واشنطن تبحث عن دعم دولي لاتفاقها مع طالبان

رجّح خبراء أن تجد الولايات المتحدة صعوبة في الحصول على حزام دبلوماسي دولي واسع لاتفاقها الهش مع طالبان في إطار مساعيها إلى وضع أوزار أطول حرب لها في الخارج، رغم التأكيد على أن صفقة تبادل الأسرى بين الحكومة الأفغانية والحركة تعدّ فرصة تاريخية تقف كابول على أعتابها من أجل تحقيق سلام دائم في البلاد.
كابول – بدأ الجيش الأميركي الثلاثاء الانسحاب من قاعدتين في أفغانستان في إطار تطبيق المرحلة الأولى من اتفاق وصفه متابعون بأنه “غير مكتمل المعالم” وقّعته الولايات المتحدة مع حركة طالبان قبل أيام.
واستكمالا للخطوة، التي يعتقد محللون أنها مهمة، قامت الحكومة الأفغانية بإتمام صفقة تبادل أسرى مع طالبان.
وجاء التحرّك بعد ساعات من إعلان مصادر دبلوماسية أن الولايات المتحدة دعت إلى التصويت في مجلس الأمن على مشروع قرار يؤيد اتفاقها مع طالبان.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول أميركي، طلب عدم الكشف عن هويته، قوله إن “القاعدتين، التي انسحب منها الجنود الأميركيون تقعان في لشكر كاه عاصمة ولايتي هلمند وهرات”.
وبموجب الاتفاق، ينبغي أن يخفض عدد الجنود الأميركيين من 13 ألفا إلى 8600 جندي بحلول منتصف يوليو. وسيتوجّب إخلاء 5 قواعد من أصل 20.
لكنّ الناطق باسم القوات الأميركية في أفغانستان سوني ليغيت أعلن الاثنين الماضي، أن القوات ستحتفظ “بكل الإمكانات لتحقيق أهدافها”.
وكان الناطق باسم حاكم ولاية هلمند عمر زواك قد أعلن أن ما بين “20 إلى 30 جنديا أجنبيا فقط غادروا لشكر كاه منذ نهاية الأسبوع الماضي”.
وتعهدت واشنطن الراغبة في إنهاء أطول حرب في تاريخها، في إطار اتفاق الدوحة المُبرم في الـ29 من فبراير الماضي، بسحب كامل القوات الأجنبية من أفغانستان بحلول 14 شهرا إذا احترمت طالبان تعهداتها الأمنية”.
وبموجب الاتفاق نفسه، ينبغي على طالبان المشاركة في محادثات حول مستقبل البلاد مع وفد يضمّ ممثلين عن الحكومة، التي لا تعترف بها الحركة.
إلا أن الحوار الأفغاني، الذي كان يفترض أن يبدأ الثلاثاء يصطدم بعائق كبير. فالرئيس أشرف غني يعترض على أحد البنود الرئيسية في الاتفاق يتعلّق بالإفراج عن 5 آلاف سجين من الحركة في مقابل ألف جندي أفغاني.
طالبان تشعر بالقلق من احتمالات تراجع نفوذها إذا ما أوقفت هجماتها المسلحة بعد الاتفاق مع واشنطن
وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أعلن مصير سجناء طالبان، وعن تشكيل وفد وطني للمفاوضات بين الأطراف الأفغانية، لكن لم يصدر أي شيء بعدُ من جانب كابول.
وجعلت طالبان من تبادل الأسرى شرطا مسبقا لبدء الحوار مع السلطات، التي تعلّق أمالا عريضة عليه كخطوة نحو نزع فتيل الحرب مع الحركة المتشددة.
وغرّد سهيل شاهين الناطق باسم حركة طالبان على حسابه في تويتر يقول “لقد رفعنا إلى الجانب الأميركي قائمة مفصلة تضم أسماء خمسة آلاف شخص”.
وأوضح أن الأسرى يجب أن يسلّموا إلى الحركة التي ستقوم عندها بعملية تحقق، وينبغي أن يكونوا الأشخاص الواردة أسماؤهم في القائمة.
ولم يتضح بعد عدد السجناء الذين سيطلق سراحهم على الفور، لكن مصادر قالت لوكالة رويترز إنه قد يتراوح بين ألف و1800 سجين. ولم يتضح أيضا إذا كان الإفراج يقتصر على سجناء باغرام أم سيشمل نزلاء سجون أخرى.
وقال قائد بارز لطالبان في الدوحة لرويترز إن “العربات اُرسلت إلى منطقة قريبة من سجن باغرام لإعادة المقاتلين المُفرج عنهم”.
وتبدو السلطات في حالة تشرذم قصوى، فقد أعلن كل من أشرف غني الفائز بالانتخابات الرئاسية في سبتمبر الماضي وخصمه عبدالله عبدالله الذي يؤكد فوزه أيضا، نفسيهما رئيسين ما أغرق البلاد في أزمة دستورية.
ويخشى من أن تؤدي الخلافات إلى إضعاف الحكومة وجعلها عاجزة عن مواجهة طالبان، التي قد يزداد نفوذها مع الانسحاب التدريجي للقوات الأميركية.
وتعتبر هلمند حيث بدأ الانسحاب الأميركي، معقلا كبيرا للمتمردين كانت فيه القوات الأميركية والبريطانية عرضة للكثير من الهجمات خلال 18 عاما.
وبدأت الحركة، التي تعتبر الاتفاق “انتصارا”، تتحدى واشنطن على حماية شركائها الأفغان عبر العشرات من الهجمات منذ توقيع اتفاق الدوحة.
ففي الثالث من مارس الجاري شنّ الجيش الأميركي غارة جوية على مواقع لطالبان هي الأولى منذ توقيع الاتفاق بعدما هاجم المتمردون القوات الأفغانية في هلمند 43 مرة في يوم واحد.
ويبدو أن وقف طالبان للهجمات لم تدرج في الاتفاق، إذ تزامن حفل تنصيب غني بهجوم يرى خبراء أن الحركة تهدف من ورائه إلى تحقيق المزيد من الامتيازات قبيل بدء المحادثات مع كابول.
واعتبر السياسي الأفغاني أحمد سيدي أنه من الطبيعي لطالبان أن تزيد هجماتها المسلحة، “لإظهار قوتها”.
وقال إن “طالبان تشعر بالقلق من احتمالات تراجع نفوذها في البلاد، إذا ما أوقفت هجماتها بعد اتفاق السلام”.