واشنطن تنهي سحب قواتها من النيجر بحلول منتصف سبتمبر

واشنطن ستنقل معدات حساسة لديها في النيجر لكنها ستترك قطعا أخرى أكبر حجما مثل وحدات تكييف الهواء والمولدات وحظائر الطائرات.
الاثنين 2024/05/20
مطالبات بانسحاب القوات الأميركية

نيامي/واشنطن - أعلنت النيجر والولايات المتحدة في بيان مشترك أنهما توصلتا إلى اتفاق بشأن انسحاب القوات الأميركية من الدولة الواقعة في غرب أفريقيا، وهي عملية بدأت بالفعل وستكتمل بحلول 15 سبتمبر.

وطلب المجلس العسكري الحاكم في النيجر الشهر الماضي من الولايات المتحدة سحب جنودها وعددهم نحو 1000. وكانت النيجر حتى وقوع انقلاب العام الماضي شريكا رئيسيا في حرب واشنطن على المتمردين في منطقة الساحل الأفريقي والذين قتلوا الآلاف وشردوا الملايين.

وجرى التوصل إلى الاتفاق بين وزارة الدفاع في النيجر ووزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بعد اجتماعات على مدى خمسة أيام. ويضمن الاتفاق حماية القوات الأميركية حتى انسحابها ويحدد إجراءات لتسهيل دخول وخروج الأفراد الأميركيين خلال عملية الانسحاب.

وجاء في البيان المشترك أن "وزارة دفاع النيجر ووزارة الدفاع الأميركية تعتزان بالتضحيات المشتركة لقوات النيجر والولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب، وترحبان بالجهود المشتركة المبذولة في بناء القوات المسلحة في النيجر".

وأضاف "انسحاب القوات الأميركية من النيجر لا يؤثر بأي حال من الأحوال على مواصلة العلاقات بين الولايات المتحدة والنيجر في مجال التنمية. كما أن البلدين ملتزمان بحوار دبلوماسي مستمر لتحديد مستقبل علاقاتهما الثنائية".

وقال مسؤول عسكري أميركي كبير تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته إنه جرى بالفعل نقل نحو مئة جندي أميركي إلى خارج البلاد.

وذكر مسؤول دفاعي أميركي آخر أن الولايات المتحدة ستنقل معدات حساسة لديها في النيجر لكنها ستترك قطعا أخرى أكبر حجما مثل وحدات تكييف الهواء والمولدات وحظائر الطائرات.

وأضاف المسؤول أن الولايات المتحدة ستسمح لقوات النيجر باستخدام تلك المعدات إذا كانت تفي بالمعايير القانونية.

وأوضح المسؤول أن المجلس العسكري في النيجر لا يرغب على ما يبدو في تسليم عمليات مكافحة الإرهاب لقوات روسية أو للقوات التابعة لمجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة.

وجاء قرار النيجر بطلب سحب القوات الأميركية بعد اجتماع في نيامي في منتصف مارس عندما أثار مسؤولون أميركيون كبار مخاوف إزاء مسائل منها الوصول المتوقع لقوات روسية وتقارير عن سعي إيران للحصول على مواد خام في البلاد منها اليورانيوم.

وقبل نحو أسبوعين، قال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، إن قوات روسية دخلت قاعدة جوية في النيجر تستضيف قوات أميركية. وأشار المسؤول طالباً عدم نشر اسمه، خلال حديث مع وكالة رويترز، إلى أن القوات الروسية لا تختلط مع القوات الأميركية، وإنما تستخدم مكاناً منفصلاً في القاعدة الجوية 101 المجاورة لمطار ديوري حماني الدولي في نيامي عاصمة النيجر.

ويرى مراقبون أن واشنطن التي سعت لربح مواقع باريس بعد موجة الغضب الأفريقي على فرنسا، وجدت نفسها تسير على خطاها، وهو ما يظهر أن أفارقة جنوب الصحراء ومنطقة الساحل لم يثوروا على فرنسا لكونها دولة استعمارية فقط بل على الغرب ككل لعجزه عن دعم المنطقة في مواجهة الجهاديين ومساعدتها على مواجهة أزمات اقتصادية ومناخية حادة دفعت إلى نزوح الآلاف.

