وائل شوقي يمثل مصر في بينالي البندقية بـ"دراما 1882"

إقبال جماهيري مكثف على جناح مصر في بينالي فينيسيا للفنون 2024.
الاثنين 2024/04/22
استعادة لمرحلة مهمة من تاريخ مصر الحديث

تشارك مصر هذا العام في بينالي فينيسيا الدولي للفنون بجناح خاص، أشرف على تأثيثه الفنان وائل شوقي، الذي اختار أن يأخذ جمهور الفن المعاصر في رحلة إلى أعماق التاريخ المصري، وتحديدا إلى ثورة عرابي (1879 – 1882) والتدخل الأجنبي في مصر.

فينيسيا (إيطاليا) - شهد جناح مصر في “بينالي فينيسيا الدولي للفنون” الذي يعرف أيضا باسم بينالي البندقية، والذي انطلقت فعاليات نسخته الستين السبت، إقبالًا جماهيريًا مكثفا. وحظي العمل الفني “دراما 1882” للفنان وائل شوقي، والذي يمثل مصر في البينالي، باهتمام الجمهور ونال استحسان النقاد خلال العروض الخاصة بالفنانين والنقاد، واعتبرته بعض الصحف والمواقع الإخبارية الإيطالية منافسًا قويًا يطمح إلى حصد جائزة البينالي هذا العام.

وعن عمله قال الفنان وائل شوقي “يأتي ‘دراما 1882’ نتاج خبرات وتراكمات استمرت لنحو 30 عاما حاولت خلالها إعادة تعريف الحدود الفاصلة بين الفيلم والعرض الأدائي والبحث والعمل التركيبي، وذلك من خلال أعمال مركبة توظف الممثلين والمنحوتات والرسومات وفنون الدُمى، لرواية قصة تعكس رؤية مختلفة عن التاريخ انطلاقا من افتراض أن التاريخ ليس سجلا لحقائق لا جدال فيها، بل هو روايات ذائعة  لتسلسلات وتصورات ذاتية”.

شوقي ينتج أعماله التي يستكشف فيها التاريخ والدين والثقافة
شوقي ينتج أعماله التي يستكشف فيها التاريخ والدين والثقافة

وتابع شوقي “يجسد العمل لحظة تاريخية محددة في نهاية ثورة عرابي في مصر عام 1882، كانتفاضة قومية حارب فيها الضابط أحمد عرابي للإطاحة بالحاكم المصري، الخديوي توفيق باشا، بهدف إنهاء النفوذ المتزايد الذي تمارسه بريطانيا وفرنسا على البلاد، والعديد من الأحداث المرتبطة بهذه الحقبة، حيث يستكشف الفيلم حالة عدم اليقين في هذا الوقت، من خلال نسج الحقيقة والخرافة والخيال معًا”.

ويتكون فريق عمل إنتاج الفيلم من قرابة 400 شخص، وتم تصويره في مسرح تاريخي في الهواء الطلق في الإسكندرية، وموضوع هذا الفيلم يجعله مثاليًا لـلعرض في بينالي البندقية لعام 2024، حيث يعتبر العمل “مسرحية موثقة”، وأوضح شوقي أنه ركز خلاله على نقاط الالتقاء بين المنطقة العربية وأوروبا، فإن عدم اليقين الهائل يفسح المجال لإمكانية فنية، وينبع ذلك من وضع عرابي -الذي شوهه البريطانيون لاحقًا- كبطل قومي، إلى حالة الفهم الأساسي لما حدث في هذا الصدد.

ثورة عرابي التي يتطرق إليها عمل الفنان كانت انتفاضة قومية حارب فيها أحمد عرابي لإسقاط الخديوي توفيق باشا، حاكم مصر وإنهاء نفوذ بريطانيا وفرنسا. استمرت هذه الثورة من عام 1879 حتى عام 1882، وانتهت بسيطرة البريطانيين على مصر، وفي السنة الأخيرة من هذه الاضطرابات انتشرت أعمال الشغب في جميع أنحاء الإسكندرية، ما أسفر عن مقتل 250 مصريًا و50 أوروبيًا. وتعد الظروف التي أدت إلى موجة العنف هذه نوعا من الغموض التاريخي، حيث يُعتقد أن أعمال العنف في الإسكندرية اندلعت بعد مشاجرة بين رجل مالطي وصبي مصري حول أجرة ركوب حمار.

