واشنطن تدافع عن الدبيبة وتنتظر منه تسليم رموز من نظام القذافي

طرابلس – دافعت الولايات المتحدة عن تسليم حكومة الوحدة الوطنية الليبية المشتبه به في تفجير "لوكربي" أبوعجيلة مسعود المريمي، وأكدت أنها تمت بصفة قانونية، مشيرة إلى أنها لن تعيد فتح الاتفاقية المبرمة مع طرابلس بشأن التسوية المالية لقضية تفجير طائرة ركاب أميركية، وذلك تمهيدا لجلب آخرين ممن لم تستطع الوصول إليهم من رموز نظام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.
واعترف رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة بتسليم حكومته المواطن أبوعجيلة إلى الولايات المتحدة بعد أيام على إعلان واشنطن وصول المريمي إلى أراضيها ومحاكمته في محكمة اتحادية، وبرر ذلك بـ"محو وسم الإرهاب من على جبين أبناء الشعب الليبي البريء".
وعن ذلك قالت سفارة الولايات المتحدة في بيان نشرته في وقت متأخر من مساء الثلاثاء عبر صفحتها على فيسبوك إن "عملية نقل أبوعجيلة مسعود إلى عهدة الولايات المتحدة لمحاكمته بتهم تتعلق بتفجير طائرة "بان أم 103" قانونية، وتمت بالتعاون مع السلطات الليبية".
وأضافت "جاءت عملية النقل هذه في أعقاب نشر الإنتربول بطاقة حمراء بحق مسعود في يناير 2022 تطالب جميع الدول الأعضاء بتحديد مكان المدعى عليه واعتقاله لغرض نقله إلى الولايات المتحدة".
ويعد المريمي مسؤولا بجهاز المخابرات في عهد النظام السابق للعقيد الراحل معمر القذافي، بعد أن تمت إدانته بتهم لها علاقة بالواقعة التي راح ضحيتها 270 شخصا، بينهم 190 أميركيا خلال رحلة طيران بين لندن ونيويورك، ووجهت إليه نهاية عام 2020 عدة تهم في الولايات المتحدة بشأن "ضلوعه في التخطيط وتصنيع القنبلة" التي أسقطت الطائرة فوق منطقة لوكربي، وبارتكاب جرائم تتعلق بالإرهاب.
وأكدت واشنطن أنها "لن تعيد فتح الاتفاقية المبرمة عام 2008 بين الولايات المتحدة والحكومة الليبية آنذاك، والتي حسمت مطالبات أميركا والمواطنين الأميركيين ضد ليبيا والناجمة عن حوادث إرهابية معيّنة، بما في ذلك الهجوم على بان أم 103".
وتابعت "ألزمت هذه الاتفاقية الولايات المتحدة بإنهاء الدعاوى الحالية الخاصة بالتعويض المالي في المحاكم الأميركية الناشئة عن هذه الحوادث وتمنع رفع أي دعاوى مستقبلية".
واستطردت واشنطن "لكنها لا تقيّد بأي حال من الأحوال تعاوننا في إنفاذ القانون أو أن يكون لها أي تأثير على التهم الجنائية ضد المسؤولين عن الهجوم".
وكلفت قضية تفجير لوكربي التي وقعت في العام 1988 الليبيين خسائر مالية كبيرة خلال حكم الرئيس الراحل معمر القذافي، حيث دفعت ليبيا تعويضات لعائلات الضحايا قدرت بنحو 2.7 مليار دولار. ويخشى الليبيون من أن يجدوا أنفسهم مجددا أمام إعادة فتح هذه القضية.
ورحب الدبيبة، مساء الثلاثاء، بقرار الولايات المتحدة قائلا عبر حسابه على تويتر "أرحب بتأكيد الولايات المتحدة عدم فتح الاتفاقية المبرمة بشأن التعويضات، وصدور بطاقة حمراء جنائية من الإنتربول".
وأضاف "ذلك ما أكدته سابقا لشعبنا الليبي الذي تعرض لحملة تضليل واسعة".
وكان البرلمان الليبي والمجلس الأعلى للدولة والحكومة الموازية برئاسة فتحي باشاغا وأحزاب سياسية ومنظمات حقوقية ليبية قد أعلنت رفضها فتح ملف لوكربي وإرجاعه إلى الواجهة مرة أخرى، وتقدمت بدعاوى قضائية ضد حكومة الدبيبة واتهمتها بـ"الخيانة العظمى".
ورغم تعهد الولايات المتحدة بعدم فتح ملف التسوية المالية في قضية لوكربي، إلا أن بيان السفارة لم يبدد غضب الليبيين ومخاوفهم بشأن تسليم حكومة الدبيبة واشنطن لمطلوبين آخرين.
ويبدو أن اعتقال أبوعجيلة لن يكون الفصل الأخير في قضية لوكربي، وهو ما سبق أن أكده المستشار القانوني السابق لوزارة الخارجية الأميركية جون بيلينغر في مقال مطول كتبه بيلينغر في مدونة "لاوفير" الأميركية المتخصصة في قضايا الأمن القومي، والتي تتابع سير الملف منذ وقوع الحادث حتى مثول المريمي أمام محكمة فيدرالية في واشنطن يوم الثاني عشر من ديسمبر الجاري.
ورجح المستشار الأسبق لوزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس أن يُكشف "المزيد من المعلومات حول الهجوم، وقد يؤدي إلى إلقاء القبض على مسؤولي المخابرات الليبيين الآخرين المسؤولين عن التفجير ومحاكمتهم".
ومن بين المسؤولين الذين طلبت واشنطن من حكومة الوحدة الليبية تسليمهم لها عبدالله السنوسي رئيس المخابرات الليبية في عهد الزعيم الراحل معمر القذافي، حسب ما يوضح وكيل وزارة الخارجية الأسبق حسن الصغير، الذي يشير إلى أن السنوسي في حالة صحية حرجة، وقد يمثل نقله إلى الولايات المتحدة خطرا عليه.
وأمهلت قبائل إقليم فزان 72 ساعة لإطلاق سراح قيادات بارزة بالنظام السابق وعلى رأسها السنوسي، والتي ذكرت في التحقيقات الأميركية – البريطانية المتعلقة بتفجير لوكربي، ويعتقد أن له يدا في هذه الحادثة.
وقال محامي رئيس الاستخبارات الليبية السابق أحمد نشاد في تصريحات إعلامية إن الإدارة الغربية بجميع مسمياتها لا يمكن الاتكال عليها، وجميعها طوع القوي.
وأوضح نشاد أن تسليم المواطن الليبي أبوعجيلة مسعود المريمي إلى واشنطن ليس الغرض منه لوكربي، بقدر ما هو وسيلة لجلب من لم تستطع جرهم إلى خيانة الوطن.
وتابع أن الأمر الآن ليس منازعة قانونية، بل هو قذارة وتصفية حسابات من تحت الطاولة وفي عتمة الليل.