واشنطن تعتمد خيارات متعددة لمواجهة غزو روسي محتمل لأوكرانيا

تواصل الولايات المتحدة تحذيراتها بشأن احتمال غزو روسيا لجارتها الغربية أوكرانيا، معتمدة على عدد من الخيارات والحلول تتعلق أساسا بالعقوبات الاقتصادية والمالية إلى جانب التهديد بالرد الحازم عسكريا مع حلفائها الدوليين، في وقت تتصاعد فيه الأزمة بين موسكو والدول الغربية.
واشنطن - تعتمد الولايات المتحدة على خيارات عديدة في مواجهة غزو روسيا الوشيك لأوكرانيا على غرار التحذيرات والعقوبات الاقتصادية فضلا عن الرد الحازم، ما يكشف تعويل الرئيس جو بايدن على الردع أولا في مواجهة تهديدات فلاديمير بوتين لأوكرانيا.
ويمتلك الرئيس الأميركي الذي يضاعف تحذيراته من أجل ردع موسكو بقيادة بوتين عن غزو أوكرانيا خيارات كثيرة قد يكون بعضها مؤلما لموسكو، وتتمثل في رد قوي وحازم وعقوبات لم يسبق لها مثيل.
ويتهم الغرب موسكو بحشد عشرات الآلاف من جنودها على الحدود الأوكرانية، والتفكير في عدوان جديد بعد ضم شبه جزيرة القرم في 2014، كما تتهم واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون روسيا بالتهديد بغزو كييف التي يرابض على حدودها نحو مئة ألف جندي روسي.
ومن المنتظر أن تجري الولايات المتحدة والأوروبيون سلسلة من المحادثات الأسبوع المقبل مع روسيا التي اقترحت اتفاقات للحد من توسع حلف شمال الأطلسي (ناتو) على أبوابها.
ويقول المسؤولون الأميركيون إنهم مستعدون لمناقشة مخاوف الجانبين، لكنهم أوضحوا أيضا أن معظم المطالب الروسية غير مقبولة.
ويبدو أن الرئيس السادس والأربعين في التاريخ الأميركي لا يهتم كثيرا باتفاق كبير مع القوة المنافسة، إذ أن الهدف الأكبر لمواصلة الحوار بالنسبة إليه هو منع تفاقم الأزمة، ممرّرا في الوقت نفسه تحذيراته.
جو بايدن قال إنه هدد نظيره الروسي مباشرة بعواقب اقتصادية لم يسبق أن رأى مثلها من قبل إذا قرر غزو أوكرانيا
ويقول ماثيو روجانسكي مدير معهد كينان في مركز ويلسن للأبحاث “إنها قبل كل شيء مسألة إعادة العلاقات إلى مسارها الصحيح من أجل حوار أعمق ودبلوماسية وتواصل أكثر فاعلية لن يفضيا إلى حل نهائي لجميع المشاكل ولكن إلى إدارة أفضل لهذه المشاكل لتجنب انتشارها”.
وقال جو بايدن إنه هدد نظيره الروسي مباشرة بـ”عواقب اقتصادية لم يسبق أن رأى مثلها من قبل” إذا قرر غزو أوكرانيا.
ويمكن أن تكون العقوبات المطروحة على الطاولة حتى لو لم تتحدث عنها واشنطن بالتفصيل قاسية جدا على الاقتصاد الروسي.
وتتمثل العقوبات في إدراج المزيد من المقربين من فلاديمير بوتين على اللوائح السوداء، مما يحرمهم من الوصول إلى أصولهم في الولايات المتحدة أو أوروبا، إلى جانب تجفيف الاستثمارات في روسيا وتصدير التقنيات الغربية إلى هذا البلد، كما حذر السفير الأميركي السابق في كييف وليام تايلر نائب رئيس مركز الأبحاث التابع لمعهد الولايات المتحدة للسلام.
