واشنطن ترفع تحذير السفر إلى العراق لأعلى مستوى وسط تهديد الميليشيات

السفارة الأميركية تؤكد استمرار عملها في بغداد وأربيل، نافية أنباء مغادرة الموظفين أو الإغلاق.
السبت 2025/06/21
فصائل العراق تلعب بالنار

بغداد – رفعت الولايات المتحدة تحذير السفر لمواطنيها إلى العراق إلى المستوى الرابع، وهو أعلى مستوى، تحسبا لتداعيات تصاعد النزاع بين إسرائيل وإيران.

وجاء هذا القرار فيما يترقب العراق مصيره، محاصرا بتهديدات الفصائل الموالية لطهران وتصعيد عسكري غير مسبوق على حدوده، وسط مؤشرات تفيد باتساع نطاق الحرب الدائرة في المنطقة، وهو ما يضع حكومة بغداد أمام تحد حاسم لضبط الأمن والنأي بالبلاد عن الانجراف نحو أتون الصراع.

وشددت وزارة خارجية الأميركية اليوم السبت على ضرورة عدم سفر المواطنين الأميركيين إلى العراق وذلك في أصدرته سفارة الولايات المتحدة في بغداد.

وذكرت السفارة في بيان أن "وزارة الخارجية الاميركية تبقي على تحذير السفر إلى العراق عند المستوى الرابع (الذي يعني عدم السفر)، ويجب على المواطنين الأميركيين عدم السفر الى العراق لأي سبب من الأسباب".

وأوضحت أن "الإجراءات التي يجب اتخاذها عند وجوب السفر الى العراق، منها تجنب التجمعات الكبيرة والحشود، والحفاظ على التواصل مع العائلة والأصدقاء، والقيام في برنامج تسجيل المسافرين الذكي (STEP) لتلقي المعلومات والتنبيهات وتسهيل تحديد الموقع في حالة الطوارئ في الخارج، وتلقي تنبيهات من مكتب الشؤون القنصلية بوزارة الخارجية الأمريكية عبر (الواتساب)، واعداد خطة لحالات الطوارئ، ومراجعة قائمة المسافرين، ومتابعة وزارة الخارجية على (فيسبوك، ومنصة إكس)".

بخصوص السفر عبر الحدود البرية، أكدت السفارة أن "الحدود البرية للكويت وتركيا لا تزال مفتوحة، رغم أن انتظار العبور قد يطول"، مشيرة إلى أن السفارة والقنصلية في أربيل أوقفتا خدمات التأشيرات الروتينية مؤقتًا، لكنهما لا تزالان مفتوحتين للخدمات القنصلية للمواطنين الأميركيين.

وتأتي هذه التحذيرات في ظل تصاعد حدة المخاوف في العراق بشأن إمكانية توفير الحماية اللازمة للسفارة الأميركية في بغداد، إثر سلسلة التطورات العسكرية والسياسية في المنطقة، وإمكانية اصطفاف واشنطن عسكريا مع إسرائيل ودخولها على خط المواجهة ضد إيران.

ووسط تصعيد ملحوظ بتهديدات الفصائل العراقية الحليفة لطهران، تتجلّى المسؤولية الكبيرة التي تتحملها الحكومة العراقية بالإيفاء بتعهداتها بتأمين السفارة والمصالح الأميركية في البلاد، والنأي بالنفس عن أحداث المنطقة.

وتبرز الأهمية الكبيرة لوجود السفارة ونشاطها في بغداد كعامل يؤشر إلى حالة الاستقرار النسبي في العراق، الذي يقف على شفير الحرب.

وتداولت منصات التواصل الاجتماعي ووكالات أنباء عراقية، مساء الجمعة، خبرا أفاد بـ"مغادرة جميع موظفي السفارة الأميركية، وإغلاق أبوابها"، الأمر الذي صعد منسوب المخاوف في الشارع العراقي، قبل أن تنفي السفارة الأميركية صحة الخبر.

 وأكدت السفارة في بيان "لم يطرأ أي تغيير على الوضع التشغيلي للسفارة الأميركية في بغداد والقنصلية العامة في أربيل"، وأن "الولايات المتحدة ملتزمة التزامًا راسخًا بتعزيز أولويات سياستها في العراق، وتعزيز سيادته، والتواصل مع القادة العراقيين والشعب العراقي".

