واشنطن تتحرك لاستئناف مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل

بيروت – بدأت واشنطن محاولة جديدة في الوساطة بين إسرائيل ولبنان حول ملف ترسيم الحدود بين البلدين الذي يشهد جمودا منذ أشهر، تزامنا مع بدء تل أبيب مرحلة جديدة منذ الأحد بقيادة رئيس الوزراء نفتالي بينيت.
وزار رئيس الوفد الأميركي الراعي لمفاوضات الناقورة السفير جون دوروشيه الاثنين العاصمة بيروت، حيث التقى الرئيس ميشال عون وأطلعه على مقترح إسرائيلي جديد للتفاوض.
وخلال استقباله الوسيط الأميركي، أكد الرئيس عون "انفتاح لبنان على الأفكار المطروحة ضمن إطار السيادة اللبنانية الكاملة برا وبحرا"، لكنه شدد على أن لدى بلاده خيارات عدة في حال عدم تجاوب الإسرائيليين مع الجهود المبذولة لتحريك المفاوضات غير المباشرة بشأن ترسيم الحدود البحرية الجنوبية.
وأبلغ دوروشيه "رغبة لبنان في استمرار المفاوضات غير المباشرة في الناقورة بوساطة أميركية واستضافة دولية، وذلك بهدف الوصول إلى تفاهم حول ترسيم الحدود البحرية، على نحو يحفظ حقوق الأطراف المعنية بالاستناد إلى القوانين الدولية".
ومايو الماضي عقد الطرفان جلسة خامسة من المفاوضات عقب توقف دام نحو 5 أشهر، وكان تم الاتفاق على عقد جلسة سادسة، أُجلت إلى أجل غير مسمى، بأمر من الرئيس عون.
وعقب انتهاء الجولة الخامسة قال عون في بيان إنه طلب من وفده المفاوض في مسألة ترسيم الحدود مع إسرائيل، عدم استكمال التفاوض بشروط مسبقة.
وفي معرض تصريحاته الاثنين، طلب الرئيس اللبناني "من الوسيط الأميركي أن يمارس دوره للدفع نحو مفاوضات عادلة ونزيهة، ومن دون شروط مسبقة، لأن ذلك يضمن قيام مفاوضات حقيقية مستندة إلى الحق الذي يسعى لبنان إلى استرجاعه".
وأعرب "عن أمله في أن تلقى المساعي التي سوف يبذلها السفير دوروشيه مع المسؤولين الإسرائيليين، نتائج إيجابية آخذين في الاعتبار وجود حكومة جديدة في إسرائيل، الأمر الذي يتطلب ربما جهدا إضافيا لعدم حصول المزيد من التأخير في المفاوضات التي لا يمكن لإسرائيل أن تفرض وجهة نظر أحادية على مسارها".
ومن المتوقع أن يتوجه رئيس الوفد الأميركي إلى تل أبيب للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد نافتالي بينيت، على أن يحدد دوروشيه موعدا جديدا لاستئناف المفاوضات.
وكانت مصادر لبنانية أفادت في وقت سابق الاثنين بأن الوفد المشارك في مفاوضات الناقورة أعرب عن استعداده لمناقشة أي عرض جديد من الجهة الإسرائيلية، لكنه يشترط أن يكون المقترح موافقا للمرسوم 6433.
وذكرت أن رئيس الوفد الأميركي الراعي لمفاوضات الناقورة، يزور العاصمة بيروت للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون، والوفد اللبناني المفاوض في اليرزة، لاطلاع الوفد على المقترح الإسرائيلي الجديد.
وبحسب المصادر، أعلن الوفد اللبناني استعداده لمناقشة أي عرض جديد يستند إلى ما تقوله اتفاقية قانون البحار، وما انتهى إليه الوفد اللبناني في المراحل السابقة من ترسيم للخط البحري الذي تجاوز الخطوط السابقة بعد التوصل إلى الخط 29، والذي ما زال ينتظر تعديل المرسوم 6433.
وينص المرسوم على توسيع المنطقة الاقتصادية الخالصة (جنوبي البلاد) بـ1430 كيلومترا مربعا في البحر. وبذلك تصبح المساحة المتنازع عليها مع إسرائيل نحو 2300 كيلومتر مربع.
وكان الرئيس عون امتنع عن توقيع المرسوم مبررا قراره بعدم انعقاد جلسة لمجلس الوزراء، مع أن رئيس حكومة تصريف الأعمال ووزير الدفاع ووزير الأشغال كانوا وقعوا عليه.
وأعلنت رئاسة الجمهورية أن "تعديل المرسوم 6433 يحتاج إلى قرار الحكومة (مجلس الوزراء) مجتمعة، وفقا لرأي هيئة التشريع والاستشارات حتى مع حكومة تصريف أعمال، نظرا لأهميته والنتائج المترتبة عليه".
وأثار ذلك المرسوم غضب تل أبيب، واعتبر وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز أن الخطوة اللبنانية ستخرج المفاوضات عن مسارها بدلا من أن تساعد في العمل على التوصل إلى حل مشترك. وقال في بيان "بالطبع سترد إسرائيل على الإجراءات اللبنانية أحادية الجانب بإجراءات موازية".
وكان لبنان وإسرائيل اتفقا على بدء المفاوضات بعد سنوات من الجهود الدبلوماسية التي قادتها واشنطن. وعقدت أول جولة من المحادثات التي يصر لبنان على طابعها التقني وعلى أنها غير مباشرة، في أكتوبر 2020.
لكن المفاوضات توقفت في أواخر العام الماضي بسبب خلافات طرأت بين بيروت وتل أبيب حول المعايير التقنية الواجب اتباعها لإتمام هذه العملية.
وكان من المفترض أن تقتصر المفاوضات على مساحة بحرية من نحو 860 كيلومترا مربعا، بناء على خارطة أرسلت في 2011 إلى الأمم المتحدة، لكن لبنان أعاد في وقت لاحق تعديل هذه المساحة باعتبار أن الخارطة استندت إلى تقديرات خاطئة.
وقدم الوفد اللبناني خلال إحدى جلسات المحادثات التي انعقدت سابقا خارطة جديدة تدفع باتجاه 1430 كلم، إضافيا للبنان، وهو ما ترفضه إسرائيل، خصوصا أن هذه المساحة تشمل أجزاء من حقل كاريش الذي تعمل فيه شركة يونانية لصالح إسرائيل.