واشنطن ترى ضوء في نهاية النفق مع مقترح ويتكوف بشأن هدنة غزة

واشنطن - أعرب البيت الأبيض عن تفاؤله الحذر بإمكانية أن يمهد المقترح المحدث الذي قدمه ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، الطريق لسد الفجوات المتبقية بين إسرائيل وحركة حماس.
ويأتي هذا التفاؤل، حسبما نقل موقع أكسيوس الإخباري اليوم الخميس عن ثلاثة مصادر مشاركة في المفاوضات، في الوقت الذي يعتقد فيه البيت الأبيض أنه بات على مقربة من التوصل إلى اتفاق قد يؤدي في النهاية إلى إنهاء الحرب، وإن كان بشكل مؤقت في البداية.
وأكد أحد المصادر الأميركية لأكسيوس "إذا تحرك كل طرف قليلا فقط، يمكن أن يكون لدينا اتفاق في غضون أيام".
وتأتي هذه الجهود في ظل رغبة الرئيس ترامب بإنهاء حرب أودت بحياة أكثر من 54 ألف فلسطيني معظمهم من المدنيين، وفقاً لبيانات وزارة الصحة التابعة لحماس، والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة، و1218 إسرائيلي، معظمهم من المدنيين، وفقا لتعداد يستند إلى الأرقام الرسمية.
ومن أصل 251 شخصا اختطفوا من جنوب إسرائيل في هجوم السابع من أكتوبر 2023 واقتيدوا إلى غزة حيث احتجزوا رهائن لا يزال 57 منهم في القطاع الفلسطيني.
ومن بين هؤلاء 34 رهينة أعلنت السلطات الإسرائيلية مقتلهم. وبالإضافة إلى هؤلاء تحتجز حماس رفات جندي إسرائيلي قُتل في 2014 في غزة خلال حرب سابقة بين الطرفين.
وتوقفت المحادثات لأسابيع، فيما تشن إسرائيل عملية عسكرية واسعة النطاق لتدمير غزة واحتلالها.
وكان مصدر في حماس قد أعلن الاثنين أن الحركة وافقت على عرض الوسطاء الأخير الذي يتضمن هدنة لمدة 70 يوما مقابل الإفراج عن 10 رهائن أحياء على دفعتين. وبحسب المصدر "خلال الهدنة تبدأ مفاوضات حول وقف النار الدائم بضمانات أميركية".
ورفضت إسرائيل الاقتراح بسرعة. وردّ ويتكوف على ذلك، قائلا لموقع أكسيوس إن حماس شوّهت العرض الأميركي، وإن موقف الحركة "مخيب للآمال وغير مقبول".
وأوضح المصدر المطلع لأكسيوس على المحادثات أن الخلاف الذي وقع الاثنين نابع من سوء تفاهم أدى إلى قيام حماس وإسرائيل والولايات المتحدة بتفسير الاقتراح قيد المناقشة بشكل مختلف.
ورغم هذه النكسة، استؤنفت المحادثات الثلاثاء سعيا للتوصل إلى حل وسط. وعقد رجل الأعمال الفلسطيني الأميركي بشارة بحبح اجتماعات أخرى مع كبار مسؤولي حماس في الدوحة، بينما التقى ويتكوف رون ديرمر، كبير مستشاري رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في واشنطن، وفقا للمصادر.
والأربعاء، أصدرت حماس بيانا أكدت فيه أنها تحاول التوصل إلى اتفاق مع ويتكوف حول "إطار عام" يتضمن وقف إطلاق نار دائم، وانسحاب عسكري إسرائيلي كامل من غزة، وتجديد المساعدات الإنسانية، وإنشاء لجنة تكنوقراطية لحكم غزة.
وزعمت حماس أن الإطار يتضمن إطلاق سراح عشرة رهائن أحياء ورفات عدد من الرهائن المتوفين، مقابل عدد متفق عليه من الأسرى الفلسطينيين، إلى جانب ضمانات من الولايات المتحدة ومصر وقطر.
بعد ساعتين من بيان حماس، ظهر ويتكوف إلى جانب الرئيس ترامب في المكتب البيضاوي، معلنا عن صياغة "وثيقة شروط جديدة" ليوافق عليها الرئيس ترامب. وقال ويتكوف "لدي شعور جيد للغاية بشأن التوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار وحل طويل الأمد وحل سلمي لهذا الصراع".
وقالت القناة "12" العبرية، الخميس، إن ويتكوف عرض على إسرائيل وحركة حماس في الساعات الماضية خطة جديدة لاتفاق من أجل وقف إطلاق النار بقطاع غزة.
وحسب القناة، سيتم إطلاق 9 أسرى إسرائيليين أحياء و18 أموات على مرحلتين خلال أسبوع، وتلتزم إسرائيل بوقف إطلاق النار 60 يوما تجرى خلالها مفاوضات لإنهاء الحرب.
تابعت القناة: "وبموجب الخطة تلزم إسرائيل بسحب جيشها إلى المواقع التي تواجد فيها قبيل انهيار وقف إطلاق النار في مارس الماضي".
كما تلتزم بإعادة إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، ليتم توزيعها من جانب مؤسسات الأمم المتحدة، كما كان الحال سابقا، إضافة إلى الإفراج عن أسرى فلسطينيين.
وفقا لمسؤول إسرائيلي كبير، لا يختلف مشروع البيت الأبيض الجديد بشكل كبير عن النسخ السابقة، لكنه يتضمن بعض "التلاعب بالألفاظ" في محاولة للحصول على موافقة إسرائيل وحماس.
