لتشغيل محطات الكهرباء ويستورد قرابة 1.5 مليون قدم مكعبة قياسية من الغاز يوميا عبر خطوط أنابيب تمتد في شمال وشرق البلاد.

وسبق للولايات المتحدة أن طالبت الحكومة العراقية بالبحث عن بدائل للغاز الإيراني، وهو ما لم يحدث بالفعل لأسباب مالية وتقنية، دون أن تُستثنى الأسباب السياسية التي يمكن تلخيصها بوجود قوى نافذة ومشاركة في صنع القرار العراقي، وحريصة على عدم فكّ الارتباط بين بغداد وطهران نظرا لولائها للأخيرة.

وبقدر ما سيشكّل الإعفاء الظرفي من الالتزام بالعقوبات متنّفسا لحكومة رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي المثقلة بالمشاكل والتعقيدات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فإنّه ينطوي على إنذار لها بأنّها لن تُمنح صكّا على بياض وأنّ عليها أن تبحث عن بدائل لتوفير الطاقة من مصدر غير إيراني.

وتبدو الرسالة الأميركية في هذا الجانب واضحة بعد الزيارة التي قام بها الرئيس الإيراني حسن روحاني مؤخّرا للعراق وتمّ الترويج خلالها لمشاريع تعاون استراتيجي بين بغداد وطهران لا تأخذ بعين الاعتبار العقوبات الأميركية التي ستكون بغداد من المطالبين بتنفيذها والالتزام بها.

وشملت اتفاقيات وقّعها الجانبان العراقي والإيراني قطاعات النفط والتجارة وخط سكة حديدية يربط مدينة البصرة مع مدن إيرانية. ويبلغ حجم التبادل التجاري بين إيران والعراق 12 مليار دولار يطمح البلدان لزيادته إلى 20 مليار دولار خلال سنتين.

وتعليقا على خبر الإعفاء الظرفي من العقوبات، قال مصدر سياسي عراقي، إنّه سيساعد في تخفيف ضغط القوى والشخصيات السياسية العراقية الموالية لإيران على حكومة عادل عبدالمهدي.

وتوقّع ذات المصدر أن صرامة واشنطن في مطالبة بغداد بتنفيذ العقوبات كانت ستؤدّي بشكل آلي إلى إذكاء الحملة التي يشنّها معسكر الموالاة لإيران ضدّ الوجود العسكري الأميركي في العراق.

ومنذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن نيته سحب القوات الأميركية من سوريا، صعّد قادة أحزاب وميليشيات شيعية عراقية من تهديدهم بتمرير قانون في البرلمان يجبر حكومة عادل عبدالمهدي بإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق، والتي تقول واشنطن وبغداد إنّه محدود ويقتصر على المهمات التدريبية للقوات العراقية دون أن يكون دورا قتاليا على الأرض.

3