واشنطن تعود بقوة إلى مسرح الحرب السورية

سرّعت الإدارة الأميركية من قراراتها ومواقفها المعارضة للنظام السوري وحليفيه الروسي والإيراني، من خلال فرض عقوبات على وزير الدفاع السوري علي عبدالله أيوب وكذلك تحميل موسكو مسؤولية مقتل العشرات من الجنود الأتراك في شمال سوريا. وتشي كل هذه الخطوات المتسارعة بعد توقيع واشنطن على بيان مشترك مع باريس ولندن وبرلين أدانت فيه جرائم النظام السوري، بتغيّر كبير في السياسة الأميركية وإلى عودتها القوية إلى مسرح الحرب السورية.
واشنطن - فرضت الولايات المتحدة، الثلاثاء، عقوبات على وزير الدفاع السوري العماد علي عبدالله أيوب في تطورات تشير إلى عودة أميركية قوية إلى الملف السوري أملتها التطورات المتسارعة في محافظة إدلب بشمال البلاد.
وأعلنت الخارجية الأميركية فرض عقوبات على علي عبدالله أيوب، مؤكدة أنه تم اتخاذ القرار بسبب الأعمال المتعمدة التي ارتكبها وزير الدفاع السوري في ديسمبر 2019، بعدما امتنع عن وقف إطلاق النار في شمال سوريا.
وأضافت الخارجية الأميركية في بيان لها أن “هذه الإعاقة أدت إلى نزوح ما يقرب من مليون شخص هم بحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية وسط الشتاء البارد في إدلب”.
وبات واضحا من خلال تسارع القرارات والمواقف الأميركية حيال الملف السوري أن واشنطن غيرت طريقة عملها واستراتيجياتها مقارنة بالأعوام الأخيرة وتحديدا منذ إعلانها عن سحب جنودها من سوريا ما فسح المجال للكثير من المراقبين للحديث عن أن واشنطن تركت سوريا لروسيا والأكراد لتركيا.
وبحسب الكثير من المراقبين، فإن التغير الكبير الحاصل في خطط واشنطن، بعدما بيّنت في أوقات سابقة أنها غير معنية بسوريا مع بعض الاستثناءات بتواصل دعمها النسبي لقوات سوريا الديمقراطية، يأتي لخلق توازن في ساحة الصراع بعد كل ما أظهرته روسيا من استفراد كبير في هندسة مستقبل الصراع.
وتحدثت الكثير من التقارير عن أن الإدارة الأميركية سطرت رؤية جديدة تقوم على مساندة أنقرة في معركة إدلب، لخدمة مصالحها ولقلب موازين القوى خاصة أنها تعد من بين القوى الكبرى التي تعارض الاتفاق الروسي – التركي بشأن محافظة إدلب.
وترجمت الخارجية الأميركية انزعاجها من موسكو بالقول “قوات نظام الأسد المدعومة من روسيا، كانت مسؤولة عن استمرار القصف الذي دمر المدارس والمستشفيات وقتل المدنيين، بما في ذلك المتخصصين في المجال الطبي الذين يخاطرون بحياتهم لإنقاذ الآخرين”.
كما أعربت الخارجية الأميركية عن “وقوف الولايات المتحدة إلى جانب الشعب السوري. بينما يواصل نظام الأسد والعناصر الإيرانية والروسية سعيهم الوهمي إلى تنفيذ حل عسكري في سوريا”، مضيفة “نحن ملتزمون بالحل السياسي السلمي بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254”.
وذكر البيان أنه “مع دخولنا السنة العاشرة من الصراع السوري، ستواصل الولايات المتحدة استخدام جميع الأدوات الدبلوماسية والاقتصادية المتاحة للضغط على نظام الأسد ومؤيديه، بما في ذلك روسيا”.
قبل أن يعود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باتفاق مع روسيا بشأن إدلب هدفه وقف إطلاق النار والذي بدا أنه لن يصمد طويلا بعدما عطلّت جماعات مسلحة سير أول دورية مشتركة روسية – تركية نهاية الأسبوع الماضي، كانت واشنطن قد عارضت في مجلس الأمن هذا الاتفاق.
وفي 7 مارس الجاري، أكدت الكثير من المصادر الدبلوماسية أن الولايات المتحدة عرقلت تبني مجلس الأمن الدولي الإعلان الداعم للاتفاق الروسي التركي لوقف إطلاق النار في إدلب السورية بناء على طلب روسيا، حسب ما ذكره دبلوماسيون بعد اجتماع مغلق.
وأكد دبلومسيون آنذاك أنه عندما طلب السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا من شركائه الـ14 في مجلس الأمن تبني إعلان مشترك بشأن الاتفاق الروسي – التركي، قالت واشنطن “إنه أمر سابق لأوانه”.
وربطت روسيا آنذاك الأمر برغبة الولايات المتحدة في جعل مجلس الأمن يتبنى بسرعة قرارا لا تزال تُجرى مفاوضات بشأنه يؤيد الاتفاق الذي توصلت إليه واشنطن وحركة طالبان في 29 فبراير الماضي بشأن أفغانستان، وألمح الروس بوضوح إلى أنهم سيعارضونه، وفق المصادر نفسها.
وحملّ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في هذا الاتجاه، ولأول مرة روسيا الثلاثاء، مسؤولية مقتل العشرات من الجنود الأتراك في سوريا.
وقتل 34 جنديا تركيا الشهر الماضي في محافظة إدلب في ضربة جوية، وألقت أنقرة المسؤولية على القوات السورية وتوصلت إلى اتفاق وقف إطلاق نار جديد مع موسكو.
وألقى بومبيو بالمسؤولية على روسيا التي تدعم إضافة إلى إيران، نظام الرئيس السوري بشار الأسد في مسعاه للقضاء على المسلحين المعارضين في إدلب، آخر معاقلهم. وقال “نحن نقف مع تركيا حليفتنا في حلف شمال الأطلسي، وسندرس اتخاذ إجراءات إضافية تدعم تركيا في نهاية النزاع”.
وقبل كل هذه الخطوات، كانت واشنطن قد أصدرت في بيان مشترك بداية الأسبوع مواقف رافضة لتواصل مأساة إدلب، حيث طالبت مع كل من باريس ولندن وبرلين النظام السوري وحليفيه الروسي والإيراني بوقف المجازر في سوريا.
وشددت الدول الأربع الأعضاء في حلف شمال الأطلسي “الناتو” بمناسبة الذكرى التاسعة للثورة السورية، على أن الشعب السوري خرج قبل 9 سنوات إلى الشارع للمطالبة بحقوقه المشروعة، إلا أن نظام الأسد رد عليه بالعنف والتعذيب والاعتقالات العشوائية.