واشنطن تحذر موسكو من عقوبات شديدة في حال تصعيدها عسكريا في أوكرانيا

بوتين يدعو بايدن إلى عدم تحميل روسيا مسؤولية تردّي الوضع ويطالب بضمانات أمنية
الخميس 2021/12/09
إنذار أميركي في وجه بوتين

حذّرت واشنطن موسكو من أن ارتكاب أي هجوم روسي على أوكرانيا سيعرض للخطر خط نورد ستريم 2 للغاز، في وقت دعا فيه الرئيس فلادمير بوتين نظيره الأميركي جو بايدن إلى عدم تحميل روسيا مسؤولية تردي الوضع حول أوكرانيا، مطالبا الناتو بضمانات أمنية.

واشنطن - أبلغ الرئيس الأميركي جو بايدن نظيره الروسي فلاديمير بوتين بأن روسيا ستتعرض لـ”عقوبات شديدة اقتصادية وغيرها” في حال حصول تصعيد عسكري في أوكرانيا، خلال قمة ثنائية عقدت مساء الثلاثاء عبر الفيديو.

وذكر بيان للبيت الأبيض أن بايدن “أعرب عن مخاوف الولايات المتحدة وحلفائها حيال حشد تعزيزات روسية على الحدود مع أوكرانيا”، مشيرا إلى أن “الرئيسين بحثا أيضا الأمن السيبراني وعملهما المشترك حول مواضيع إقليمية مثل إيران”.

كما حذر مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جيك ساليفان بأن أي هجوم روسي على أوكرانيا قد يعرض للخطر خط “نورد ستريم 2” الذي تعول عليه روسيا لإمداد أوروبا بالغاز الطبيعي.

وأشار ساليفان خلال مؤتمر صحافي عقب القمة بين بايدن وبوتين إلى أن “خط الأنابيب لم يدخل بعد الخدمة”، مضيفا “إذا كان فلاديمير بوتين يريد نقل الغاز عبر نورد ستريم 2 فقد لا يجازف بغزو أوكرانيا”.

وأكد مستشار البيت الأبيض للأمن القومي جيك ساليفان الثلاثاء أن الرئيس جو بايدن لم يقدم تعهدات أو تنازلات ردا على طلبات نظيره الروسي فلاديمير بوتين بعدم انضمام أوكرانيا إلى الحلف الأطلسي.

جيك ساليفان: إذا أراد بوتين نقل الغاز فلا يجازف بغزو أوكرانيا

وقال ساليفان خلال مؤتمر صحافي بعد القمة بين الرئيسين عبر الفيديو “ينبغي أن يكون بإمكان كل بلد أن يختار بحرية مع من يقيم شراكة”.

وفي وقت لاحق أعلن البيت الأبيض أنّ الرئيس الأميركي وقادة كلّ من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا أعربوا الثلاثاء عن دعمهم لـ”وحدة أراضي” أوكرانيا.

وتضمّن بيان البيت الأبيض أنّ “الرئيس بايدن قدّم إحاطة للقادة بشأن المحادثات التي أجراها مع الرئيس بوتين والتي بحث خلالها في التداعيات الخطيرة لأيّ عمل عسكري روسي في أوكرانيا وفي ضرورة احتواء التصعيد والعودة إلى الدبلوماسية”.

وتابعت الرئاسة الأميركية أنّ “القادة شددوا على دعمهم لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، وعلى ضرورة أن تخفّض روسيا منسوب التوتر وأن تنخرط في المسار الدبلوماسي”.

وخلال القمة ندد الرئيس الروسي بتعزيز القدرات العسكرية للحلف الأطلسي على حدود بلاده في سياق دعم أوكرانيا، مطالبا بـ”ضمانات” بعدم توسيع الحلف شرقا.

ودعا فلاديمير بوتين نظيره الأميركي جو بايدن إلى عدم تحميل روسيا مسؤولية التصعيد حول أوكرانيا، مشيرا إلى أن “الناتو” هو الذي يزيد من قدراته قرب الحدود الروسية.

وجاء في بيان صدر عن الكرملين في أعقاب الاتصال بين بوتين وبايدن أن “القضايا المتعلقة بالأزمة الأوكرانية الداخلية وعدم وجود تقدم في تنفيذ اتفاقات مينسك لعام 2015 تصدرت المباحثات بين الرئيسين”.

وأضاف البيان أن “الرئيس الروسي قدم أدلة دامغة على النهج الهدام الذي تتبعه كييف ويهدف إلى نسف كامل لاتفاقات مينسك والتوافقات التي تم التوصل إليها في إطار رباعية نورماندي، وأعرب عن قلقه البالغ إزاء استفزازات كييف ضد دونباس”.

الحشد العسكري على حدود أوكرانيا يقلق واشنطن
الحشد العسكري على حدود أوكرانيا يقلق واشنطن

ولفت البيان إلى أن بايدن “ركز على الطابع الخطير لتحركات القوات الروسية بالقرب من الحدود الأوكرانية، وحدد العقوبات التي ستكون الولايات المتحدة وحلفاؤها مستعدين لفرضها في حال المزيد من التصعيد”.

وأكد بوتين أنه “لا ينبغي تحميل روسيا المسؤولية، لأن الناتو هو الذي يتخذ خطوات خطيرة ويحاول الانتشار على الأراضي الأوكرانية ويعزز حشوده على تخوم روسيا”، مستنتجا “ولذا فإن موسكو ترنو إلى الحصول على ضمانات خطية بعدم توسع الناتو شرقا ونشر أسلحة ضاربة في الدول المتاخمة لروسيا”.

