واشنطن تضيق الخناق على الدبيبة بمطالبتها بتشكيل حكومة ليبية جديدة

ريتشارد نورلاند يدعو جميع الفاعلين الليبيين إلى المشاركة في العملية السياسية التي ترعاها البعثة الأممية بشكل بناء لإزاحة ما تبقى من عوائق أمام الانتخابات.
الأربعاء 2024/03/06
واشنطن تبدأ في سحب دعمها للدبيبة

طرابلس – شدد المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا السفير ريتشارد نورلاند، خلال لقائه مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة في طرابلس، على أهمية تشكيل حكومة تصريف أعمال لإزاحة العقبات المتبقية أمام إجراء انتخابات عامة في البلاد، ما يشير إلى أن واشنطن بدأت تسحب دعمها للدبيبة للإشراف على الاستحقاقات المقبلة.

ويعكس انفتاح واشنطن على مقترح تشكيل حكومة جديدة في ليبيا حرصها على تنظيم الانتخابات التي طال انتظارها، بعد ارتفاع الأصوات المطالبة بتشكيل حكومة جديدة موحدة في ليبيا لتغيير الوضع الراهن، مدفوعة بتدهور الحالة المالية والمعيشية والأمنية للبلاد.

وقال نورلاند في تدوينة نشرتها السفارة الأميركية عبر حسابها على منصة إكس "كان لي أنا والقائم بالأعمال (جيرمي) برنت لقاء جيد مع رئيس الوزراء الدبيبة في طرابلس الثلاثاء في وقت يواجه فيه القادة الليبيون ضرورة التعامل مع قضايا جادة تتعلق بالميزانية والأمور المالية".

وأوضح "أهمية مشاركة جميع الفاعلين الليبيين في العملية السياسية التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بشكل بنَّاء لإزاحة ما تبقى من عوائق أمام الانتخابات، بما في ذلك تشكيل حكومة تصريف أعمال".

وأكد نورلاند أن "الولايات المتحدة تدعم أيضًا الجهود الليبية الرامية إلى توحيد المؤسسات الأمنية والحفاظ على سيادة ليبيا والتوصل إلى توافق وطني حول سياسات اقتصادية وسياسات ميزانية شفافة ومستدامة".

ويأتي هذا التوجه لتشكيل حكومة وحدة ليبية جديدة، بعد تهديد مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات على كل مَن يعرقل إجراء انتخابات طال انتظارها في ليبيا، مطالبا جميع الأطراف بالمشاركة في المسار السياسي دون شروط.

ولم يتطرق الدبيبة في بيان نشرته منصة "حكومتنا" التابعة لحكومة الوحدة الوطنية إلى مسألة تشكيل حكومة جديدة موحدة، بل أشار إلى أنه ناقش مع المبعوث الأميركي عددا من الملفات السياسية والاقتصادية والأوضاع في دول الجوار بما فيهما السودان والنيجر، وأنه "أكد دعمه جميع الجهود الدولية لإجراء الانتخابات". وأيضا موافقته على مقترح الممثل الخاص للأمين العام رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبدالله باتيلي، بشأن الحوار بين الأطراف السياسية الليبية.

ويعارض الدبيبة تشكيل حكومة جديدة، فقد شدد قبل الأيام على الرفض التام لهذه مسألة، وأكد أن حكومته جاءت لتكون آخر مرحلة انتقالية في ليبيا، وأكد خلال حضوره القمة العالمية للحكومات في دبي أن المرحلة الثانية ستكون الاتفاق على قاعدة دستورية لتنظيم الانتخابات ثم إجرائها.  

وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا عبدالله باتيلي تحدث في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن، عن التنازع الحاصل بين حكومتي الدبيبة وحماد، واعتبر أنه "ليست هنالك أيّ مؤسسة تتمتع بالشرعية في ليبيا"، مشيرا إلى أن الحل الوحيد لتحقيق الأمن والازدهار لليبيا هو"تشكيل حكومة جديدة موحدة. ليست حكومة غرب أو شرق، وإنما حكومة لكل الليبيين".

وحث باتيلي خلال إحاطته بمجلس الأمن جميع الأطراف المؤسسية للمشاركة في الحوار "دون شروط مسبقة".

وشدد المبعوث الأممي على أنه "من غير الممكن إحراز تقدم في إجراء انتخابات وطنية ذات مصداقية دون التوصل إلى تسوية سياسية بين الأطراف المؤسسية الرئيسية".

وفي تغير مفاجئ لموقفه من حليفه عبدالحميد الدبيبة بسبب الخلاف حول الإنفاق العام، طلب محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير في خطاب وجهه، الثلاثاء، إلى البرلمان، إقرار حكومة موحدة جديدة من أجل توحيد وترشيد الإنفاق العام، لتحقيق الاستقرار المالي للدولة الليبية، خاصة في ظل الصعوبات التي تواجه المصرف في توفير احتياجات السوق المحلي من النقد الأجنبي بسبب تزايد حجم الإنفاق العام ووجود إنفاق مواز مجهول المصدر.

ويلتقي هذا الاتجاه مع المحاولات التي يقودها أعضاء من المجلس الأعلى للدولة والبرلمان لإزاحة حكومة الدبيبة، حيث طالبوا خلال اجتماع بتونس قبل أسبوع، بتشكيل حكومة وطنية جديدة تعمل على إنجاز الاستحقاق الانتخابي، داعين إلى اختيار رئيس الحكومة الجديدة من خلال آلية شفافة ونزيهة، تؤسس على خارطة الطريق المعتمدة بالتوافق بين المجلسين ورعاية البعثة الأممية.

ويأتي هذا في وقت بات فيه الدبيبة محاصرا بالاستياء الشعبي الداخلي خاصة في مناطق غرب ليبيا، بسبب سياسات الحكومة ومواقفها وتعاملها تجاه الحالة الأمنية والمالية بالبلاد وكذلك مصروفاتها الزائدة، حيث ظهرت دعوات في مدن مصراتة والزنتان والزاوية وبني وليد، تتهم الدبيبة بعرقلة الحل السياسي بسبب التمسك بالسلطة، وتطالب بتشكيل حكومة موحدة قادرة على توحيد مؤسسات الدولة وبسط سيطرتها على كامل ليبيا، وتجديد الشرعية عبر انتخابات رئاسية ونيابية حرة ونزيهة.

وبينما تزداد الضغوط على الدبيبة للتنحي من السلطة وفسح المجال لتشكيل حكومة جديدة، يرفض الأخير مغادرة الكرسي قبل إجراء انتخابات في بلاده أو قبول أي مفاوضات بهذا الشأن.

ويعد تشكيل حكومة جديدة في ليبيا، قضية خلافية إلى حد كبير، حيث يوجد انقسام بين من يريد التعجيل بالانتخابات لإنهاء المراحل الانتقالية، ومن يدعو إلى تشكيل حكومة موحدة لتهيئة الأرضية اللازمة للانتخابات.

وتطمح البعثة الأممية إلى إنهاء هذا الخلاف عبر جمع القادة الرئيسيين بالبلاد في اجتماع موحد، لكنها تواجه صعوبات في جمعهم بسبب الشروط المسبقة التي فرضتها هذه الأطراف للمشاركة في المفاوضات.