واشنطن تضغط على الجيش السوداني لإنهاء النزاع واستئناف المفاوضات

واشنطن – تواصل الإدارة الأميركية على خطى المملكة العربية السعودية ومصر بذل الجهود لإنهاء الحرب الدموية المستمرة في السودان، والحث على استئناف المفاوضات عبر منبر جدة، في ظل الاستنفار الحاصل في مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، وما يمكن أن يفضي إليه من أزمات إنسانية جديدة.
وبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الثلاثاء مع قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان مستجدات الأوضاع في السودان وخصوصا في مدينة الفاشر، مؤكدا على ضرورة إنهاء النزاع واستئناف المفاوضات وحماية المدنيين. وفق ما أفادت الخارجية الأميركية.
وقال المتحدث باسم الخارجية ماثيو ميلر في بيان إن الجانبين "ناقشا الحاجة الملحة لإنهاء النزاع في السودان بشكل عاجل وتمكين وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، بما في ذلك عبر الحدود وعبر خطوط القتال، لتخفيف معاناة الشعب السوداني".
وأضاف ميلر إن بلينكن ناقش أيضا في المحادثة الهاتفية التي استمرت قرابة 30 دقيقة "استئناف المفاوضات في منبر جدة والحاجة إلى حماية المدنيين وخفض الأعمال العدائية في الفاشر بولاية شمال دارفور".
وفي منتصف أبريل، أعلنت الولايات المتحدة أن السعودية ستستضيف في مدينة جدة محادثات سلام بشأن الحرب في السودان خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، لكن لم يتم تحديد موعد حتى الآن.
وتخشى الإدارة الأميركية من مغبة التحديات التي تواجهها تحركاتها بالتنسيق مع الرياض بعد تزايد المعلومات حول إصرار الطرفين على الحسم العسكري، والتعامل مع اتفاق جدة لوقف إطلاق النار على أنه خطوة مؤقتة قد يصعب تجديدها.
وركزت محادثات جدة التي توصلت لاتفاق سابق لإعلان مبادئ للتهدئة لأسباب إنسانية، ثم وقف إطلاق النار لمدة أسبوع على إنهاء العنف وتقديم المساعدة للشعب.
وحاولت أطراف دولية وإقليمية رئيسية، منها الولايات المتحدة ومصر والسعودية، التوسط لتحقيق السلام بين الأطراف المتحاربة دون جدوى.
وأعلنت مصر، الثلاثاء، أنها ستستضيف نهاية شهر يونيو المقبل، مؤتمراً "يضم كافة القوى السياسية المدنية السودانية، بحضور الشركاء الإقليميين والدوليين المعنيين".
وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان، إن المؤتمر يأتي "بهدف التوصل إلى توافق بين مختلف القوى السياسية المدنية السودانية حول سبل بناء السلام الشامل والدائم في السودان، عبر حوار وطني سوداني/ سوداني، يتأسس على رؤية سودانية خالصة".
وفي يوليو 2023، استضافت مصر قمة دول جوار السودان بمشاركة 7 دول أفريقية، هي مصر، وليبيا، وتشاد، وأفريقيا الوسطى، وجنوب السودان، وإريتريا، وإثيوبيا.
كما استضافت اجتماعات المجلس المركزي لائتلاف "قوى الحرية والتغيير"، التي استهدفت بلورة إطار سياسي من جانب القوى المدنية لوقف الحرب السودانية، وبحث قضايا الانتقال الديمقراطي في البلاد.
وأفادت منظمة أطباء بلا حدود في بيان الأحد عن ارتفاع حصيلة القتلى في الفاشر عاصمة ولاية دارفور إلى 134 شخصا منذ بدء القتال في المدينة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع قبل أكثر من اسبوعين.
وتعد الفاشر مركزا رئيسيا للمساعدات في الإقليم الغربي الذي يعيش فيه ربع سكان البلاد البالغ عددهم 48 مليون نسمة، وهي العاصمة الوحيدة بين عواصم ولايات الإقليم التي لا تسيطر عليها قوات الدعم السريع.
وأدى القتال بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) إلى مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، ونزوح حوالي 9 ملايين منذ بدء الصراع في أبريل 2023.
في الأشهر الـ13 التي تلت ذلك، عززت قوات الدعم السريع مواقعها حول العاصمة الخرطوم، مما أجبر القوات المسلحة السودانية على نقل مقرها إلى مدينة بورتسودان الساحلية.
وحققت قوات الدعم السريع مكاسب مطردة في السيطرة على دارفور والتقدم جنوبًا وشرقًا ضد القوات المسلحة السودانية.
ولا تزال القوات المسلحة السودانية تسيطر على المناطق المحيطة بالخرطوم وحتى نهر النيل، وهو طريق استراتيجي حيوي إلى مصر، على طول ساحل البحر الأحمر، والحدود الشرقية مع إثيوبيا وإريتريا.
وتتركز نقطة الصراع الآن في الفاشر، عاصمة شمال دارفور ومركز القتال.
وسيطرت قوات الدعم السريع على مساحات شاسعة من غرب وجنوب السودان. والفاشر هي آخر معقل للقوات المسلحة السودانية في دارفور، وتحتل موقعا استراتيجيا مهما لطرق التجارة من ليبيا وتشاد المجاورتين.
وتعد الفاشر مركزا رئيسيا للمساعدات في الإقليم الغربي الذي يعيش فيه ربع سكان البلاد البالغ عددهم 48 مليون نسمة، وهي العاصمة الوحيدة بين عواصم ولايات الإقليم التي لا تسيطر عليها قوات الدعم السريع.
وتبدو قوات الدعم السريع جاهزة لخوض معركة طويلة وحاسمة في الفاشر، فالسيطرة عليها تُنهي ما تبقى من قوة لدى الحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش، وتخرج من معادلة الحرب، كما أنها تمثل ضغطا سياسيا على الجيش في أي مفاوضات مقبلة.
وحذرت المستشارة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بمنع الإبادة الجماعية، أليس نديريتو، في اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، من خطر الإبادة الجماعية، قائلة إن "التهديد حقيقي، وينمو كل يوم".