واشنطن تقطع شريان الحياة عن اليمن وسوريا وأفغانستان رغم التحذيرات

برنامج الأغذية العالمي يحذر من إنهاء التمويل الأميركي للمساعدات الغذائية الطارئة ويصفها الخطوة بمثابة "حكم بالإعدام" على ملايين الأشخاص
الثلاثاء 2025/04/08
إنهاء المساعدات يهدد بكارثة إنسانية

واشنطن - كشفت مصادر في مجال الإغاثة الاثنين عن أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ستنهي معظم، إن لم يكن كل، المساعدات الأميركية المتبقية لأفغانستان واليمن، في خطوة وصفها برنامج الأغذية العالمي بأنها قد تكون بمثابة "حكم بالإعدام" على ملايين الأشخاص.

وأنهت وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية بالفعل العديد من برامج المساعدات لأكثر من 12 دولة منها الصومال وسوريا مطلع الأسبوع، وفقا لسارة تشارلز الرئيسة السابقة لمكتب الشؤون الإنسانية في الوكالة وتسعة مصادر من بينها ستة مسؤولين أميركيين حاليين يعملون في المساعدات الإنسانية طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم.

وتشير أرقام منظمة (ستاند أب فور إيد) إلى أن إجمالي قيمة المساعدات التي تم خفضها يتجاوز 1.3 مليار دولار أميركي، ويشمل هذا المبلغ 562 مليون دولار مخصصة لأفغانستان، و107 ملايين دولار لليمن الذي تسيطر حركة الحوثي، و170 مليون دولار للصومال، و237 مليون دولار لسوريا، بالإضافة إلى 12 مليون دولار مخصصة لقطاع غزة المحاصر.

وحذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من أن إنهاء التمويل الأميركي للمساعدات الغذائية الطارئة "قد يعد حكما بالإعدام على الملايين الذين يواجهون الجوع الشديد والمجاعة"، وقال إنه على اتصال بإدارة ترامب للحصول على مزيد من المعلومات.

وفي منشور على منصة إكس، قالت سيندي ماكين المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي إن خفض التمويل "سيؤدي إلى تعميق الجوع، وتأجيج عدم الاستقرار، وجعل العالم أقل أمانا إلى حد كبير".

وأحال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية رويترز إلى البيت الأبيض عند سؤاله عن إنهاء برامج المساعدات. ولم يرد البيت الأبيض بعد على طلب التعليق. وذكر المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أن الأمم المتحدة تسعى للحصول على تفاصيل بشأن العقود الملغاة.

وتعتبر هذه التخفيضات أحدث حلقة في حملة إدارة ترامب المستمرة لتفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي تعد الذراع الأميركية الرئيسية لتقديم المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء العالم. ومنذ بداية ولاية الرئيس الجمهوري الثانية في 20 يناير الماضي، ألغت إدارته برامج منقذة للحياة بمليارات الدولارات، مما يثير تساؤلات جدية حول أولويات الإدارة الأميركية تجاه العمل الإنساني الدولي.

وكشفت ثلاثة من المصادر المطلعة عن أن العديد من البرامج التي تم إلغاؤها مؤخرًا كانت قد حصلت في السابق على إعفاءات خاصة من وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بهدف تجنب التخفيضات التي تفرضها إدارة الكفاءة الحكومية بقيادة الملياردير إيلون ماسك منذ فبراير الماضي.

وتهدف هذه الإدارة إلى تقليص الإنفاق الحكومي، ويبدو أن برامج المساعدات الخارجية أصبحت من بين الضحايا الرئيسيين لهذه السياسة.

وتعتبر الولايات المتحدة أكبر مانح للمساعدات لأفغانستان التي تحكمها طالبان، ولليمن الذي تسيطر حركة الحوثي المتحالفة مع إيران على مساحات كبيرة منه. ويعاني كلا البلدين من حرب مدمرة استمرت لسنوات طويلة وأدت إلى أزمات إنسانية كارثية.

وقال أحد المصادر "أُلغيت جميع منح الوكالة الأميركية للتنمية الدولية المتبقية لأفغانستان". وأوضح المسؤولون أن التمويل الملغى شمل مساعدات لوكالة تابعة للأمم المتحدة معنية بمساعدة النساء والفتيات وبرنامج الأغذية العالمي وست منظمات غير حكومية على الأقل.

