واشنطن تفرض عقوبات على قادة حوثيين لدعمهم روسيا وتهريب الأسلحة

العقوبات الجديدة تهدف لتقويض قدرة الجماعة على الحصول على الأسلحة وتمويل عملياتهم العسكرية، وذلك غداة دخول تصنيفها إرهابية حيز التنفيذ.
الخميس 2025/03/06
خطوة تصعيدية أميركية لمحاصرة الحوثيين

واشنطن – لجأت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى سلاح العقوبات لتقويض قدرة الحوثيين على الحصول على الأسلحة وتمويل عملياتهم العسكرية، في ظل ما تشكله الجماعة المدعومة إيرانيا من تهديد للمنطقة وللملاحة الدولية في البحر الأحمر.

فقد أعلنت الولايات المتحدة الأربعاء فرض عقوبات على سبعة قادة كبار في صفوف المتمردين الحوثيين في اليمن، بتهمة استيراد أسلحة في شكل غير قانوني، إضافة الى عضو آخر متهم بإرسال مدنيين يمنيين للقتال في أوكرانيا إلى جانب القوات الروسية.

وتأتي هذه العقوبات غداة دخول تصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية دولية" من جانب البيت الأبيض حيز التنفيذ، ما يضع الجماعة في مواجهة خيارات صعبة لأن مواصلة استهداف المصالح الأميركية قد تعني تصعيد الصراع العسكري المباشر مع الولايات المتحدة.

ويسيطر المتمرّدون الحوثيون المدعومون من إيران على جزء كبير من اليمن، بما في ذلك العاصمة صنعاء. وشنّوا هجمات بصواريخ وطائرات بدون طيار على إسرائيل منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في أكتوبر 2023.

وقالت وزارة الخزانة الأميركية في بيان إنّ القادة السبعة الذين فُرضت عليهم عقوبات "قاموا بتهريب مواد عسكرية وأنظمة أسلحة إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، كما تفاوضوا على مشتريات أسلحة للحوثيين من روسيا".

وبين من طالتهم العقوبات، محمد عبدالسلام "المتحدث باسم الحوثيين المقيم في عمان"، والذي قالت وزارة الخزانة الأميركية إنّه أدى "دورا أساسيا" في إدارة شبكة التمويل الداخلية والخارجية للحوثيين.

وكذلك، فرضت وزارة الخزانة عقوبات على مهدي محمد حسين المشاط، الذي قالت إنّه رئيس للمجلس السياسي الأعلى للحوثيين.

وقال وزير الخزانة سكوت بيسنت "من خلال السعي للحصول على أسلحة من مجموعة آخذة في الاتساع من المورّدين الدوليين، أظهر قادة الحوثيين نيّتهم مواصلة أفعالهم المتهوّرة والمزعزعة للاستقرار في منطقة البحر الأحمر".

من جانبها، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية تامي بروس في بيان منفصل، إنّ "الحكومة الأميركية ملتزمة محاسبة الحوثيين على حيازتهم أسلحة ومكوّنات أسلحة من مورّدين في روسيا والصين وإيران، لتهديد أمن البحر الأحمر".

وأوضحت وزارة الخزانة أنّ المتهم بتجنيد مدنيين يمنيين للقتال إلى جانب روسيا في أوكرانيا، هو عبدالولي عبده حسن الجابري. واتهمته بتوفير إيرادات لدعم العمليات المسلّحة للحوثيين.

وقالت الوزارة إنّه من خلال شركة خاصة، "سهّل الجابري نقل مدنيين يمنيين إلى وحدات الجيش الروسي التي تحارب في أوكرانيا مقابل مبالغ نقدية".

وتأتي العقوبات في أعقاب إجراءات متعددة اتخذها مكتب مراقبة الأصول الأجنبية طوال عام 2024 تستهدف شبكات شراء الأسلحة الحوثية. وأعلنت وزارة الخارجية إعادة تصنيف أنصار الله، الاسم الرسمي للحوثيين، كمنظمة إرهابية أجنبية.

