واشنطن تتخلى عن موعد الانتخابات الليبية بسبب عوائق قانونية وسياسية

طرابلس - أكد السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند وجود عقبات تعترض سير العملية الانتخابية في ليبيا، تتعلق بالجانبين القانوني والسياسي، منها ما يخص قائمة المرشحين للرئاسة، وذلك في إشارة إلى ترشح سيف الإسلام القذافي.
وقال نورلاند في مؤتمر صحافي على هامش زيارته إلى طرابلس الاثنين إن "تلك العقبات تحتاج إلى قرار وطني على مستوى سياسي وإرادة سياسية ليبية"، مؤكدا دعم بلاده لليبيا بكل ما تستطيع لتسير نحو الانتخابات.
ورغم أن نورلاند لم يفصح عن تلك العقبات القانونية والسياسية، إلا أن متابعين يرون أن الأمر يتعلق بترشح سيف الإسلام القذافي الذي أصدرت المحكمة الجنائية الدولية الأسبوع الماضي في شأنه تعميما للقبض عليه، ودعت دول العالم إلى التعاون في القبض عليه، للاشتباه بارتكابه جرائم ضد الإنسانية في ليبيا، بغية اعتقاله وإحالته إلى المحكمة.
وبدا الموقف الأميركي خلال الفترة الماضية حريصا على إجراء الانتخابات في موعدها، وأرجع مراقبون ذلك الحرص إلى استعجال أميركي لتنصيب سلطة مستقرة للتعامل معها في العديد من الملفات، في مقدمتها إخراج مرتزقة فاغنر الروسيين من شرق البلاد وجنوبها، لكن يبدو أن ترشح سيف الإسلام القذافي خلط الأوراق.
ومنذ دخول ابن الزعيم الليبي الراحل السباق الرئاسي بدأت المخاوف من تأجيل الانتخابات، لاسيما وأن الولايات المتحدة وبريطانيا ترفضان ترشحه باعتباره محسوبا على روسيا، التي أكدت في أكثر من مناسبة ضرورة عودة أنصار النظام السابق إلى الحكم.
وأضاف نورلاند "نحن نعمل لنكون شركاء في هذه العملية، مما يسمح لليبيين باتخاذ خيارهم. نحن لا ندعم أي مرشح معين. لكننا ندعم العملية".
ولفت إلى أن "الولايات المتحدة ستواصل التفاعل مع المؤسسات والقادة الليبيين بهدف إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية سلمية، حرة ونزيهة وشاملة وذات مصداقية، تمهد الطريق لمستقبل موحد ومستقر لليبيا".
وأشار السفير الأميركي إلى أن واشنطن تدعم بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والمستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون ليبيا ستيفاني ويليامز في أداء مهامها، من أجل مستقبل أفضل لليبيا في ما يتعلق بالعملية الانتخابية المزمع عقدها.
وأجرت الدبلوماسية الأميركية منذ وصولها إلى البلاد الأسبوع الماضي سلسلة من اللقاءات، كان أبرزها لقاؤها مع رئيس الحكومة المكلف عبدالحميد الدبيبة ووزير الداخلية السابق فتحي باشاغا، بالإضافة إلى القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر.
ومساء الاثنين التقت ويليامز سيف الإسلام القذافي وبحثت معه تطورات العملية الانتخابية الليبية، لكنها نفت نيتها الإعلان عن مبادرة انتخابية.
وأكدت ويليامز أنها "جاءت من أجل الانتخابات ولا شيء غيرها، باعتبار أن إجراءها يمثل رغبة الشعب الليبي وخارطة الطريق المدعومة دوليا".
ونقلت قناة الجماهيرية عن مصادر لم تكشف عن هويتها قولها إن "سيف الإسلام سلم ويليامز رسالة تتضمن رؤيته لانتخابات الرئاسة الليبية".
وتأتي زيارة نورلاند إلى طرابلس التي قال إن الهدف منها تقييم الوضع في ما يتعلق بالانتخابات وسير العملية التحضيرية، وسط حالة من شبه اليقين من تأجيل الانتخابات الليبية، فيما تتقاذف جميع الأطراف داخليا وخارجيا مسؤولية تأجيلها، فبينما يرمي المجتمع الدولي الكرة إلى أطراف محلية، يرفض كل من البرلمان والمفوضية تحمّل المسؤولية وإعلان التأجيل.
وكان رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات الليبية عماد السايح أكد الأحد أن قرار تأجيل الانتخابات من اختصاص البرلمان، مشيرا إلى عدم وجود أي مشاكل فنية في إجراء عملية الاقتراع في موعدها، في وقت لم تعلن المفوضية حتى اللحظة القائمات النهائية للمرشحين لمنصب الرئيس، ولم تكشف موعد طرحها أو التوقيت الزمني لإجراء الاستحقاق المرتقب.
ويأتي هذا الارتباك في الإعلان عن تأجيل الانتخابات ليكشف عن توجس واضح، وفقا لمراقبين، من الأطراف المعنية من عواقب الإعلان عن عدم التمكن من إنجاز الاستحقاقات في موعدها، خاصة بعد توعد الولايات المتحدة المعرقلين بعقوبات.
وقال نورلاند إن أي شخص أو جهة قد تلوّح باستخدام العنف أو أي طريقة من الطرق العنيفة، والتي قد تؤثر على نجاح الانتخابات أو سيرها بالشكل الصحيح، هو بلا شك "عرضة لعقوبات ليس فقط من الولايات المتحدة بل أيضا من المجتمع الدولي".
وأعلن الاتحاد الأوروبي الاثنين عن إرسال فريق من الخبراء إلى طرابلس لمراقبة عملية الانتخابات في ليبيا.
وقال الناطق الرسمي باسم المفوضية للشؤون الخارجية بيتر ستانو إن "الاتحاد الأوروبي أرسل فريقا صغيرا من الخبراء إلى طرابلس لمراقبة عملية الانتخابات. نعرب عن أملنا في إجراء الانتخابات في موعدها المحدد".
وأكد ستانو أن الاتحاد الأوروبي يجدد دعمه للانتخابات الحرة في ليبيا، والتي تعتبر خطوة مهمة في طريق حل الأزمة السياسية في ليبيا.
وكان من المفترض أن تجرى الانتخابات الرئاسية في الرابع والعشرين من ديسمبر الجاري، وفق الخطة التي ترعاها الأمم المتحدة وتحظى بدعم دولي، لكن المفوضية العليا للانتخابات أعلنت إرجاء إعلان القائمة النهائية للمرشحين إلى الرئاسة، إلى حين تسوية بعض المسائل القانونية.