واشنطن تئد مشروع غاز شرق المتوسط قبل أن ينطلق

الولايات المتحدة تحسم الجدل: خط الغاز لشرق المتوسط باهظ التكلفة وغير مجد.
الجمعة 2022/04/08
"إيست ميد" لا يعوض الغاز الروسي

نيقوسيا - قالت فيكتوريا نولاند وكيلة وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية إن أوروبا في حاجة إلى أن تجد بشكل عاجل مصادر بديلة للطاقة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، لكن خط الأنابيب "إيست ميد" المقترح لنقل الغاز من منطقة شرق البحر المتوسط إلى أوروبا عبر إسرائيل وقبرص واليونان غير مجد ويستغرق إنشاؤه وقتا طويلا.

ويأتي هذا الموقف ليحسم الجدل الدائر حول مدى فاعلية هذا الخط، خاصة أن الدول الثلاث كانت تراهن عليه لاعتبارات سياسية أكثر من تفكيرها في جدواه الاقتصادية العاجلة؛ فقد ظهر هذا المشروع في خضم التوتر الشديد بين قبرص واليونان من جهة وتركيا من جهة ثانية، التي بادرت بالتنقيب عن الغاز في مناطق مثار خلاف وبطريقة يطغى عليها استعراض القوة.

وأضافت نولاند أن "الفكرة هي إنشاء خط أنابيب طويل جدا في مياه شديدة العمق على مدى أكثر من عشرة أعوام، ونعتقد أنه باهظ التكلفة وغير مجد اقتصاديا وسيستغرق وقتا طويلا جدا".

وقالت للصحافيين في العاصمة القبرصية نيقوسيا "ليس بوسعنا انتظار عشرة أعوام".

إنشاء خط أنابيب طويل جدّا في مياه شديدة العمق على مدى أكثر من عشرة أعوام مكلف ماليا وغير مجد اقتصاديا

ويرى خبراء أن الولايات المتحدة نظرت إلى خط الغاز من جانب عدم قدرته على تعويض جزء من الغاز الروسي، وكذلك الصعوبات التي تعترض مهمة إنشائه والوقت الذي سيستغرقه ليكون جاهزا لنقل الغاز، وأنها لم تتأثر بالجدل المثار حول ظروف تشكيله والأجندة السياسية التي تقف وراء التحمّس له، بالرغم من أن الكثيرين رأوا في هذا الموقف انحيازا إلى تركيا.

وفيما يقول المشرفون على المشروع إن تكلفته تتراوح بين 10 و12 مليار دولار، يقرّ الخبراء بأن التكلفة لن تقل عن 20 مليار دولار.

وفي تصريحات سابقة لوكالة سبوتنيك الروسية شكك خبير الطاقة اليوناني إيوانيس ميشاليتوش في إمكانية تنفيذ المشروع.

وقال ميشاليتوش "حتى لو تم تنفيذ المشروع بالكامل، فإن حجم الغاز إلى أوروبا هو نحو 10 مليارات متر مكعب، وهو من حيث النسبة المئوية يشكل ما بين 1.5 و2 في المئة من احتياجات الاتحاد الأوروبي، وهو أقل بعشر مرات على الأقل من إمدادات الغاز الروسي".

وأعلنت إدارة الرئيس جو بايدن في التاسع من يناير الماضي أنها لم تعد تدعم خط أنابيب "إيست ميد"، وذلك في تراجع حاد عن السياسة الأميركية السابقة.

وذكرت مجلة "ميليتاير" العسكرية اليونانية في تقرير "أن الولايات المتحدة أبلغت اليونان وتركيا وإسرائيل بأنها لن تدعم مشروع ‘إيست ميد’ سياسيا وماليا".

Thumbnail

وقال التقرير -الذي ورد تحت عنوان "إيست ميد: انتهى.. الولايات المتحدة تغير البيانات في شرق المتوسط وتضع حدا لمشروع خط الأنابيب”- إن “السياسة التركية انتصرت وننتظر عواقب ذلك”.

وتابع "ما يثير الدهشة ليس فشل المشروع الذي واجه منذ البداية مشاكل مالية، بل ما تشير إليه واشنطن من أن المشروع (خط أنابيب إيست ميد) مصدر توتر في شرق المتوسط، إضافة إلى المعيقات الاقتصادية والتجارية".

وسحبت إدارة بايدن فجأة الدعم الأميركي لخط أنابيب شرق البحر المتوسط الذي يهدف إلى نقل الغاز الطبيعي من إسرائيل إلى الأسواق الأوروبية. وقال البيت الأبيض إن المشروع يتعارض مع "أهدافه المناخية".

ومع ذلك لا يستبعد مراقبون أن توظف الولايات المتحدة موقفها من المشروع، القائم على عدم جدواه، كرسالة لجسر الهوة بينها وبين تركيا التي تريد التقرّب منها بأي ثمن.

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الخميس إن نظيره الأميركي أنتوني بلينكن دعاه إلى زيارة واشنطن لإجراء محادثات في الثامن عشر من مايو القادم ، عقب بدْء البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي هذا الأسبوع مسعى لتحسين العلاقات وتعزيزها بعد أن توترت منذ فترة طويلة.

Thumbnail

وزاد التركيز على حاجة أوروبا إلى تنويع مصادر الغاز بعيدا عن روسيا بسبب غزوها أوكرانيا. ويعتزم الاتحاد الأوروبي خفض اعتماده على الغاز الروسي بمقدار الثلثين هذا العام وإنهاء كافة واردات الوقود الروسية بحلول 2027.

وفي يناير 2020 وقعت إسرائيل واليونان وقبرص، بدعم قوي من إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الاتفاق الحكومي الدولي لمشروع “إيست ميد” الذي يبتغي التوصل إلى قرار استثماري نهائي بحلول عام 2022 واستكمال خط الأنابيب بحلول عام 2025.

وقال وزير الخارجية الأميركي آنذاك مايك بومبيو “نحن دول حرة، دول السوق الحرة، نعمل معا ونعمل على إنشاء بنى تحتية للطاقة. وإذا قمنا بذلك بشكل صحيح فسوف نجذب الاستثمارات ونزيد هذه الموارد إلى أقصى حد”.

وفي نوفمبر 2021 أدرجت المفوضية الأوروبية خط أنابيب “إيست ميد” في قائمتها لما يسمى “مشاريع المصالح المشتركة”، وهي مشاريع الطاقة ذات الأولوية عبر الحدود والتي تهدف إلى دمج البنية التحتية للطاقة في الاتحاد الأوروبي.

1