وأكدت خمسة مصادر أخرى أن المساعدات المقدمة من مكتب السكان واللاجئين والهجرة التابع لوزارة الخارجية الأميركية للأفغان قد انتهت أيضًا.

ويتوقع العديد من المصادر والخبراء في المجال الإنساني أن يؤدي إنهاء هذه البرامج الحيوية إلى تفاقم الأزمات الإنسانية المروعة في جميع أنحاء العالم، مما يعرض حياة الملايين من الأشخاص اليائسين لخطر المجاعة الوشيك، وقد يتسبب أيضًا في موجات جديدة من الهجرة غير الشرعية نحو الدول الأكثر استقرارًا.

وقالت السناتور الديمقراطية جين شاهين العضو في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ "على الرغم من التأكيدات المستمرة بأن البرامج المنقذة للحياة ستحظى بالحماية أثناء 'مراجعة' إدارة ترامب للمساعدات الخارجية، أمضت إدارة الكفاءة الحكومية عطلة نهاية الأسبوع في إلغاء المساعدات التي أخبرت الإدارة الكونجرس سابقا أنها ستبقي عليها".

وأضافت أن إنهاء المساعدات الغذائية "سيكون له عواقب مدمرة" مشيرة إلى تطلعها لسماع المزيد من روبيو.

من بين التخفيضات التي اتُخذ قرار بشأنها هذا الأسبوع مبلغ 169.8 مليون دولار لبرنامج الأغذية العالمي في الصومال لتغطية المساعدات الغذائية وتغذية الرضع والأطفال الذين يعانون من سوء التغذية والدعم الجوي الإنساني. وفي سوريا، جرى قطع 111 مليون دولار من المساعدات الغذائية التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي.

وتقول الأمم المتحدة إن ما يقرب من 23 مليونا، أكثر من نصفهم من الأطفال، بحاجة إلى المساعدة في أفغانستان. ويقول برنامج الأغذية العالمي إنه قدم مساعدات غذائية طارئة وأموالا نقدية لنحو 12 مليون أفغاني العام الماضي مع إعطاء الأولوية لمساعدة النساء والفتيات اللائي يواجهن "جوعا شديدا".

وقال تشارلز الذي غادر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في يناير 2024 "تم توجيه المنح المخصصة لأفغانستان بعناية شديدة نحو الأنشطة الأكثر إنقاذا للحياة... سيكون هذا مدمرا للفئات الأكثر ضعفا في أفغانستان التي تقع... تحت رحمة طالبان".

وتفيد بيانات الأمم المتحدة بأن الولايات المتحدة قدمت حتى الآن 206 ملايين دولار كمساعدات لأفغانستان هذا العام. وفي العام الماضي، كانت أكبر مانح -بمبلغ 736 مليون دولار- للبلد الذي مزقته حرب لعقود انتهت بسيطرة طالبان على السلطة مع سحب الولايات المتحدة لآخر جنودها في أغسطس 2021.

كما راجعت رويترز نص خطاب الوكالة الأميركية للتنمية الدولية الذي أبلغ متعهدا لم تُعلن هويته في مجال المساعدات لليمن بأن إنهاء العقد صدر بأمر من جيريمي لوين القائم بأعمال مساعد مدير الوكالة ومسؤول في إدارة الكفاءة الحكومية يشرف على تفكيك الوكالة بما في ذلك إنهاء خدمات آلاف الموظفين.

وجاء في الرسالة أن "قرار إنهاء هذه المنح الفردية جاء بعد مراجعة وتحديد أن المنح تتعارض مع أولويات الإدارة".

وفقا لبيانات الأمم المتحدة، يحتاج أكثر من 19 مليونا من سكان اليمن البالغ عددهم 35 مليون نسمة إلى المساعدة، ويعاني نحو 17 مليونا منهم من انعدام الأمن الغذائي.

وقدمت الولايات المتحدة 15 مليون دولار حتى الآن هذا العام كمساعدات لليمن بعدما وصل المبلغ إلى 768 مليون دولار العام الماضي، وفقا للأمم المتحدة.