واتساب يفتح ذراعيه للمعلنين ناكثا بوعوده للمستخدمين

المستخدمون يعبرون عن ضيقهم من تحديث واتساب الذي سيدمر فكرة الخصوصية، ودعوات إلى مقاطعة المنصة.
الخميس 2019/01/03
إغراء الإعلانات أقوى من الوعود

ستبدأ شركة واتساب المملوكة لعملاق التواصل الاجتماعي فيسبوك بجني ثمار الإعلانات على التطبيق الذي يضم مليارا ونصف مليار مستخدم، وتبدو الإيرادات المتوقعة من هذه الخطوة كبيرة تستحق التضحية بوعودها للمستخدمين بإبقاء التطبيق بعيدا عن المعلنين.

نيويورك - يبدأ العد التنازلي لطرح التحديث الجديد من تطبيق واتساب الأشهر في العالم، الذي يمثل انقلابا على وعوده بعدم إتاحة المنصة للمعلنين، وتكون هذه الخطوة بداية لتحقيق المكاسب المالية.

وذكرت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية أن خطة واتساب تعود إلى 2014، أي حين اشترى عملاق التواصل الاجتماعي فيسبوك التطبيق، لكن الخطة كانت تقابل برفض متواصل من مؤسسي التطبيق.

وقال كريس دانيلز، نائب رئيس شركة واتساب، إن الإعلانات ستظهر عما قريب في قسم “حالة” (Status) بمنصة التراسل، مشيرا إلى أن تلك هي الوسيلة الوحيدة كي يتمكن واتساب من تحقيق أرباح.

وأوضح أن إطلاق الإعلانات سيسمح للشركات بأن تصل إلى المستخدمين، لكنّ مالكي التطبيق الأوائل أعربوا عن استياء عارم من هذا الأمر.

وتبقى “حالة واتساب” لمدة 24 ساعة ثم تزول بشكل تلقائي، على غرار “الحالة” في منصات أخرى مثل فيسبوك وإنستغرام.

وأضاف دانيلز أن واتساب سيلتزم بتطبيق وضع “الإعلانات” في قسم “الحالة” فقط.

وكان الأميركي بريان أكتون والأوكراني جون كوم أسسا واتساب عام 2009 قبل أن يقوما ببيعه لفيسبوك في عام 2014 بنحو 19 مليار دولار أميركي.

شركة فيسبوك المالكة لخدمة واتساب بدأت تعاني من التخمة لإدراج إعلانات جديدة في شبكتها

وقال أكتون، إنه غير سعيد بعدما سمع خبر إدخال الإعلانات إلى التطبيق، مؤكدا أنه لا يتفق مع هذه الخطوة.

وأضاف أنه يشعر كما لو أنه باع المستخدمين وضحى بخصوصياتهم بالنظر إلى ما سيتعرضون له من إزعاج بسبب الإعلانات المتوالية للشركات.

وأعرب مستخدمون عن غضبهم إزاء القرار الجديد لواتساب وضيقهم بذلك التحديث الذي سيدمر فكرة الخصوصية، ودعا بعضهم إلى مقاطعة المنصة التي وعدت عام 2012 بعدم إطلاق الإعلانات. وأشار المسؤول إلى أن تلك هي الوسيلة الوحيدة كي يتمكن واتساب من تحقيق مصدر دخل أساسي، كما أنها ستكون فرصة لوصول الشركات إلى الأشخاص المستهدفة.

وتجني فيسبوك المالكة لخدمة واتساب غالبية عائداتها من الإعلانات، لكنها بدأت تعاني من التخمة لإدراج إعلانات جديدة في شبكتها، لذا تبحث عن فسحة جديدة للمنشورات الترويجية في تطبيقي ماسنجر وواتساب خصوصا.

وواتساب هو تطبيق الدردشة الأكثر شعبية في العالم؛ إذ يلجأ إليه أكثر من 1.5 مليار مستخدم كل شهر، لذلك ستكون عائدات الإعلانات مجزية للشركة.

وسرَت شائعات في وقت سابق من العام 2018، أن مغادرة يان كوم، أحد مؤسسي واتساب من مجلس إدارة فيسبوك، كانت بسبب الدور الذي ستؤديه الإعلانات في مستقبل واتساب. وذلك بعد أسابيع من نشر بريان أكتون، الرجل الذي شارك كوم في تأسيس واتساب، رسالة مشفرة على تويتر. وكتب على حسابه بموقع تويتر “لقد حان الوقت.. احذفوا فيسبوك #deleteFacebook.

وتبعا لتقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست الاثنين، فإن كوم “تشاجر مع الشركة الأم فيسبوك حول استراتيجية واتساب”.

وفي مقابلة حصرية مع مجلة “فوربس” الأميركية، كشف أكتون أنه ترك فيسبوك بسبب خلاف حول الكيفية التي تستطيع شركة فيسبوك من خلالها تحقيق أرباح من واتساب.