وسبق أن اتخذت السلطات العراقية مع بداية الهجوم الإسرائيلي على إيران، إجراءات أمنية مشددة لحماية السفارة الأميركية في بغداد والمصالح الأميركية عموما، في خطوة تهدف من خلالها إلى منع أي اعتداء قد يجر العراق إلى أتون الحرب.

ورافق ذلك حراك حكومي باتجاه قيادات الفصائل الحليفة لطهران، للضغط عليها بمنع أي تحرك يهدد أمن وسلامة العراق، إلا أن تلك القيادات لم تقدم ضمانات واضحة بهذا الاتجاه.

وحشدت تلك الجهات ومعها زعامات سياسية عراقية مقربة من إيران، في الأيام الأخيرة أنصارها، للتظاهر تنديدا بالعدوان الإسرائيلي على إيران، وإعلان التضامن معها، وحاول عدد من المتظاهرين الوصول إلى مبنى السفارة الأميركية، إلّا أن القوات الأمنية العراقية منعتهم من ذلك، كما صعدت قيادات الفصائل، وأبرزها "كتائب حزب الله"، "عصائب أهل الحق"، "كتائب سيد الشهداء"، "حركة أنصار الله الأوفياء"، "كتائب الإمام علي" و"حركة النجباء"، تهديداتها بالانخراط عسكريا إلى جانب إيران في حال تدخلت أميركا في الحرب.

وحذّر عضو لجنة الأمن افي البرلمان العراقي، النائب محمد الشمري، من "خطورة" إغلاق السفارة الأميركية في بغداد، معتبرا ذلك "إنذارا مبكرا" لحدث أمني غير مسبوق قد يشهده العراق والمنطقة.

 وقال الشمري في تصريح لوكالة "شفق نيوز" الكردية العراقية، مساء الجمعة، إن "إغلاق السفارة الأميركية دليل خطر، وإنذار بأن الولايات المتحدة ومعها إسرائيل قد تنفذان عملاً خطيراً يستوجب إخلاء طاقم السفارة"، مشدداً على أن "هذه المؤشرات تتطلب استعداداً سياسياً وأمنياً في الداخل العراقي".

في سياق التصعيد الإقليمي، أكدت وزارة الدفاع الأميركية، في رد رسمي على استفسارات وكالة "شفق نيوز"، أنها أرسلت قدرات عسكرية إضافية إلى منطقة الشرق الأوسط.

وأشار متحدث باسم البنتاغون إلى الموقف الرسمي الصادر عن وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث بتوجبه تعزيز قدرات القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)، دون أن يكشف عن طبيعة تلك القدرات أو مواقع انتشارها.

وتنتشر القوات الأميركية، البالغ عددها نحو 2500 جندي في العراق، ضمن إطار مهام التدريب وتقديم الدعم للقوات العراقية والتحالف الدولي ضد تنظيم داعش، لكن هذه القوات أصبحت هدفاً متكرراً لهجمات صاروخية ومسيرات منذ عام 2020، وتصاعدت وتيرتها عقب اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبومهدي المهندس.

ويأتي الموقف الأميركي الأخير في وقت تشهد فيه المنطقة تصعيدا ميدانيا غير مسبوق، إذ تبادلت إسرائيل وإيران الضربات العسكرية، وسط مخاوف من توسع رقعة النزاع إلى ساحات جديدة، وعلى رأسها العراق وسوريا ولبنان.

 وتأتي هذه المواقف في أعقاب هجوم واسع النطاق شنّته إسرائيل فجر الجمعة الماضية على أهداف عسكرية ونووية في إيران، في واحدة من أوسع عملياتها الجوية خلال السنوات الأخيرة.

 وأفادت مصادر رسمية في طهران بمقتل عدد من الضباط العسكريين البارزين، بالإضافة إلى علماء في الطاقة النووية، فيما ردّت إيران بإطلاق عشرات الطائرات المسيرة والصواريخ باتجاه أهداف إسرائيلية.

 وتسببت الهجمات المتبادلة في رفع مستوى التوتر في المنطقة، ما دفع الحكومة العراقية إلى إعلان إغلاق المجال الجوي بشكل كامل، وتعليق جميع الرحلات الجوية حتى إشعار آخر، في محاولة لتفادي أي اختراقات جوية أو تداعيات أمنية قد تطال البلاد.