واشنطن تدعو الحوثيين إلى تسليم خرائط الألغام في اليمن

صنعاء - طالبت السفارة الأميركية لدى اليمن الحوثيين، اليوم الثلاثاء، بتسليم الخرائط المتعلقة بالألغام، وذلك تزامنا مع دعوات حملة إلكترونية لمناصرة ضحايا الألغام التي زرعتها الجماعة المدعومة إيرانيا برا وبحرا مما أسفر عن مقتل آلاف المدنيين الأبرياء، أغلبهم من النساء والأطفال.
وقالت السفارة في بيان مقتضب عبر حسابها على تويتر "في اليوم العالمي للتوعية بمخاطر الألغام، نحزن على اليمنيين الذين قتلوا وأصيبوا بسبب الألغام".
وتتزامن الدعوة الأميركية مع حملة إلكترونية تنطلق مساء الثلاثاء لمناصرة ضحايا الألغام في اليمن.
ودعت المنظمات جميع الناشطين والإعلاميين وكل المهتمين، لمناصرة ضحايا الألغام التي زرعتها جماعة الحوثي، وتنديدا بخطورتها على حياة اليمنيين، من خلال المشاركة في الحملة الإلكترونية التي ستنطلق الساعة الثامنة مساء الثلاثاء.
ورغم تفاوت الإحصاءات المحلية والدولية في تقدير المساحات المزروعة بالألغام في اليمن، فبعضها يؤكد زراعة الحوثيين "مئات الآلاف"، فيما تتهم الحكومة اليمنية، المعترف بها دوليا، الحوثيين، بزرع نحو مليوني لغم في البلاد، معظمها في محافظة الحديدة التي سبق أن سقط فيها مئات المدنيين بين قتلى وجرحى جراء انفجار الألغام.
والمؤكد أن نشاط الحوثيين في هذا المجال أصبح "بصمة دم" تطبعها ألغام الحوثي المصنّعة محليا بمعاونة خبراء، أو حتى المستوردة من إيران، وفي النهاية يدفع المواطنون اليمنيون الثمن من أجسادهم بالإصابة، أو من أرواحهم بالوفاة.
وقال مشروع مسام السعودي لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام، "إنه أتلف 1185 لغما وقذيفة غير منفجرة وعبوة ناسفة في باب المندب، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للتوعية بمخاطر الألغام".
ولا توجد خرائط تبين مواقع الألغام في معظم المناطق التي شهدت اشتباكات مسلحة في البلاد، بين الحوثيين والقوات الحكومية.
وأظهر تقرير حديث لمنظمة "إنقاذ الطفولة"، ارتفاع عدد ضحايا الألغام الأرضية والمتفجرات من الأطفال في اليمن ثمانية أضعاف خلال خمس سنوات، وسط استمرار الحرب في البلد للعام التاسع على التوالي.
وأوضح مكتب المنظمة في بريطانيا بتقرير نُشر في 24 مارس الماضي على الموقع الإلكتروني "قُتل أو جرح طفل واحد في المتوسط كل يومين في اليمن العام الماضي بسبب الألغام الأرضية أو غيرها... وهو أعلى معدل منذ خمس سنوات".
وأشار تقرير المنظمة الدولية إلى ارتفاع عدد الضحايا من الأطفال بسبب الألغام الأرضية أو الذخائر غير المنفجرة إلى 199 في عام 2022، مقارنة بـ68 في عام 2018.
وحطَّمت جماعة الحوثي رقما قياسيا في حرب الألغام والمتفجرات والعبوات الناسفة، منذ بدء حربها في صعدة ضد الدولة في عام 2004، والانقلاب في صنعاء، بوصفها واحدة من أمهر الجماعات بالعالم في شن هجمات بـ"العبوات الناسفة".
وبفعل الجنون الحوثي غير المكترث بمصير المدنيين أصبح اليمن البلد الأكبر في منطقة الشرق الأوسط الذي تعرض لكارثة انتشار الألغام، تشير تقارير منظمات دولية ومحلية إلى أن اليمن شهد أكبر عملية زرع للألغام الأرضية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
وتتناثر في العديد من مدنه آلاف الألغام التي زرعتها أطراف الحرب، المستمرة منذ مطلع عام 2015، في مناطق تشهد معارك بين مقاتلي جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران والقوات اليمنية التابعة للحكومة التي تساندها السعودية.
وقال نائب المدير القُطري لمنظمة "إنقاذ الطفولة" في اليمن أشفق أحمد "مع دخول البلاد عامها التاسع من الصراع الأحد المقبل، يعد هذا التقرير تذكيرا صارخا بالتأثير المدمر للحرب على الأطفال، وهم السكان الأكثر ضعفا في اليمن".
وأضاف "حقيقة أن المزيد من الأطفال يُقتلون ويُصابون بسبب الألغام الأرضية والمتفجرات الأخرى من مخلفات الحرب هي لائحة اتهام دامغة لأطراف النزاع الذين يواصلون استخدام هذه الأسلحة الفتاكة'.
ودعت منظمة "إنقاذ الطفولة" في تقريرها جميع أطراف النزاع إلى اتخاذ إجراءات فورية لحماية الأطفال من هذه الأسلحة الفتاكة.
وكشفت تقارير حقوقية أن عدد ضحايا الألغام الحوثية في اليمن "يتجاوز 10 آلاف ضحية"، يمثل الأطفال والنساء الغالبية الكبرى، إضافة إلى المسنين وأصحاب المهن والحرف مثل الصيادين والمزارعين، الذين يختفطهم الموت في كل خطوة يخطونها نحو فلاحة الأرض، وبحثا عن أرزاق أسرهم في البحر.
وحسب مراقبين فإن جماعة الحوثي تعتمد على "زرع المتفجرات والألغام المحرمة دولياً"، ليس دفاعاً عن النفس بقدر ما هي "سياسة ممنهجة من أجل استهداف الأبرياء" وإيقاع أكبر قدر من الضحايا، كسياسة انتقامية من المدنيين في ظل نزيفها المستمر في صفوفها وخسائرها اليومية بالعشرات من مسلحيها، إضافة إلى عدم قبول المجتمع لها في المناطق التي تدخلها، وتجبرهم على الانسحاب منها، وهو ما دفعها إلى زراعة الألغام في الأحياء السكنية والطرقات العامة والوديان ومزارع المواطنين والجبال غير مكترثة بأي مخاطر تحدق بحياة المواطنين.
ولم تستثن السياسة الحوثية في زراعة الألغام الآبار والجامعات ولا الطرقات ولا المنازل، وأغرقت البحر وكذلك مناطق عبور السفن التجارية الدولية لتمثل تهديداً لحركة الملاحة الدولية، وتحدياً تسبب في حرمان مئات الصيادين من ممارسة حرفة الصيد على طول الشواطئ اليمنية، التي مرّت منها الجماعة الحوثية وعناصرها المسلحة، حسب المراقبين.
وتقول الأمم المتحدة إن الحرب أودت بحياة عشرات الآلاف وشردت الملايين، ودفعت اليمن، الذي يعاني "أكبر أزمة إنسانية في العالم"، إلى شفا المجاعة مع انهيار الاقتصاد.