وقال أكتون، البالغ من العمر 42 عاما، إن مارك زوكربيرغ، مؤسس موقع فيسبوك، ومديرين تنفيذيين آخرين، أرادوا إرسال إعلانات مستهدفة للمستخدمين. لكن أكتون لم يوافق على هذا النهج، بعد أن ظل واتساب يفخر لسنوات عديدة بأنه خال من الإعلانات.

وأضاف “في نهاية المطاف، لقد بعت شركتي. لقد بعت خصوصية مستخدمي التطبيق لتحقيق فائدة أكبر. أنا اخترت هذا، وعليَّ أن أتحمل نتيجة اختياري”.

وصرح بأن فيسبوك تريد أيضا بيع أدوات للشركات للتواصل مع مستخدمي واتساب، وهو أمر لم يوافق عليه أيضا. وأوضح “الإعلانات المستهدفة تشعرني بالاستياء”.

وزعم أكتون أنه في عام 2014، عندما استحوذت فيسبوك على واتساب، أخبر فيسبوك، كوم وأكتون أنه لن يضغط لتحقيق أرباح خلال السنوات الخمس القادمة.

وقد أفادت فوربس بأن عملية تحقيق الأرباح ستبدأ العام 2019.

واتساب سيلتزم بتطبيق وضع “الإعلانات” في قسم “الحالة” فقط
واتساب سيلتزم بتطبيق وضع “الإعلانات” في قسم “الحالة” فقط

وتشرح إحدى التدوينات التي كتبها كوم على موقع واتساب الإلكتروني، الأسباب التي من أجلها أراد المؤسسون الاحتفاظ به دون إعلانات، وقال “هذه الشركات تعرف في الواقع كل شيء عنك وعن أصدقائك واهتماماتك، وتستخدمها كلها لبيع الإعلانات. عندما جلسنا لبدء عملنا قبل 3 سنوات، أردنا أن نصمّم شيئا لا يكون مجرد منفذ إعلاني آخر. أردنا أن نقضي وقتنا في بناء خدمة يريد الناس استخدامها؛ لأنها تعمل وتوفر لهم المال وتجعل حياتهم أفضل”.

وأضاف كوم “كنا نعلم أننا يمكن أن نكلف الناس تكلفة الخدمة مباشرة إذا استطعنا تحقيق كل هذه الأشياء. لقد أدركنا أنه يمكننا فعل ما يهدف معظم الأشخاص إلى فعله يوميا: تجنب الإعلانات. لا يستيقظ أي شخص وهو ممتلئ حماسة لرؤية المزيد من الإعلانات، ولا يذهب أحد إلى فراشه وهو يفكر في الإعلانات التي سيشاهدها غدا”.

وتابع قائلا “نحن نعلم أن الناس يذهبون للنوم وهم متحمسون بشأن من تحدثوا معه في ذلك اليوم (أو محبطون بشأن من لم يتحدث معهم). نريد أن يكون واتساب هو المنتج الذي يبقيك مستيقظا.. وأن تتطلع إلى استخدامه في الصباح. لا أحد يقفز من غفوة ويركض لرؤية إعلان”.

وأظهرت دراسة سابقة لمؤسسة “ديجيتال نيوز ريبورت”، أن تطبيق واتساب هو واحد من أكثر الوسائل السائدة للاطلاع على الأخبار ومناقشتها، غير أن استخدام تطبيق المراسلات الفورية بدا متباينا بدرجة كبيرة بين الدول.

وذكرت الدراسة أن تبادل الأخبار ومناقشة تفاصيلها كانا أكثر ما تناوله مستخدمو تطبيقات المراسلات الفورية، لا سيما واتساب. ويعتبر واتساب الآن هو ثاني أكبر منصات التواصل الاجتماعي انتشارا في الحصول على الأخبار في تسع دول من بين 36 موقعا، وثالث أكبر منصة شيوعا في خمس دول أخرى.

وقال معدو الدراسة إن هناك عدة أسباب لارتفاع شعبية واتساب، منها خاصية التشفير الكلي للرسائل، ما يعني أنه لا يتمكن من رؤية الرسائل سوى مرسلها ومستقبلها، وهو ما يوفر حماية تامة للمستخدمين من مراقبة السلطات.

وقال نيك نيومان، أحد معدي الدراسة، “كانت تركيا من بين أكثر الأماكن التي شهدت اتساعا في انتشار واتساب، إذ يعد التعبير عن التوجهات المناهضة للحكومة على الشبكات المفتوحة، مثل فيسبوك، أمرا محفوفا بالمخاطر”.

وأضاف “نتيجة لذلك، يستخدم الناس مجموعات مغلقة، حيث يمكنهم الشعور بقدر أكبر من الثقة في التعبير عن آرائهم”.

19