واشنطن تؤكد انخراط إيران في دبلوماسية اغتيال المنشقين

أعطت الأدلة الأميركية حول انخراط إيران في دبلوماسية اغتيالات معارضيها بعد قتل منشق عن النظام في تركيا قبل أشهر، بعدا إضافيا لمضي إدارة الرئيس دونالد ترامب قدما في سياسة الضغط على طهران، وسط ترجيح المراقبين بتشديد العقوبات أكثر بسبب ما يعتبره كثيرون تصرفات لا مسؤولة تنم عن عدائية لتكميم أفواه المعارضين.
واشنطن – سارعت الولايات المتحدة إلى تأكيد الرواية التركية، التي بدت مقنعة بالنسبة لدوائر صنع القرار الأميركي بشأن قتل معارض إيراني في مدينة إسنطبول أواخر العام الماضي، والتي تأتي في سياق ملاحقة طهران للمنشقين عن النظام.
وأكد مسؤول كبير بإدارة الرئيس دونالد ترامب أن بلاده تعتقد أن وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية ضالعة بشكل مباشر في اغتيال سعيد مولوي وردنجاني في نوفمبر الماضي بتركيا.
ويرجح مراقبون أن تجعل واشنطن هذه القضية، التي تنضاف إلى سجل طويل من الاغتيالات التي تمارسها طهران في الخارج، ورقة إضافية بيد ترامب للضغط بشكل أكبر على طهران، والتي تواجه أزمات داخلية في ظل العقوبات الأميركية الخانقة على اقتصادها زاد من وطأتها وباء كورونا.
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في تغريدة على حسابه في تويتر إن “التقارير التي تتحدث عن تورط دبلوماسيين إيرانيين في اغتيال معارض للنظام الإيراني في تركيا، مقلقة، لكنها تتسق مع مهام أولئك الموظفين”.
وأضاف أن “الدبلوماسيين الإيرانيين عملاء إرهاب، وقد ارتكبوا اغتيالات وتفجيرات عديدة في أوروبا في العقد الماضي”.
وهذا أول رد رسمي من واشنطن تعليقا على تقارير للاستخبارات الأميركية أفادت بتورط دبلوماسيين إيرانيين بعملية اغتيال وردنجاني.
ولم تتهم أنقرة علانية حليفتها بالمسؤولية عن الجريمة وقتها، لكن المسؤولين الأتراك قالوا إن بلادهم ستثير مسألة اغتيال وردنجاني مع طهران.
ويأتي التقييم الأميركي وسط حملتها الرامية لممارسة “الضغط الأقصى” على طهران والتي يهدف ترامب من خلالها إلى أن يجبر إيران على الحد من برنامجها الصاروخي ومن استخدام قوات بالوكالة في العراق واليمن ولبنان.
وقتل وردنجاني نتيجة إطلاق النار عليه بمنطقة شيشلي في إسطنبول. وقد اعتقلت السلطات التركية 11 شخصا ووجهت لهم تهمة القتل، وبعد عرضهم على المحكمة قررت الإبقاء على 7 منهم على ذمة التحقيقات وإطلاق سراح مشروط على البقية.
ونقلت رويترز الأسبوع الماضي عن مسؤولين أتراك قولهم إن ضابطي مخابرات في القنصلية الإيرانية بإسطنبول حرضا على اغتياله لأنه كان ينتقد القادة العسكريين والسياسيين في إيران.
وذكر تقرير للشرطة التركية نشر قبل نحو أسبوعين أن وردنجاني كان يعمل في الأمن الإلكتروني بوزارة الدفاع الإيرانية وتحول إلى منتقد قوي للسلطات الإيرانية.
وأشار التقرير إلى أن المنشق الإيراني نشر رسالة على وسائل التواصل الاجتماعي تنتقد الحرس الثوري الإيراني في أغسطس قبل ثلاثة أشهر من قتله.
وقالت الرسالة “سوف أجتث قادة المافيا الفاسدين”. وأضافت “ادعوا الله ألا يقتلوني قبل أن أفعل ذلك”.
ولم تعلق السفارة أو القنصلية الإيرانية في تركيا عن الحادثة، بينما اكتفت متحدثة باسم شرطة إسطنبول بالقول إن “التحقيق مستمر”.
ولم تتهم أنقرة جارتها إيران علنا بالضلوع في قتل وردنجاني، لكن المسؤولين التركيين الكبيرين قالا إن الحكومة ستتحدث مع إيران بشأن مقتله. وقال أحدهما إن ممثلي الادعاء الأتراك يتابعون القضية أيضا.
وكشف أحد المسؤولين الأتراك أن المسلح المشتبه به وعددا آخر من المشتبه بهم، ومن بينهم أتراك وإيرانيون اعتقلوا في الأسابيع التي أعقبت الحادث، أبلغوا السلطات أنهم تصرفوا بأوامر ضابطي مخابرات في القنصلية الإيرانية.
وذكر المسؤول الآخر أن الأدلة التي شملت روايات المشتبه بهم تشير إلى أن “إيرانيين لعبوا دورا خطيرا في التحريض والتنسيق” في عملية القتل.
وقال المسؤولان إن أنقرة ستقدم لإيران قريبا ردا رسميا بخصوص مقتل وردنجاني والدور الذي قام به مسؤولون يحملون جوازات سفر دبلوماسية.
وتزعم طهران أن وردنجاني تحدى تحذيرا من الحرس الثوري بعدم التعاون مع شركات تركية في مشروعات متعلقة بالطائرات المسيرة، مشيرة إلى أنه اتصل أيضا بالولايات المتحدة ودول أوروبية للعمل معها.
وأوضح مصدران أمنيان إيرانيان أن وردنجاني نشر وثائق على الإنترنت مفادها أنه نفذ عملية تسلل إلكتروني أو حصل على معلومات من معارف له في إيران وأنه تجاهل طلبات الاتصال بالسفارة الإيرانية في أنقرة والتقى مع أميركيين ودبلوماسي إسرائيلي.
وقال المسؤولان التركيان إن الذي كان يمشي مع وردنجاني خلال عملية اغتياله ويدعى علي اسفنجاني أقام صداقة معه بعد وصوله إلى إسطنبول قادما من طهران في يونيو 2018 ونقل معلومات عنه إلى المخابرات الإيرانية.