وبالإضافة إلى الرحيل المتدرج من النيجر، غادرت القوات الأميركية تشاد في الأيام القليلة الماضية، بينما طُردت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو. وفي الوقت نفسه، تسعى روسيا إلى تعزيز العلاقات مع الدول الأفريقية وتصوير نفسها دولة صديقة ليس لها أيّ ماضٍ استعماري في القارة.

وأصبحت مالي، على سبيل المثال، في السنوات القليلة الماضية واحدة من أقرب حلفاء روسيا في أفريقيا مع انتشار قوة تابعة لمجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة هناك لمحاربة المتشددين.

ووصفت روسيا العلاقات مع الولايات المتحدة بأنها "تحت الصفر" بسبب المساعدات العسكرية والمالية الأميركية لأوكرانيا في الحرب التي دخلت عامها الثالث. وقال المسؤول الأميركي إن سلطات النيجر أبلغت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بأن نحو 60 عسكريا روسيا سيكونون في النيجر، لكن المسؤول لم يتمكن من التحقق من هذا العدد.

وبعد الانقلاب، نقل الجيش الأميركي بعض قواته في النيجر من القاعدة الجوية 101 إلى القاعدة الجوية 201 في مدينة أغاديز. ولم يتضح بعد ما العتاد العسكري الأميركي المتبقي في القاعدة الجوية 101.

وأنشأت الولايات المتحدة القاعدة الجوية 201 في وسط النيجر بتكلفة تزيد على 100 مليون دولار. ومنذ عام 2018، استُخدمت القاعدة لاستهداف مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة بطائرات مُسيّرة. وتشعر واشنطن بالقلق إزاء المسلحين المتشددين في منطقة الساحل الأفريقي الذين قد يتمكنون من التوسع في غياب القوات والقدرات المخابراتية الأميركية.

وجاءت خطوة النيجر للمطالبة بسحب القوات الأميركية بعد اجتماع في نيامي في منتصف مارس عندما أثار مسؤولون أميركيون كبار مخاوف منها الوصول المتوقع للقوات الروسية وتقارير عن سعي إيران إلى الحصول على مواد خام في البلاد مثل اليورانيوم.

وقال المسؤول الأميركي إنه على الرغم من أن الرسالة الأميركية إلى مسؤولي النيجر لم تكن إنذارا نهائيا، فقد تم توضيح أن القوات الأميركية لا يمكن أن توجد في قاعدة واحدة مع القوات الروسية. وأضاف المسؤول “لم يتقبلوا ذلك الأمر".

وأُرسل جنرال أميركي إلى النيجر لمحاولة ترتيب انسحاب احترافي ومسؤول. وعلى الرغم من عدم اتخاذ أيّ قرارات بشأن مستقبل الجنود الأميركيين في النيجر، فإن المسؤول ذكر أن الخطة تتمثل في عودتهم إلى قواعد القيادة الأميركية لأفريقيا الموجودة في ألمانيا.

وكان البنتاغون قد قال الأربعاء الماضي إن وفدا أميركيا رفيع المستوى أجرى محادثات بالنيجر لبحث انسحاب القوات الأميركية الذي يطالب به القادة العسكريون. ويتمركز نحو 650 جندياً أميركياً وعدة مئات من العمال المتعاقدين بالنيجر كجزء من الجهود الإقليمية لمحاربة الجماعات المسلحة.

وكانت الولايات المتحدة قد علقت معظم تعاونها، بما في ذلك التعاون العسكري، مع النيجر بعد الانقلاب الذي أطاح الرئيس المنتخب محمد بازوم في 26 يوليو 2023. وفي مارس الفائت انسحبت النيجر من اتفاقية تعاون عسكري موقعة عام 2012 مع الولايات المتحدة معتبرة أن واشنطن "فرضتها أحادياً".