ويعرف الفنان وائل شوقي المولود في عام 1971 بأنه فنان يستخدم طيفا واسعا من الوسائط لكي ينتج أعماله التي يستكشف فيها قضايا التاريخ والدين والثقافة وتأثيرات العولمة على المجتمعات المعاصرة.

غغ

وقد ركز الفنان منذ ما يعرف بثورات الربيع العربي على محاولة استكشاف الأحداث المفصليّة في الثقافة والدين والسياسة، وخصوصا تلك الأحداث التي تمس المنطقة العربية وتؤثر فيها تأثيرا كبيرا.

في الصور الفوتوغرافية والتجهيزات وأعمال الفيديو والعروض الأدائية التي يقدمها، يبدي عنايته بالترفيه والأداء من خلال عمليات إعادة بناء تاريخية متعددة الطبقات، تقود المشاهدين إلى الغوص في مجالات الحقيقة والخرافة والأفكار المسبقة والكليشيهات.

أقام شوقي معارض فردية في غاليريهات سيربنتاين، لندن، المملكة المتحدة (2013 – 2014)، ومتحف هامر، لوس أنجلس، الولايات المتحدة (2013)، ومعهد كاي دبليو للفن المعاصر، برلين، ألمانيا (2012)، ومتحف نوتنغهام المعاصر، المملكة المتحدة (2011)، وغاليري والكر للفنون، ليفربول، المملكة المتحدة (2011)، وسيتادل آرت – فوندازيون بيستوليتو، بييلا، إيطاليا (2010)، بالإضافة إلى أماكن أخرى. بين مشاركاته الجماعية الأخيرة: دوكيومنتا 13، كاسل، ألمانيا (2012)، وبينالي إسطنبول، تركيا (2011). في 2011 تلقى جائزة “مؤسسة شيرينغ للفنون” وجائزة أبراج كابيتال.

"دراما 1882" عمل يحاول من خلاله الفنان إعادة تعريف الحدود الفاصلة بين الفيلم والعرض الأدائي والبحث والعمل التركيبي
"دراما 1882" عمل يحاول من خلاله الفنان إعادة تعريف الحدود الفاصلة بين الفيلم والعرض الأدائي والبحث والعمل التركيبي

وتتضمن مشاركات شوقي في برامج الإقامة برنامج الشاهد في مؤسسة الشارقة للفنون ومشروع طريق إدغوار في سيربنتاين. كما أسس “ماس الإسكندرية”عام 2010، وهو أستوديو مستقل لتعليم الفنانين الشباب في الإسكندرية.

والجدير بالذكر أن بينالي فينيسيا للفنون يُعد أهم حدث دولي يعمل كمنصة لعرض أعمال فنانين أجانب من جميع أنحاء العالم، وتركز نسخة هذا العام على الفنانين الأجانب والمهاجرين، وخاصة أولئك الذين انتقلوا بين الجنوب العالمي والشمال العالمي، وكذلك على إنتاج موضوعات أخرى ذات صلة بالموضوع الأساسي، مثل “الألوان الفنية الغريبة في مختلف الجنسيات والأجناس”.

يضم المعرض الدولي للبينالي مجموعة أعمال القرن العشرين في أميركا اللاتينية وأفريقيا والعالم العربي وآسيا، ويشهد تخصيص قسم لفناني الشتات الإيطالي في جميع أنحاء العالم في القرن العشرين.

ويرفع البينالي هذا العام شعارا يرتبط بالأوضاع المأساوية حول العالم، هو “غرباء في كل مكان”، أو كما عربه البعض “أجانب في كل مكان”، وفيه إحالة إلى حركات الهجرة والنزوح الكبرى التي تجتاح العالم، إلى جانب الأزمة الاقتصادية العالمية والتحديات المعيشية التي ضاعفت الشعور بالغربة داخل الأوطان. ويشارك فيه 331 فنانا. بالإضافة إلى ذلك، تشارك أكثر من 80 دولة بأعمال في معرض بينالي بإسهاماتها الوطنية.

14