واشنطن تدفع بتعزيزات عسكرية للشرق الأوسط مع احتدام الصراع بين إسرائيل وايران

التحشيد العسكري الأميركي في الشرق الأوسط يحتمل أكثر من تفسير اذ يشير إلى احتمال تدخل واشنطن في الصراع أو العمل على منع انزلاقه إلى حرب شاملة.
الثلاثاء 2025/06/17
التحشيد العسكري الأميركي في الشرق الأوسط رسالة ردع لإيران ووكلائها

واشنطن - قال ثلاثة مسؤولين أميركيين إن الجيش الأميركي ينشر المزيد من الطائرات المقاتلة في الشرق الأوسط ويوسع نطاق نشر طائرات حربية أخرى، مما يعزز القوات العسكرية الأميركية في المنطقة مع احتدام الحرب بين إسرائيل وإيران.

وأوضح أحد المسؤولين أن عمليات النشر تشمل طائرات مقاتلة من طراز إف-16 وإف-22 وإف-35.

وشدد اثنان من المسؤولين على الطبيعة الدفاعية لنشر الطائرات المقاتلة التي استخدمت لإسقاط طائرات مسيرة ومقذوفات.

كانت رويترز أول من أفاد أمس الاثنين بنقل عدد كبير من طائرات التزويد بالوقود إلى أوروبا، بالإضافة إلى نشر حاملة طائرات في الشرق الأوسط، مما يوفر خيارات للرئيس دونالد ترامب مع تصاعد التوتر في الشرق الأوسط.

وذكر المسؤولان أن حاملة الطائرات الأميركية نيميتز متجهة إلى الشرق الأوسط، إلا أن أحدهما قال إن تلك الخطوة أُعد لها في وقت سابق.

ويمكن لحاملة الطائرات نيميتز نقل 5000 شخص وأكثر من 60 طائرة، بما في ذلك طائرات مقاتلة.

وبدأت إسرائيل قصف إيران يوم الجمعة قائلة إن طهران على وشك صنع قنبلة نووية. ومنذ ذلك الحين، تبادلت طهران وتل أبيب قصفا مكثفا تسبب في مقتل وإصابة مدنيين وأثار مخاوف من نشوب صراع إقليمي أوسع.

ووصف وزير الدفاع الأميركي بيت هيجسيث عمليات النشر بأنها دفاعية، إذ تسعى واشنطن إلى حماية قواتها في الشرق الأوسط من أي رد فعل محتمل من إيران والقوات المتحالفة معها في المنطقة.

وأشار مسؤول دفاعي أميركي رابع اليوم الثلاثاء إلى إمكانية نشر سفن حربية إضافية تابعة للبحرية الأميركية في شرق البحر المتوسط، قادرة على إسقاط الصواريخ الباليستية.

ولدى الولايات المتحدة بالفعل قوة كبيرة في الشرق الأوسط، تضم ما يقرب من 40 ألف جندي، بما في ذلك أنظمة دفاع جوي وطائرات مقاتلة وسفن حربية يمكنها المساعدة في إسقاط الصواريخ.

وشنت إسرائيل حربها الجوية الأكبر على الإطلاق على إيران يوم الجمعة بعد أن قالت إنها خلصت إلى أن طهران على وشك تطوير سلاح نووي.

وتنفي إيران سعيها للحصول على أسلحة نووية وأشارت إلى حقها في امتلاك التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية، بما في ذلك التخصيب، باعتبارها طرفا في معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية.

ويمثل التحشيد العسكري الأميركي في الشرق الأوسط، خاصة مع احتدام الصراع بين إيران وإسرائيل، مجموعة من الدلالات والأهداف، المعلنة وغير المعلنة التي تعكس استراتيجية واشنطن في المنطقة.

ويعكس هذا التحشيد العسكري في الشرق الأوسط توازنًا دقيقًا بين الردع والدفاع، وحماية المصالح الاستراتيجية، وإدارة الأزمات، مع محاولة تجنب الانزلاق إلى صراع واسع النطاق قد تكون تداعياته كارثية على المنطقة والعالم.

والهدف الأساسي للتحشيد هو إرسال رسالة واضحة لإيران مفادها أن أي تصعيد كبير أو استهداف للمصالح الأميركية أو حلفائها سيواجه برد قوي. وتسعى الولايات المتحدة لمنع التصعيد من التحول إلى حرب إقليمية واسعة النطاق. ويهدف التحشيد إلى إظهار القوة لضبط إيقاع الصراع وتجنب سيناريو "كل شيء أو لا شيء" الذي قد يدخل المنطقة في فوضى شاملة.

ومع وجود قواعد عسكرية ومستشارين أميركيين في عدة دول بالشرق الأوسط (مثل العراق، سوريا، دول الخليج)، تهدف واشنطن إلى تأمين هذه القواعد وحماية الأفراد والمعدات من أي هجمات إيرانية أو من قبل الميليشيات الموالية لها.

والولايات المتحدة ملتزمة بأمن إسرائيل، اذ يوفر التحشيد العسكري دعمًا لوجستيًا واستخباراتيًا وعسكريًا مباشرًا وغير مباشر للدولة العبرية في مواجهة التهديدات الإيرانية. ويشمل ذلك المساعدة في إسقاط الصواريخ والمسيرات، وتوفير الدعم الدفاعي الجوي، وتجديد مخزونات الأسلحة.

والشرق الأوسط هو شريان الطاقة للعالم وأي اضطراب في المنطقة، خاصة في مضيق هرمز وباب المندب، يؤثر بشكل مباشر على أسعار النفط العالمية والاقتصاد العالمي. والوجود العسكري الأميركي يهدف إلى تأمين هذه الممرات المائية الحيوية.

وقد يكون التحشيد جزءا من إعادة تقييم أوسع للاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط، خاصة في ظل تزايد نفوذ الصين وروسيا. وتحاول الولايات المتحدة الحفاظ على مصالحها وتعزيز شراكاتها بموارد ربما تكون أقل من السابق، مع التركيز على القوات الجوية والبحرية ووحدات التدخل السريع.

وقد يستخدم التحشيد العسكري أيضا كورقة ضغط على إيران لدفعها نحو المفاوضات والحلول الدبلوماسية، خاصة فيما يتعلق ببرنامجها النووي وأنشطتها الإقليمية.

إدارة الأزمات عن بعد: الولايات المتحدة لا ترغب في الانخراط في حرب إقليمية شاملة. التحشيد يمثل محاولة لإدارة الأزمة من خلال "احتواء" الأطراف وردعها، مع الإبقاء على خيارات التدخل المباشر إذا لزم الأمر، لكن دون التورط الكامل.

وقد تستغل واشنطن الوضع لتعزيز وجودها وتأثيرها في المنطقة وتعميق تحالفاتها وتوجيه الأنظار نحو التهديد الإيراني لتوحيد صفوف حلفائها. كما يمكن أن يكون التحشيد فرصة لاختبار ردود فعل إيران ووكلائها، وجمع المعلومات الاستخباراتية عن قدراتهم.