وأشار البيان إلى أن “الزعيمين اتفقا على تكليف فريقيهما بمباشرة المشاورات حول هذه القضايا الحساسة”.

وعلى صعيد أمن المعلومات أكد الجانبان على “أهمية الحوار الجاري، وأعربا عن استعداد الجانبين لمواصلة التعاون على محاربة الجرائم السيبرانية”.

وبحث الطرفان الاتفاق النووي الإيراني، حيث أكد الرئيس الروسي على “أهمية تنفيذه الكامل في الإطار المتفق عليه”، كما أعربا عن أملهما في أن تجرى المفاوضات حول هذه القضية -والتي استؤنفت في فيينا أواخر نوفمر- بشكل بنّاء يسمح بالوصول إلى قرارات مقبولة بالنسبة إلى جميع الأطراف.

وتطرق الرئيسان أيضا إلى العلاقات الثنائية بين موسكو وواشنطن و”جرى التأكيد على أنها كالسابق ليست على ما يرام، وهذا ما تعكسه الصعوبات التي تواجهها البعثات الدبلوماسية للبلدين في عملها بعد تبادل تقليص كوادرها”.

وأكد بوتين أن هذه “نتيجة نهج السلطات الأميركية التي بدأت بفرض قيود واسعة قبل 5 سنوات، وحظرت بعض المجالات وطردت أعدادا من الدبلوماسيين الروس، ما استدعى الرد بالمثل من موسكو”.

واقترح الجانب الروسي إلغاء جميع القيود المفروضة على عمل البعثات الدبلوماسية، ما قد يؤدي إلى تطبيع مجالات أخرى في العلاقات الثنائية.

بوتين يحذر وبايدن يهدد
بوتين يحذر وبايدن يهدد

وأكد الرئيسان أنه “نظرا لمسؤوليتهما عن الحفاظ على الأمن والاستقرار الدولي، ستواصل روسيا والولايات المتحدة الحوار والاتصالات الضرورية”.

وسبقت هذا الاجتماع المرئي بين الرئيسين الأميركي والروسي سلسلة من المكالمات والأنشطة الأميركية العديدة، حيث أجرى مستشار الأمن القومي جيك سوليفان نحو خمس مكالمات مع نظرائه الأوروبيين وكذلك الأوكرانيين، فيما اجتمع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع الحلفاء الأوروبيين والأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) الأسبوع الماضي لمناقشة التصعيد الروسي على الحدود الأوكرانية.

والجمعة الماضي قال بايدن إنه على اتصال دائم مع حلفاء الولايات المتحدة والأوكرانيين، و”أحضّر ما سيصبح، بحسب اعتقادي، مجموعة مبادرات ستكون الأتم والأفضل حتى يصبح من الصعب جدا جدا على بوتين أن يفعل ما يخشى الناس أنه يفعله”.

وأكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن السبت أن واشنطن تأخذ على محمل الجد مخاطر الغزو الروسي المحتمل لأوكرانيا، وذلك في تصريحات أدلى بها إثر خطاب ألقاه في كاليفورنيا.

وقال أوستن ردا على سؤال حول مدى قلقه “لقد غزوا في السابق”، مضيفا “بالنظر إلى عدد القوات المنتشرة في المنطقة الحدودية وإلى بعض ما يرد في الإعلام وبعض ما يحصل في المجال السيبراني، فإن هذه الأمور تزيد من هواجسنا”.

وضمت روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية في العام 2014، ويجري اتهامها منذ ذلك الوقت بدعم انفصاليين في الشرق الأوكراني يوالون موسكو في نزاع أوقع أكثر من ثلاثة عشر ألف قتيل.

وتطالب موسكو بـ”ضمانات أمنية”، خصوصا عدم مواصلة حلف شمال الأطلسي التوسع شرقًا لاسيما عبر انضمام أوكرانيا إليه.

كييف تبحث عن سقف أمان
كييف تبحث عن سقف أمان

لكن كييف ترفض رفضا قاطعا التخلي عن مشروع انضمامها إلى الحلف المطروح رسميا على الطاولة منذ 2008 إلا أنه بقي حبرا على ورق.

وانضمام كييف إلى الحلف العسكري سيعني أن الدول الأخرى الأعضاء فيه، وعلى رأسها الولايات المتحدة، ستكون مطالبة بالتدخل عسكريًا للدفاع عن أوكرانيا حال وقوع غزو.

والخميس أبلغ وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف نظيره الأميركي أنتوني بلينكن بأن موسكو تحتاج إلى “ضمانات أمنية طويلة الأمد” عند حدودها من شأنها وقف توسع حلف شمال الأطلسي نحو الشرق، بحسب موسكو.

وفي يوليو الماضي شدد بايدن وبوتن، اللذان يمتلك بلداهما أكبر ترسانتين نوويتين في العالم، على ضرورة الحوار رغم نقاط الاختلاف الكثيرة، وأشارا إلى أنه حتى في ذروة الحرب الباردة بقيت موسكو وواشنطن على تواصل لتجنب اندلاع صراع.

وتتهم واشنطن الكرملين بتدبير هجمات إلكترونية ضد كيانات أميركية في آخر محطتين انتخابتين للولايات المتحدة، وبانتهاك حقوق الإنسان والعدوانية تجاه أوكرانيا وغيرها من الدول الأوروبية.

5