واشنطن تقيّم مدى انتهاك إسرائيل للخط الأحمر في غارتها على رفح

واشنطن - طلبت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إسرائيل باتخاذ كل الاحتياطات اللازمة لحماية المدنيين بعدما أدت غارة على مدينة رفح بقطاع غزة إلى مقتل عشرات الفلسطينيين، فيما كشف تقرير أميركي أن البيت الأبيض يجري تقييما حول ما إذا كانت تلك الضربات تمثل تجاوزا لـ"الخط الأحمر" الذي وضعه بايدن.
وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي "لإسرائيل الحق في ملاحقة حماس، وبلغنا أن هذه الغارة قتلت اثنين من كبار إرهابيي حماس المسؤولين عن هجمات ضد المدنيين الإسرائيليين... ولكن كما أوضحنا، يجب على إسرائيل أن تتخذ كل التدابير الممكنة لحماية المدنيين".
ويأتي ذلك بعدما واجه بايدن دعوات من بعض رفاقه في الحزب الديمقراطي لتقليص الدعم لإسرائيل، حتى قبل الغارة الجوية التي نفذت في وقت متأخر مساء الأحد وأدت إلى اشتعال النيران في خيام وأكواخ معدنية متهالكة في مخيم للنازحين في رفح مما أسفر عن مقتل 45 شخصا.
وهدد بايدن في وقت سابق من هذا الشهر بتعليق تسليم بعض الأسلحة الهجومية أميركية الصنع إذا دخلت إسرائيل المراكز السكانية في رفح، المدينة الواقعة في جنوب غزة والتي تعتبر المعقل الأخير لحماس.
وكانت الغارة الجوية هي الحادث الأكثر دموية في رفح منذ أن بدأت إسرائيل هجومها على المدينة في أوائل شهر مايو، حيث أفاد مسؤولو الصحة في غزة التي تديرها حماس أن نساء وأطفال كانوا من بين القتلى.
وقد حدث ذلك بعد أيام قليلة من أمر محكمة العدل الدولية إسرائيل بوقف العمليات العسكرية على الفور في رفح.
ووصفت ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز، وهي عضو بارز عن الحزب الديمقراطي في مجلس النواب، الغارة بأنها "عمل فظيع لا يمكن الدفاع عنه"، وأضافت في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي الاثنين "لقد تأخر جدا الرئيس في الوفاء بكلمته وتعليق المساعدات العسكرية".
وقالت النائبة أيانا بريسلي في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي "صور مروعة ومؤلمة خرجت من رفح الليلة الماضية". وتساءلت "إلى متى ستظل الولايات المتحدة واقفة متفرجة بينما يذبح الجيش الإسرائيلي الأطفال الفلسطينيين ويشوههم؟"
ووصفت النائبة رشيدة طليب، وهي الأميركية الوحيدة من أصل فلسطيني في الكونغرس، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه "مهووس بالإبادة الجماعية".
وقال نتنياهو الاثنين إن الغارة لم تكن تهدف إلى التسبب في سقوط ضحايا من المدنيين لكن "حدث للأسف شيء خاطئ على نحو مأساوي".
وأفاد موقع "أكسيوس" نقلا عن مسؤولين أميركيين، بأن البيت الأبيض "لا يزال يجري تقييما" حول ما إذا كانت الغارة الإسرائيلية على رفح، الأحد، والتي أدت إلى سقوط مدنيين، تمثل تجاوزا لـ"الخط الأحمر" الذي وضعه الرئيس بايدن.
ونقل الموقع الأميركي عن مسؤول، قوله إن البيت الأبيض "بصدد تحديد ما حدث بالضبط، من أجل بحث ما إذا كانت الظروف تستدعي اتخاذ إجراء أميركي".
كما قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في واشنطن إن الحكومة الأميركية "تتعامل بشكل فعال" مع الجيش الإسرائيلي وآخرين على الأرض لتقييم ما حدث.
ووفقا لاستطلاع حديث أجرته رويترز/إبسوس، قال ما يقرب من نصف الناخبين من أعضاء الحزب الديمقراطي إنهم لا يوافقون على طريقة تعامل بايدن مع الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).
