واشنطن تدعم الصديق الكبير وسط محاولات الدبيبة للإطاحة به

مصادر مقربة من المصرف المركزي تنفي صدور قرار من المجلس الرئاسي بإقالة الصديق الكبير من منصبه.
الثلاثاء 2024/08/13
تحذير أميركي من استبدال الكبير بالقوة

طرابلس - قال محافظ البنك المركزي الليبي الصديق الكبير، الاثنين، إن البنك يتعرض لـ"تهديدات متزايدة تطال أمنه وسلامة موظفيه وأنظمته"، فيما حذر المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، من "محاولة استبدال المحافظ بالقوة"، وسط أنباء متضاربة عن إقالة المجلس الرئاسي الكبير من منصبه.

والتقى نورلاند الإثنين بمقر سفارة واشنطن في العاصمة التونسية مع الكبير، وناقشا خلال الاجتماع التطورات الأخيرة بشأن المصرف والتهديدات المتزايدة التي تطال أمنه وسلامة موظفيه وأنظمته، وفق بيان للبنك المركزي الليبي ومنشور للسفارة الأميركية لدى ليبيا على منصة إكس.

وأكد المبعوث الخاص، وفق بيان البنك، "دعم بلاده الكامل لمصرف ليبيا المركزي تجاه تلك التهديدات والمحافظة على استقرار المصرف المركزي من أجل القيام بالدور المناط به على أكمل وجه".

وعن اللقاء ذاته، قال السفير نورلاند "التقيت الاثنين بمحافظ مصرف ليبيا المركزي لمناقشة التحركات المقلقة للجماعات المسلحة حول مقر المصرف".

وأضاف أن "ظهور مجموعة جديدة من المواجهات بين الجماعات المسلحة في الأيام الأخيرة يبرز المخاطر المستمرة الناتجة عن الجمود السياسي في ليبيا"، في إشارة إلى معارك بين كتائب مسلحة، جرت الجمعة الماضية، بمنطقة تاجوراء شرقي العاصمة طرابلس، وأسفرت عن مقتل 9 أشخاص.

وأوضح نورلاند أن "التهديدات لأمن موظفي المصرف المركزي وعملياته غير مقبولة"، مؤكدا "وجوب حماية نزاهة مصرف ليبيا المركزي مثلها مثل المؤسسات السيادية الأخرى في ليبيا".

وحذر المبعوث الأميركي من أن "محاولة استبدال قيادة المصرف بالقوة قد تؤدي إلى فقدان ليبيا الوصول إلى الأسواق المالية الدولية".

وأكد أن "النزاعات حول توزيع ثروات ليبيا يجب أن تحل من خلال مفاوضات شفافة وشاملة نحو تحقيق ميزانية موحدة تعتمد على التوافق".

وفي حين لم يبين البنك المركزي الليبي أو المبعوث الأميركي ما هي تلك التهديدات، إلا نشطاء ليبيون تداولوا خلال اليومين الماضيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي أخبارا تفيد بـ"عزم رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، إقالة المحافظ بالاستعانة بقوى عسكرية غربي البلاد، بعد ضغوطات من رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة"، فيما لم يصدر تعليق فوري من المنفي أو الدبيبة على تلك الأخبار.

ونقلت العديد من وسائل الإعلام في ليبيا عن مصادر مطلعة إصدار المجلس الرئاسي الليبي قراراً بإيقاف محافظ المصرف المركزي.

ووفق المصادر، فإن القرار جرى بمرسوم رئاسي على خلفية التصرف في مبالغ مالية موجودة كوديعة في إحدى البلدان دون غطاء قانوني.

وأضافت المصادر أن الرئاسي أقدم على الخطوة باعتباره يمتلك صلاحيات رئاسية، لشغور منصب المحافظ بسب إقالته سابقاً وانتهاء المدة القانونية القصوى للمحافظ المقدرة بـ10 سنوات.

كما راجت تقارير محلية، حول إصدار المدعي العام العسكري التابع لحكومة الدبيبة، أمراً باعتقال محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، مشيرة إلى أن تشكيلات مسلحة عدة وصلها هذا التعميم رفضت تنفيذه.