وتأتي إعادة التصنيف بعد أن أزالت إدارة بايدن السابقة الحوثيين من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية في فبراير 2021 بسبب المخاوف الإنسانية في اليمن، فقط لتصنفهم مرة أخرى كإرهابيين عالميين محددين بشكل خاص في أوائل عام 2024 ردًا على الهجمات البحرية المتصاعدة.

وردا على العقوبات قالت مجلة نيوزويك الأميركية أن مصدرا داخل جماعة الحوثي اليمنية قال لها إنهم يعتبرون أن قرار تصنيفهم تكريم لهم ولا يهينهم.

وسعت الحكومة اليمنية إلى التقاط هذه الإشارات لتعزيز التواصل والتعاون مع واشنطن لردع الجماعة التي شنت الثلاثاء هجوما عنيفا على محافظة مأرب شمال شرقي اليمن من ثلاثة محاور تمكنت القوات الحكومية من صده وتصفية قائد الهجوم الحوثي المدعو أبوسفيان الدميني في جبهة جنوب مارب.

وبحث وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني شائع الزنداني الأربعاء مع السفير الاميركي لدى اليمن، ستيفن فاغن، مستجدات الأوضاع في اليمن.

وأفادت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية "سبأ نت" أن وزير الخارجية جدد، ترحيب الحكومة بقرار التصنيف. مشددا على أهمية القرار في إضعاف المليشيات الحوثية الإرهابية ومنعها من الحصول على الأسلحة والأموال وتجفيف منابع الإرهاب.

كما أكد استعداد الحكومة تعزيز التنسيق والتعاون مع الحكومة الأميركية لضمان تطبيق القرار والتخفيف من أي آثار سلبية تنعكس على الوضع الإنساني في اليمن.

من جهته، جدد السفير الأميركي موقف بلاده الداعم لمجلس القيادة والحكومة اليمنية. مشيرا إلى أن هذا التصنيف يأتي استجابة للتهديدات التي تشكلها المليشيات الحوثية على الأمن الأميركي، وعلى استقرار اليمن والمنطقة والعالم. مؤكدا على أهمية تعزيز التنسيق والتعاون بين البلدين الصديقين.

ويرى البعض في التحرك الأميركي ضد الحوثيين رسالة ضمنية للنظام الإيراني، كما يمكن أن يكون مقدمة لمنح إسرائيل ضوءا أخضر للقضاء على ما تعتبره تهديدات قادمة من جماعة الحوثي، حيث يتوقع أن تنتقل دولة إسرائيل لاحقا إلى استهداف الحوثيين بشكل أكثر فاعلية للقضاء نهائيا على مصادر تهديد الجماعة من الصواريخ والطائرات المسيرة التي سقطت في العمق الإسرائيلي مرات عدة.

ويرجح البعض الآخر أن إسرائيل أو الولايات المتحدة لن تبادرا بشن هجمات ضد الحوثيين في المستقبل القريب بالنظر إلى محدودية تأثير الهجمات التي شنها الجانبان ضد قواعد الحوثي خلال الأشهر الأخيرة.

ويعود ذلك إلى ضعف المعلومات الاستخباراتية حول المناطق والمواقع الحيوية فضلا عن تحركات قادة الجماعة، وهو ما يمكن أن يركز عليه الجانبان لفترة من الوقت قبل أن يقررا شن هجمات جديدة لضمان فاعلية هذه الهجمات وتفادي استنزاف الموارد العسكرية في مثل هذه الضربات.

يتوقع التركيز على جمع معلومات استخباراتية حول مواقع قادة الحوثيين البارزين واستهدافهم قياساً على التأثير الكبير لاستهداف زعيم حزب الله حسن نصرالله وقيادات الجماعة من الصف الأول والثاني، وما أدى إليه ذلك من انهيارات سريعة في القدرات العملياتية للحزب وفقدانه القدرة على شن عمليات هجومية فاعلة تتناسب مع قدراته التسليحية الصاروخية.