وزادت الضغوط على إدارة بايدن بالاحتجاجات المتسمرة منذ أسابيع في الجامعات على الحرب، كما أدت مطالبات عامة بوقف دائم لإطلاق النار إلى وضع حملة بايدن الانتخابية في موقف دفاعي.
وفي الأيام التي سبقت الغارة الجوية الكارثية، شعر مسؤولو البيت الأبيض أنهم تمكنوا من التأثير بشكل كبير على خطط العمليات الإسرائيلية في رفح بطريقة من شأنها أن تمنع وقوع إصابات جماعية بين المدنيين، وفقا لما نقله "أكسيوس" عن ثلاثة مسؤولين أميركيين.
وعندما كان مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، جيك سوليفان، في إسرائيل الأسبوع الماضي، أجرى عدة ساعات من المناقشات مع كبار المسؤولين الإسرائيليين حول عملية رفح.
وتضمنت تلك المحادثات إحاطة مفصلة من وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي.
وقال مسؤول أميركي كبير إن سوليفان شعر أن العديد من مخاوف الإدارة قد تم تناولها في خطط إسرائيل المحدثة بشأن رفح، وأنه من الممكن رؤية كيف يمكن تنفيذ عملية دون تجاوز "الخطوط الحمراء" التي وضعها بايدن.
وأدى هذا التقييم إلى تخفيف الولايات المتحدة معارضتها لتوسيع الجيش الإسرائيلي عملياته في رفح، والتي شملت الغارة الجوية الأحد.
ونقل "أكسيوس" عن مسؤول أميركي قوله إن حادث رفح من المرجح أن يزيد الضغوط السياسية على بايدن لتغيير سياسته تجاه الحرب في غزة.
وأشار الموقع الأميركي إلى أنه سيتم إجراء التحقيق في جيش الدفاع الإسرائيلي من قبل وحدة خاصة مكلفة بالتحقيق في مثل هذه الحوادث قبل أن يقرر المدعي العام العسكري ما إذا كان سيتم فتح تحقيق جنائي أم لا.
وتقول الحكومة الإسرائيلية إن آلية تقصي الحقائق والتقييم التابعة لهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي هي هيئة مستقلة.
وقال الجيش الإسرائيلي إن الغارة نُفذت بناءً على معلومات استخباراتية سابقة أشارت إلى وجود مسؤولين كبار في حماس كانوا يخططون لشن هجمات في الضفة الغربية.
وقال مسؤول دفاعي إسرائيلي إن الغارة نفذتها طائرة مقاتلة استخدمت "ذخيرتين برأس حربي مخفض"، وقالا إنهما مخصصتان خصيصًا لضرب هذا النوع من الأهداف.
وقال المسؤول إن القنابل أسقطت على بعد 40 مترا تقريبا من مخيم الخيام، ومن المرجح أنها تسببت في الحريق الذي أدى إلى مقتل عشرات الفلسطينيين.
وقال الجيش الإسرائيلي "قبل الغارة، تم اتخاذ عدد من الخطوات لتقليل خطر إلحاق الأذى بالمدنيين غير المتورطين أثناء الغارة، بما في ذلك إجراء المراقبة الجوية، ونشر ذخائر دقيقة من قبل القوات الجوية الإسرائيلية، والحصول على معلومات استخباراتية إضافية".
وبناء على هذه التدابير، تم التقييم أنه لن يكون هناك ضرر متوقع للمدنيين غير المشاركين. ويأسف جيش الدفاع الإسرائيلي لأي ضرر يلحق بالمدنيين غير المشاركين أثناء القتال".
وسيعقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اجتماعا طارئا الثلاثاء لبحث الأوضاع في رفح إثر ضربة أوقعت قتلى في مخيم للنازحين الفلسطينيين في المدينة الواقعة في جنوب قطاع غزة، وفق ما أفادت مصادر دبلوماسية.
وأوضحت مصادر دبلوماسية عدة لوكالة فرانس برس أن الاجتماع المغلق سيعقد بطلب من الجزائر، العضو غير الدائم في المجلس.