وذكرت التقارير أن أمر اعتقال الكبير جاء بناءً على تعليمات من الدبيبة، بعد أن رفض الكبير صرف ميزانيات حكومته.

وفي المقابل، نفت مصادر مقربة من محافظ المصرف المركزي في تصريح لموقع "ليبيا الأحرار" صدور أي قرار بإيقافه أو إقالته من منصبه.

ونقل "ليبيا الأحرار" عن هذه المصادر قولها إنه ليس من صلاحيات المجلس الرئاسي إيقاف محافظ المركزي أو إقالته وفقا للإعلان الدستوري.

وأضافت المصادر أن علاقتهم مميزة مع الرئاسي داعين جميع الأطراف إلى تغليب مصلحة الوطن والنأي بالمركزي عن التجاذبات السياسية كونه الحصن الأخير لأموال الليبيين ومقدرات البلاد، وفق تعبيرها.

وفي الأثناء، أعلن جهاز الردع التابع لحكومة الدبيبة، حالة الطوارئ إثر مخاوف من تعرض تمركزاته، لهجوم خلال الساعات المقبلة، بينما أظهرت لقطات مصورة، انتشار آليات عسكرية للجهاز لتأمين طريق الشط والمرافق الحيوية بمنطقة وسط المدينة.

وأفادت وسائل إعلام محلية بأن الهدف من انتشار الآليات المسلحة في طريق الشط هو منع هجوم ينتظر أن تقوم به جماعات مسلحة لمحاصرة مصرف ليبيا المركزي بهدف منعه من صرف ميزانية الدولة التي صادق عليها مجلس النواب في أوائل يوليو الماضي والتي تبلغ قيمتها 180 مليار دينار (37 مليار دولار).

وحذر حراك 17 فبراير في بيان من أي محاولة للاعتداء على مصرف ليبيا المركزي، مؤكدا أنها لن تؤدي فقط إلى تقسيمه مجددا وإفراغ خزائنه، بل ستفتح الباب واسعا أمام انهيار الدولة بعد تفشي الفساد في عدة مؤسسات تدخلت بها الحكومة.

وقال الحراك إن أي محاولة للمساس بمصرف ليبيا المركزي ستُقابل بزخم شعبي عارم، يهدف إلى حماية مقدرات الدولة ومنع تدميرها، فالليبيون، الذين عانوا طويلا من ويلات الحروب والصراعات، لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام تهديد جديد يُعرض مستقبلهم للخطر، لافتا إلى أن هذا الزخم الشعبي سيكون حاسمًا في صد أي محاولة للاعتداء على المصرف المركزي، مؤكدًا أن الليبيين لن يسمحوا بتكرار المآسي التي عاشوها في الماضي.

وأردف الحراك أنه في ظل هذه الظروف الحساسة التي تمر بها ليبيا، يبقى المصرف المركزي حجر الزاوية في استقرار الدولة. والمحاولات البائسة للاعتداء عليه لن تؤدي إلا إلى المزيد من الانقسامات والفوضى. لذا، يجب على جميع الأطراف السياسية أن تعي خطورة هذه الخطوات وأن تتوقف فورًا عن أي محاولة للمساس بالمصرف، حفاظا على مستقبل ليبيا وشعبها.

ومؤخرا، تدهورت العلاقات بين الدبيبة ومحافظ البنك المركزي الذي ظهر قبل نحو شهر في لقاء جمع لأول مرة مع رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، رغم أن الأخير كان يصرح مرارا بأن محافظ البنك "مُقال من منصبه ووجوده على رأس البنك أمر غير شرعي".

وحاليا توجد في ليبيا حكومتين وهي حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة ومقرها العاصمة طرابلس التي تدير منها كامل غرب البلاد، والثانية حكومة أسامة حماد كلفها مجلس النواب قبل ثلاثة أعوام ومقرها بنغازي وتدير كامل شرق البلاد ومدن بالجنوب.

وجود حكومتين بالبلاد خلق أزمة سياسية يأمل الليبيين حلها عبر اجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وسط جدل حول قوانينها والجهة التنفيذية التي ستشرف عليها.