واشنطن تعزز وجودها العسكري في الشرق الأوسط لردع إيران والحوثيين

الولايات المتحدة ترسل طائرات حربية إلى جزيرة دييغو غارسيا بالمحيط الهندي، وحاملة الطائرات "كارل فينسون" إلى البحر الأحمر.
الأربعاء 2025/04/02
تصعيد المواجهات مع الحوثيين

واشنطن – أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) عن سلسلة إجراءات تهدف إلى تعزيز القدرات الدفاعية والردعية في المنطقة، في تصعيد لافت للوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط، وسط تصاعد التوترات مع إيران والحوثيين في اليمن.

وقالت وزارة الدفاع الأميركية في بيان الثلاثاء أن الوزير بيت هيغسيث أمر بنشر طائرات حربية إضافية لتعزيز الأصول البحرية للبنتاغون في الشرق الأوسط.

ولم يشر البيان المقتضب إلى طائرات محددة. ومع ذلك، قال مسؤولون أميركيون طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم إن أربع قاذفات من طراز بي-2 على الأقل نُقلت إلى قاعدة عسكرية أميركية بريطانية في جزيرة دييغو غارسيا بالمحيط الهندي.

وهذه الخطوة، تحمل دلالات استراتيجية هامة، حيث تضع القاذفات الأميركية على مسافة قريبة من اليمن وإيران، مما يمنح الولايات المتحدة قدرة على تنفيذ ضربات بعيدة المدى في حال تصاعدت المواجهات.

وقال شون بارنيل المتحدث باسم البنتاغون في البيان "تظل الولايات المتحدة وشركاؤها ملتزمين بالأمن الإقليمي في منطقة القيادة المركزية الأميركية (منطقة المسؤولية) ومستعدين للرد على أي جهة فاعلة، سواء كانت دولة أو غير دولة، تسعى إلى توسيع الصراع أو تصعيده في المنطقة".

وأضاف "الوزير هيغسيث يواصل التأكيد على أن في حال هددت إيران أو وكلاؤها الأفراد والمصالح الأميركية في المنطقة، فإن الولايات المتحدة ستتخذ إجراءات حاسمة للدفاع عن شعبنا".

وهذه التصريحات تأتي في سياق تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتوجيه ضربات "غير مسبوقة" لإيران في حال عدم التوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي.

وتشمل القيادة المركزية الأميركية منطقة تمتد عبر شمال شرق أفريقيا والشرق الأوسط ووسط آسيا وجنوبها.

وقاذفات بي-2 قادرة على حمل أسلحة نووية، ومع وجود 20 طائرة فقط من هذا النوع في ترسانة سلاح الجو الأميركي، فعادة ما تُستخدم باعتدال. وفي أكتوبر، استخدمت إدارة الرئيس السابق جو بايدن هذه القاذفات في حملتها على جماعة الحوثي في اليمن.

وفي خطوة أخرى لتعزيز الوجود البحري الأميركي، أعلنت واشنطن أنها سترسل حاملة طائرات ثانية إلى الشرق الأوسط، في سياق تصاعد التوتر مع الحوثيين اليمنيين الذين يعطلون الملاحة في البحر الأحمر.

وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) شون بارنيل في بيان إنّ حاملة الطائرات "كارل فينسون" ستنضم إلى حاملة الطائرات "هاري إس. ترومان" من أجل "مواصلة تعزيز الاستقرار الإقليمي، وردع أيّ عدوان، وحماية التدفق الحرّ للتجارة في المنطقة".

ولم يحدّد البنتاغون بالضبط المكان الذي ستبحر فيه هاتان الحاملتان.

لكن هذه الخطوة تأتي بعد إعلان المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران الشهر الماضي مسؤوليتهم عن هجمات قالوا إنها استهدفت حاملة الطائرات هاري إس ترومان في البحر الأحمر.

إلا أن واشنطن التي تشنّ منذ أسابيع غارات ضد الحوثيين في اليمن لم تؤكّد وقوع هجمات على حاملتها.

ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة في أكتوبر 2023، يشنّ الحوثيون، في خطوة وضعوها في إطار إسنادهم الحركة الفلسطينية، عشرات الهجمات الصاروخية ضدّ الدولة العبرية وضدّ سفن في البحر الأحمر يقولون إنها على ارتباط بها.

وبالتالي، يتعين على العديد من السفن التي تريد الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط من المحيط الهندي أن تتجاوز القارة الأفريقية عبر رأس الرجاء الصالح.

ولدى البحرية الأميركية حوالي عشر حاملات طائرات.

والثلاثاء، أعلن الحوثيون ليل الثلاثاء سقوط ثلاثة قتلى وجريحين في غارات جوية أميركية استهدفت محافظة الحُديدة.

وأعلنت واشنطن في 15 مارس عملية عسكرية ضد المتمردين اليمنيين لوقف هجماتهم على السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، الممر البحري الحيوي للتجارة العالمية. وأفادت واشنطن بأنها قتلت عددا من كبار المسؤولين الحوثيين.

وتوعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحوثيين المدعومين من إيران بالقضاء عليهم، محذّرا طهران من استمرار تقديم الدعم لهم.

وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت الثلاثاء إن "هذه الضربات ضد الحوثيين كانت فعالة بشكل كبير" متحدّثة عن "أكثر من 200 ضربة ناجحة".

على صعيد آخر، يتصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران بشأن برنامجها النووي. وقد حذر مسؤولون إيرانيون من أن بلادهم قد تسعى لامتلاك سلاح نووي في حال تعرضها لهجوم، وذلك ردًا على تهديدات الرئيس الأميركي السابق.

وجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب الإثنين عبر منصته "تروث سوشال" تحذيرات شديدة اللهجة إلى الحوثيين والإيرانيين، من أنّ "الآتي أعظم" إذا لم تتوقف الهجمات على السفن وقال "هجماتنا ستتواصل حتى يتوقفوا عن تشكيل تهديد لحرية الملاحة".

والاثنين، أكّد علي لاريجاني، مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي، أنّ بلاده لا تسعى لامتلاك سلاح نووي لكن "لن يكون أمامها خيار سوى القيام بذلك" في حال تعرّضت لهجوم، ردّا على تهديد الرئيس الأميركي بتوجيه ضربة عسكرية لإيران إذا لم تبرم اتفاقا بشأن ملفّها النووي.

وتعكس التحركات العسكرية الأميركية الأخيرة في الشرق الأوسط تصميم واشنطن على مواجهة التهديدات الإيرانية والحوثية، وحماية مصالحها في المنطقة. ومع ذلك، فإن تصاعد التوترات يزيد من خطر اندلاع صراع أوسع، مما يستدعي جهودًا دبلوماسية مكثفة لتجنب المزيد من التصعيد.

وخلال ولاية دونالد ترامب الأولى، انسحبت الولايات المتحدة أحاديا في العام 2018 من الاتفاق النووي المبرم في العام 2015، وأعادت فرض عقوبات على إيران. وينص الاتفاق على رفع عدد من العقوبات عن إيران في مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.

وبعد الانسحاب الأميركي، تراجعت إيران عن التزاماتها تدريجا. ومطلع ديسمبر، أعلنت طهران أنها بدأت تغذية أجهزة طرد مركزي جديدة في موقع فوردو "ما من شأنه على المدى الطويل إحداث زيادة كبيرة في معدل إنتاج اليورانيوم المخصب عند مستوى 60 بالمئة"، وفق الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وببلوغها عتبة تخصيب عند مستوى 60 بالمئة، تقترب إيران من نسبة 90 بالمئة اللازمة لصنع سلاح نووي.

ويثير البرنامج النووي الإيراني مخاوف لدى الدول الغربية التي يتهم بعضها طهران بالسعي الى تطوير سلاح ذري، وهو ما تنفيه الجمهورية الإسلامية على الدوام.