ومن الخيارات الأخرى حسب تايلر يمكن للغربيين التهديد باللجوء إلى ما يسمى “الخيار النووي”، أي عزل روسيا عن نظام “سويفت” الأداة الأساسية في التمويل العالمي التي تسمح للمصارف بتداول الأموال، لكن هذه الخطوة لا يمكن أن تكون إلا خيارا أخيرا بسبب تداعياتها السلبية على الاقتصاد الأوروبي والأميركي، غير أن الروس سيكونون أكبر الخاسرين.
ولوّح الغرب أيضا بورقة الطاقة، إذ تهدد ألمانيا بعدم السماح بتشغيل خط أنابيب الغاز “نورد ستريم 2” بين موسكو وبرلين المشروع العزيز على قلب موسكو، في حالة حدوث مزيد من التصعيد الروسي.
وتصاعدت حدة الأزمة بين روسيا والدول الغربية في ظل الحشود العسكرية التي تنشرها موسكو على طول الحدود الأوكرانية، حيث قالت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس إنها تحدثت إلى نظرائها في الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا بشأن ردع العدوان الروسي ضد أوكرانيا.
وأعلن جو بايدن أنه لا ينوي جرّ أكبر قوة في العالم إلى نزاع جديد في الخارج، لكن ومن دون الذهاب إلى حد التدخل المباشر، حذر الأميركيون من أنهم سيرسلون المزيد من الأسلحة إلى أوكرانيا في حالة وقوع هجوم روسي، ويمكنهم أيضا تجهيز ميليشيات محلية.

ويمكن أن تزود الولايات المتحدة أيضا حلفاءها الأوكرانيين بمعلومات استخباراتية عبر زيادة عدد طلعات طائرات الاستطلاع، لكن إدارة بايدن قالت خصوصا إنها ستلبي في حال غزو روسي لأوكرانيا طلبات إرسال تعزيزات، أي نشر قوات أميركية من دول الناتو المتاخمة لروسيا (إستونيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا).
وأكد وليام تايلر أن “هذا هو بالضبط ما لا يريده بوتين، لذلك إذا قرر الغزو فسيحصل بالضبط على ما لا يريده”.
ولم تقنع العقوبات الشديدة الرئيس الروسي بالتراجع خصوصا بعد ضم شبه جزيرة القرم، لهذا السبب تحاول واشنطن هذه المرة أن تنقل بوضوح إلى الكرملين ما سيكون رد الفعل الغربي قبل أن تتحرك.
وقال ماثيو روجانسكي “لا أحد يشك في أن الولايات المتحدة يمكن أن تؤذي روسيا اقتصاديا”. وأضاف “السؤال هو هل هذا كافٍ لتغيير سلوك روسيا؟ وقد علمنا التاريخ أن الفرصة الوحيدة التي يمكن أن ينجح فيها ذلك هي صياغة التهديدات مسبقا”.
من جهته رأى وليام تايلر أنه “يجب ردع” فلاديمير بوتين عن التحرك عبر كل هذه التهديدات “لكن هل سيكون الأمر كذلك؟ رجل واحد فقط يمكنه الإجابة على هذا السؤال”.
وتنفي روسيا أن تكون تهدد أوكرانيا رغم أنها اجتاحتها في 2014 وضمت شبه جزيرة القرم، وهي تؤكد في المقابل أنها تريد أن تحمي نفسها من عداء الغربيين الذين يدعمون كييف ولاسيما في نزاعها مع الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق البلاد.
وفي وقت سابق حدد الروس مجموعة من المطالب من بينها الحصول على ضمانات بعدم توسع حلف شمال الأطلسي، ومنع إقامة قواعد عسكرية أميركية جديدة في دول الاتحاد السوفييتي سابقا.
وتخضع روسيا لعقوبات اقتصادية على خلفية الملف الأوكراني وقمع المعارضة الداخلية، غير أن أيا من هذه التدابير لم تحمل الكرملين على تغيير سياسته، بل على العكس.