وتتركز التغييرات الرئيسية على البند المتعلق بالضمانات التي تريدها حماس من أجل ضمان إجراء مفاوضات جادة بشأن وقف إطلاق النار الدائم خلال وقف إطلاق النار المؤقت لمدة 60 يوما، وأنه طالما استمرت مثل هذه المحادثات فإن إسرائيل لن تنتهك وقف إطلاق النار من جانب واحد، كما فعلت في شهر مارس.
وأوضح مسؤول إسرائيلي لأكسيوس أن الولايات المتحدة حاولت إيجاد لغة من شأنها أن تمنح حماس الثقة الكافية في أن وقف إطلاق النار المؤقت سوف يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار، وفي الوقت نفسه تسمح لإسرائيل بالشعور بالثقة في أنها لا تلتزم مسبقا بإنهاء الحرب.
ولا يزال النزاع حول تسلسل وجدول إطلاق سراح الرهائن قائما، إذ تريد إسرائيل إطلاق سراح جميع الرهائن العشرة الأحياء في اليوم الأول من وقف إطلاق النار، خوفا من عدم وفاء حماس بالتزاماتها لاحقا، في المقابل، تريد حماس إطلاق سراح الرهائن على مراحل لضمان عدم انتهاك إسرائيل للاتفاق واستئناف القتال قبل انتهاء المهلة المحددة بـ 60 يومًا.
ويشير موقع أكسيوس إلى عدم وجود مجال واسع للمناورة في صياغة الاتفاق. ويُؤمل أن تكون حماس، تحت الضغط، مستعدة للتنازل عن الضمانات التي تطلبها، وأن يوافق رئيس الوزراء نتنياهو على التنازل عن الجدول الزمني لإطلاق سراح الرهائن. وقال مسؤول إسرائيلي إن "الاختبار لا يزال أمامنا".
ويعتقد كبار المسؤولين الإسرائيليين أن أحد العوامل التي قد تجعل حماس أكثر ميلا لتوقيع الاتفاق هو آلية المساعدات الإنسانية الجديدة التي حاولت إسرائيل إطلاقها هذا الأسبوع، حسب الموقع.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير لأكسيوس "حماس قلقة للغاية لأنها لم تعد تسيطر على جزء كبير من المساعدات الإنسانية. وفي حال التوصل إلى اتفاق، سيعود توزيع المساعدات إلى النموذج القديم الذي كانت حماس تتمتع فيه بسيطرة أكبر بكثير".
في حين أن الاتفاق على مبادئ الصفقة سيشكل اختراقًا كبيرا بعد شهرين من الفشل، إلا أن الطرفين لا يزالان بحاجة إلى التفاوض بشكل أكبر للاتفاق على تفاصيل مثل أسماء الرهائن الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم، والانسحاب التدريجي للقوات الإسرائيلية من معظم قطاع غزة.
تظاهر آلاف الأشخاص مساء الأربعاء في تلّ أبيب لمطالبة الحكومة بالتوصل لاتفاق مع حماس يوقف إطلاق النار بين الدولة العبرية والحركة الفلسطينية ويطلق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ 600 يوم.
ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "الشعب يقف مع الرهائن" وتجمّعوا في "ميدان الرهائن" حيث تجري معظم الفعاليات الداعمة للرهائن الذين اختطفتهم حماس خلال هجومها غير المسبوق على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023.
وقال الرهينة السابق يائير هورن الذي أُطلق سراحه في شباط/فبراير "لقد مرّ أكثر من 100 يوم منذ أن أُجبرت على ترك أخي. ما دام إيتان والرهائن الآخرون لم يعودوا، فأنا ما زلت محتجزا".
وأضاف مخاطبا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو "أنهِ هذه الحرب وأعِد الرهائن الـ58".
وصباح الأربعاء، لبّى مئات الإسرائيليين نداء "منتدى العائلات"، المنظمة الرئيسية التي تدعو لوقف لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن"، عبر الوقوف عند تقاطعات الطرق في سائر أنحاء الدولة العبرية في تمام الساعة 6:29 (03:29 ت غ)، وهو الوقت الذي بدأ فيه هجوم حماس قبل 600 يوم.
ووُضعت لافتات تحمل الرقم 600 على جوانب الطرق في إسرائيل، وتواصلت الفعاليات طوال النهار في سائر أنحاء الدولة العبرية.
وخلال تجمّع جماهيري في كيبوتس نير عوز قالت الرهينة المفرج عنها كارينا إنجل-بارت إنّه "خلال الأيام الأولى من الاحتجاز، كنت على يقين بأنّ الجيش ودولة إسرائيل سيبذلان قصارى جهدهما لإعادتنا (...) في غضون أيام قليلة على الأكثر".
وأُطلق سراح هذه المرأة مع ابنتيها خلال أول هدنة التزم بها الطرفان في نهاية نوفمبر 2023، لكنّ جثمان زوجها الذي قُتل في السابع من أكتوبر لا يزال في غزة.
وأضافت "لقد كنت مخطئة (...) لا يزال هناك 58 منهم في غزة، ويجب إطلاق سراحهم الآن".
ونير عوز هو كيبوتس يقع على تخوم غزة ويتحدّر منه أكبر عدد من الرهائن الذين اقتادتهم حماس إلى القطاع إثر هجومها غير المسبوق على إسرائيل.
ولا يزال 14 من سكّان هذا الكيبوتس محتجزين رهائن في غزة، لكنّ ثلاثة منهم فقط يُعتقد أنّهم ما زالوا على قيد الحياة.
وفي حديقة الكيبوتس تجمّع رهائن سابقون وأقارب رهائن وسكّان مع مؤيّدين لقضيتهم أتوا من سائر أنحاء الدولة العبرية للمشاركة في فعالية خلت منها اللافتات التي حلّت محلّها الشرائط الصفراء (رمز دعم قضية الرهائن).
ووضعت هذه الشرائط على القمصان وعلى المنصة حيث تناوب على الكلام خطباء كثر.